قصة

من قمة جبل أكاكوس إلى نيويورك .. الجزء الرابع

جنود يستعدون لركوب الطائرة (الصورة مولدة بالذكاء الاصطناعي)
جنود يستعدون لركوب الطائرة (الصورة مولدة بالذكاء الاصطناعي)

خطى خطوات وراء الجند خائفًا مرتبكًا، من أول يوم في المعسكر، وفجأة صاح صوت خلفه:

– تحرك يا مستجد، هرول إلى الساحة مثل الجند ..

وصل الساحة واصطف مع الجند، وانطلق يوم التدريب الأول، وكانت البداية الاصطفاف والسير، وسرعان ما أتقن ذلك، ودخل في مرحلة جديدة، وهي التعلم على الأسلحة الخفيفة..

مرت الأيام، واعتاد على حياة المعسكر. لكن داخله كانت لا تزال حياة الصحراء راسخه، من الراعي وشاي الوالد، وكذلك طعام والدته البسيط. كان المعسكر حياة جديدة، ونقله غيرت مجرى حياته في كل شي، من أكل وملبس، وتمكن من تكوين صدقات جديدة، من رفاق المعسكر..

مضت الأيام بسرعة، وأصبح عسكريًا أو جنديًا، عرف بعض أنواع الأسلحة إلى جانب التجهيزات التي تخص الجندي، مثل الكت العسكري؛ أي حقيبة الملابس، وتعرف على أسماء محتوياتها، مثل زمزمية الماء، والنطاق، إلى جانب الخوذة…..الخ.

وصلت أيامه في المعسكر قرابة الشهر، وكان متلهفًا لرؤية أبيه وأمه، إلى جانب رفاق الرعي، اشتاق إلى الأغنام وكل شي في الصحراء، صار ينتظر بكل شغف إلى نهاية أيام تدريب الأساس العسكري، وهي شهر ونصف، وهو قضى منها قرابة الشهر..

في إحدى الليالي شعر المستجدين بحركة غير طبيعية داخل المعسكر، وأنوار الإدارة تضاء إلى جانب باب الإدارة المفتوح، وهذا أمر لم يتعود عليه أحد، والجميع يسئل: ماذا هناك؟

وما هي إلا لحظات حتى صاح أحد الضباط:

-على جميع الجند والمستجدين، الجمع في الساحة الآن بكل تجهيزاتهم العسكرية.

كان الجميع في ريبة من هذا الأمر الذي يحدث أول مرة.. وسرعان ما اكتظت الساحة بالجند، أمر آخر شغل الجند، هناك حافلات قريبة من الساحة، وما أكمل الضباط ومساعديه ترتيب الجند، حتى وصل آمر المعسكر والجميع مندهش من الحدث..

وقف الجميع، وتم إعطاء التحية العسكرية، وأعطى آمر المعسكر أمرًا أن يستريح الجند في الساحة، وبدء كلامه:

– السلام عليكم يا حماة الوطن، يا أبنائي إن الوطن يناديكم، وأنتم من أجله الآن في هذا المكان..

كان الجميع في حالة من هذا الموقف الغريب، من جمعهم في هذه الساعة من الليل، وأكمل آمر المعسكر:

– عليكم الآن وهذا أمر عسكري بالتوجه إلى الحافلات، هناك أوامر لنا بالتحرك في مهمة عسكرية، هيا اصعدوا بسرعة..

صار يهرول بين الجنود إلى الحافلة، ولأول مرة في حياته يصعد ويجلس في حافلة ذات خمسة وأربعون مقعدًا، وجلس مثل الآخرين بصمت والجميع يتساءل: إلى أين يتجهون؟ منهم من فكر إلى الحدود! وآخرين همسوا لبعضهم: ليس إلى الحدود، نحن في منطقة حدودية!!

شقت الحافلات وسط المدينة بسرعة، واتجهت شرقًا، وما هي إلا لحظات حتى خففت السرعة واستدار السائقون يسارًا إلى طريق المطار، أول مرة في حياته يشاهد المطار، وكانت دهشته أكبر عندما شاهد الطائرة التي كان يسمع بها!

دخلت الحافلات إلى مهبط الطيران، والجميع يسأل: إلى أين نتجه؟ لماذا نصعد الطائرة؟ الكل كان قلقاً من الوضع غير المعروف إلا فتى أكاكوس المتلهف إلى ركوب الطائرة.

– اصعدوا.. اصعدوا إلى الطائرة!

كان الضباط يصيح فيهم محفزًا، دون معارضه من أحد…

الجميع الآن داخل الطائرة، وأصوات محركاتها قوية، ولكن ابن تادرارت أكاكوس لا يهمه شيء! لأن القادم ربما يختلف عن حياته السابقة! ها هو الآن في الطائرة التي لم يحلم بها يومًا، حتى وإن كانت عسكرية…

أغلقت أبواب الطائرة، وربط الجميع الأحزمة رغم من عدم وجود مقاعد، واستعد قائد الطائرة للإقلاع، تحركت الطائرة بسرعة بطيئة، وسرعان ما زادت من سرعتها وأقلعت، والجميع يتمتم: يا الله يا الله السلامة.

واستدارت الطائرة إلى وجهتها، إلى أين؟ لا يعلم إلا الله، وقائد الطائرة!

يتبع…

مقالات ذات علاقة

المُولى جحا بدون حماره

محمد دربي

ذاكرة زرقاء 1

هدى القرقني

نهاية عقرب

حسين بن قرين درمشاكي

اترك تعليق