طه اجويدة بوبيضة
في إحدى ليالي الشتاء القارص، عام 2008م، جاءني اتصال من “فارس برطوع” يدعوني لسهرة بكوخ قد أعده بنفسه للأصدقاء، ارتديت كل ما طالته يدي من خزانتي، وكأنني استعد لكارثة ما، ركبت سيارتي وخرجت تحت زخات المطر، حتى وصولي للسوق الغربي “الُودَيْ”، دخلت من ممر طويل مظلم يفضي لكوخ كنا نسميه “الغواصة” فقد كان غائرًا في زاوية مظلمة بالحديقة الخلفية لبيت “فارس” العامر، استقبلني صوت “مصطفى الطرابلسي” يلقي قصيدة لـ”مظفر النواب”(أبناء الـ….. لا أستثني منكم أحد)، فعرفت أنه في مزاج حاد، دلفت فجأة من باب “الغواصة” فوجدت (حسن بوسيف، وعلي اللافي، وسالم التاوسكي، وفارس برطوع، ومصطفى الطرابلسي)، يجلسون على مستطيل خشبي مرتفع، والأواني التي تستقبل القطرات الساقطة من السقف موزعة في كل مكان، كان الجو حميميًا ودافئ بطريقة عجيبة، قفز “مصطفى” فجأة وحضنني وهو يقول ساخرًا، (أحب أن أحضن الشخصيات التاريخية) فضحك “فارس وحسن” حتى سقطوا أرضًا، صنعت مكانًا حشرت نفسي به، ولا أدري لماذا مع أن المكان يتسع لعشرة أشخاص، فتحدثوا عن شخص حاول بكل فشل أن يكون شاعرًا، فقلت موجهًا كلامي لـ”علي اللافي”، (خذوه كما أتاني سالمًا .. لم أبتلعه لأنه لا يهضمُ*1)، فوقف “سالم التاوسكي” وألقى علينا قصيدة رائعة، فقال “حسن بوسيف”، (قل للذي يبكي على رسم درس .. واقفًا ما ضر لو كان جلس*2)، فضحك “فارس ومصطفى” حتى شعرت أن السقف سيسقط على رؤسنا، فثار “سالم التاوسكي” وقال (لماذا تستعجلون ندمي على معرفتكم البائسة)، هنا تدخل “علي اللافي” بقصيدة أكثر من رائعة، تحدثنا بعدها عن فشل بلادنا العميق، وعن أغنية لـ”زياد الرحباني”، وعن مسرحية (هاملت)، وأسعار الخضار، وأشياء أخرى لا أذكرها، ثم اختتمت السهرة بـ(قصعة السوقو)، ودعنا بعضنا، وذهب كل إلى سبيله.
*1 بيت للشاعر (إليا أبو ماضي).
*2 بيت للشاعر (أبو نواس).