المقالة

متعة الكتابة

(رصيف الكلمات) للدكتور عبدالقادر الفيتوري
(رصيف الكلمات) للدكتور عبدالقادر الفيتوري

مقدمة

هناك متعة في الكتابة أكثر مما هناك متعة في قراءتها، وجود جمهور يتقبل فكرة متابعة ما تكتب ضمن أشياء قد لا تشجع البعض على الاستمرار في الكتابة، وهكذا بطبيعة الحال وفي أكثر الأحيان، أنت في حاجة الى شريك يحفزك الى الكتابة، ورغبة في توافق الرؤى مع الآخر.

الكلمات كرقيق، هي سبي اقتنصته من وراء حملة مجحفلة في عالم الكتب وتجارب الحياة، تأمل وإعادة نظر لإنتاج رؤية، افراز لغصة اسيرة بين جوانحك، النفس كمحجر لمعادن، متنوعة بقدر روافدها الثقافية، تحترق لفضفضة، كأن تستقطع درر نفيسة من بين معادن خسيسة احتواها المحجر.

الكلمات سعال، وفي الفضفضة بكتابتها وصف لأسباب ذلك السعال، أكتب أي أسعل.

اكتب للحب عندما تكون طربا، وللحزن عندما تكون كليم، اكتب لأنك تحلم، او لأنك تأمل واليأس يحاصرك، اكتب للسماح للآخرين قراءة روائع بصماتك، اكتب أسرار لا يعرفها سواك، وعن اهوال مرت بك ونجوت منها، ذكريات زمن ولى، اكتب لأن لديك ما تود قوله للآخرين، لان لديك ما تقول مما لا يمكنه ان ينتظر، حالة مخاض وألم كاتب يتلوى، اكتب كلما شعرت بأن رحيق الكلم حرر القلم واللسان،  اكتب لا للمقايضة، وبلا توقعات لما بعد الولادة، ودون الحاجة للمعاملة بالمثل، اكتب الى لا أحد، ولا حتى لنفسك، اكتب شيء لتقوله وكأنه حجر مقطوع من داخل محجر بعيد القرار.

اكتب وان من باب الهدر، ولا تتقيد بنصحي، عن الحكومة مثلا، والاستبداد والوساطات والفقر والتهميش والفساد، اكتب بتجاسر أكثر، قد تكتب مقالا ويبدو لك وكأنه مرتكزا على عكازين، لا بأس، تبقى تجربة تراكمية تهيئ لكتابة مقال يقف على صلبه بلا عكاز،  ليس هناك عذاب أعظم من تحمل قصة مثيرة طمرت بداخلك.

هذا الكتاب يتحدث حول اطر الكتابة ونظم العبارة، مستعينا بترجمة لخلاصة حوارات يشاركها الكاتب على مواقع المشاع الابداعي، تتناول الحافز للكتابة، والاساليب المختلفة لنسج الرواية، والمقالة، وطرق اسر انتباه القارئ، او الاستيلاء على اهتمامه لمتابعة قراءة النص المكتوب، باعتماد تقنيات فعالة، بدءا من استهلالية النظم الى صدر المقال والخاتمة، موضوعات شتى وخلاصات لإجابات متعددة ومتفرقة كل يدلو بدلوه، حول اسئلة تطرح، مساهمة متواضعة ترنو الى الدفع بالكتاب الطموحين للاستمرار في الكتابة الابداعية.

في محاضرة شهير للبرفسور الدكتور جوردان بيترسون حملها رسالة الى الجامعات يقول:

“إن افضل طريقة لتعليم الناس التفكير النقدي هي تعليمهم كيفية الكتابة، وان اسمى مهمة هي تعليم الناس الكتابة، لأنه لا يوجد فرق بين التفكير والكتابة، واحد الاشياء التي لا افهمها حيال الجامعات، لا احد يخبر الطلاب لماذا يجب عليهم ان يكتبوا، يخبروهم فقط “عليكم ان تنجزوا هذا الواجب”، ولماذا نكتب؟ لأنكم تحتاجون الدرجات. وهذا خطأ فادح، لأنك تحتاج ان تتعلم كيف تفكر. لان التفكير يجعلك تعمل بفعالية أكثر في الحياة، ويمنحك القدرة على الانتصار في معارك الحياة، التي قد تكون من اجل الخير، وطالما باستطاعتك التفكير والتحدث والكتابة، ستصبح قوة خارقة، ولا شيء يقف في طريقك، لهذا يجب عليك ان تتعلم كيف تكتب، انا لا اصدق ان هذا الشيء لا يقال للناس!. انه اقوى سلاح يمكنك ان تسلح به احد، ان تتمكن من صياغة حججك بمنطقية، وان تستطيع التحدث مع الناس، وان تقدم اقتراح، يا الهي.. الناس سيعطونك المال، سيوفرون لك الفرص، سيكون لك تأثير، لهذا انت في الجامعة. علم الناس التعبير بوضوح، لان هذا اعظم شيء بإمكانك ان تكون، والمحفز لو يعلم الناس. 

لماذا تتعلم الكتابة؟ انه سيفك وسلاحك ودرعك الواقي، تعلم كيف تستخدمه، ما يحيرني: “لماذا لا يقال هذا للناس؟ اكاد اجن لأعرف، وكأن هناك مؤامرة لإحضار الطلاب للجامعات بغرض جعلهم الاضعف”.

مقالات ذات علاقة

أوراق مبعثرة (1): دعوة للتسامح (بمناسبة الشهر الفضيل)

سعيد العريبي

الذي بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة

شكري الميدي أجي

حرية التعبير.. أكذوبة باهظة الثمن

ميلاد عمر المزوغي

اترك تعليق