سماع
لساعتين أسمعُ مقطوعات شارلي باركر، ولساعتين أحدّقُ في شجرة البلّوط من نافذتي. وقفَ على قمّتها طائرُ البوبشير بجناحيه الرماديّين ومنقاره الأسود. حرّك رأسه يمينا ثم واجهني بصدره الأبيض كان شارلي الطائر (هكذا كان يلقّب) قد وصل إلى المقطوعة الخامسة، وعازف الترمبيت بتؤدة الماهرين يُسرّبُ النغمات على مِفْرشِ رشيق.
أشياء أفعلها
أنزلُ هذا المنحدر خفيفياً يديّ في جيبي ورائحة الصنوبر منعشةٌ.
“لم تجدوا من يسقيكم في هذا الحر!؟”
أكتب: الليل؛ أتوقفّ هل أجعله يسمع ويرى؟
أشطب الليل مثلما أمسح حبّة عَرق من على جبيني، يا لهشاشة الليل! (يعقب ذلك حركة اصبعين فوق لوحة مفاتيح، لا تنقران شيئاً، مخيلة فارغة).
في مدريد قبل سقوط المطر
في مدريد، كلّ صباح،تطلبُ الكراسي
من الحكايات أن تترجّل.
الغريبُ الفقيرُ، بلحيته الحمراء الكثّة
ينامُ ملِكاً على صندوق القمامة.
في مدريد، في شارع الغراند فيّا، بنظّارةٍ سوداء وأنفٍ ضخمٍ، العجوزُ التي تعلّق على فستانها بلون السلاحف أوراقَ اليانصيب. وعلى بعد فرسخين أو أقل ينتظر ثربانتس حظّه.
سانشو في المرآة
أعتقدُ أنّي لمحته سانشو!
نعم، لم تستغرق غير ثانية أو ثانيتين، لكني عرفته بالشعر المسدل على الجبين العريض، وارتخاء الكتفين وتقوّس لا يكاد يلحظ في السبّابة اليمنى. نعم،
لم أرَ صورته إلاّ في المرآة، لكنّي كنتُ أيضاً معه في المرآة. أليس هذا كافياً ليكون حقيقياً؟
الرجل الطويل على درّاجته النارية
البغيّ النحيلة ، تصفّفُ شعرها بزيت جوز الهند،
من ركنها في ظلّ الإشارة الضوئية تتابع اقتراب الرجل الطويل على درّاجته النارية،
تفرحُ بابتسامته العذبة.