المقالة

صَحّة وَجه..

11 سبتمبر.. من أعمال التشكيلي صلاح بالحاج

يطيب لنا تبرير النجاح في السياسة بجملة (تشرشل) الشهيرة والتي أصبح الاستدلال بها مُكرراً ومملاً: “ليس هناك صديق دائم أو عدو دائم، هناك مصالح دائمة”.

اللورد (تشرشل) يقصد هنا مصالح بلده العُليا، أمّا نحن فعادة ما يكون قصدنا مصلحة شخصيّة!

محليّاً لا يتطلب الأمر كُلّ ذلك التعقيد، إذ أنّ امتلاك صِفَة “صحّة الوجه” هي شرطٌ أساسي للنجاح.. يطيب لنا أيضاً أن نُلصق هذه الصِفة بغيرنا وكأننا مُحصنين ضدها، لكن بشيء من العَقل والعَدل والحقّ، وجدتُ نفسي أمتلكُ قدراً لا بأس به منها!!

تأمّلوا معي…

فبعدَ عامٍ على مجازر لم يشهدها التاريخ ذهب ضحيتها أكثر من عشرين ألف طفل، جلستُ -دون خجل- أمام شاشة ملونة استمتع بمباريات الدوري الإنجليزي يزينها صوت (الشوالي) و (درّاجي) وبعضاً من دموع (أبوتريكة) الساخنة..

للتاريخ فقد خجلتُ قليلاً حينما رأيتُ عواصم العالم (الغربي) وقد ظهر بعضاً من الأحرار منهم في مظاهرات رفضاً لهذا التوحش غير المسبوق، لكن دعوة صديق لتناول (كابتشينو) و(بريوش) بالنوتيلا في كافي روما منعتني من التفكير في الظهور ولو في مظاهرة فرديّة..

زاد خجلي وأحمّر جزءاً واحداً من وجهي عندما رأيتُ أسراً كاملةً وقد تحولت الى أشلاء توزن بالكيلوجرامات لأجل دفنها، وتعجبتُ -كثيراً- كيف لا يبكي (وائل الدحدوح) وهو يدفن بيديه أسرته واحداً تلو الآخر.

مثلما انتظرت مع قطعة (بيتسا) لذيذة نتيجة قصف مبنىً بخمسة وثمانين ألف كيلو من المتفجرات، وكأنّ من بالمبنى رجالٌ آليون لا بشر من كوكب (كربيتونيت) الأخضر.

حاولت كتابة شئ بالمناسبة، لكّنني تذكرت في اللحظة الأخيرة أن السيّد (زوكربيرج) قد وضع العَسس في كل زاوية، وعملتُ بنصيحة الأولين والأخرين: اللي ما يدير شيء ما يجيه شيء..

استعضتُ عن ذلك بكتابة برسالة تهنئة بنجاح ابن صديق تحصّل على نسبة % 105 .

حمدتُ الله كثيراً فما زلتُ استمتع بأكلة شهيّة، وأضحك لمقالب الكاميرا الخفيّة القديمة، وأفرحُ لاستقالة رئيس اتحاد الكُرة، وخصم %7 من ضريبة الدولار، لكنني أيضاً حزنتُ لهزيمتنا أمام نيجريا في الدقيقة 86.!!

ولأنني متفائل بالطبيعة فلقد تيقّنتُ -أخيراً- بامتلاكي مهارة أساسية لصعود سُلّم النجاح السياسي وإمكانية أن اتبوأ أعلى المناصب، وليدوّن اسمي في سجّل الخالدين الذين فقدوا (عِرق جبهتهم) وعاشوا عقوداً دون حياء وحياة..

وذَلِكَ أضعفُ الإيمان…

مقالات ذات علاقة

الفل والياسمين

يونس شعبان الفنادي

الواقع الليبي وتداعياته على الأداء الأكاديمي

المشرف العام

شرفاء وخنافس

محمد عقيلة العمامي

اترك تعليق