قصة

ذاكرة زرقاء 1

من أعمال التشكيلي يوسف معتوق
من أعمال التشكيلي يوسف معتوق

بالأمس وأنا على البحر، تتبّعت تلك الخطوات التي نُقشت على الرمل، خطوات بشر صغيرة وكبيرة، خطوات نوارس وحمام، تُركت هنا.. تداخلت ببعضها وضاعت وجهتها، وطمس الموج خطوات أخرى وأخذها معه بعيدًا…

 الغيم يحجب الشمس بظلاله السوداء، والبحر كان غاضبًا يتوعّد.. يتطاير الزبد في وجهي يحاول أن يثير فزعي. لا أدري لماذا أتتني رغبة في الاقتراب، وأنا أري الموج يزمجر ويتطاير في الفضاء؟ اقتربت واقتربت من تلك الموجه القادمة في عجل حتى كادت أن تلتهمني.. فقدت توازني وسقطت.. سَحبت الرّمل من تحتي وبدأت أغوص وأختنق. عندما شعرت بضعفي، تراجعت.. حاولت أن تأخذني معها إلى أحضان البحر؛ لكنّها تركتني لموجة أخرى رمت بي على الشاطئ، وأنا أترنّح وأحاول الوقوف،

وكان هناك على صخرة بعيدة صياد وحيد واقفًا يلقي بصنّارته وينتظر وعود السماء.. رأيته يلوّح لي وكأنّه يقول: ” أأنت بخير”.. رفعت يدي وأنا أجرّ جسدي المثقل بالماء والرمل، وردّدت في داخلي:” نعم أنا بخير”

 اليوم أنا هنا في نفس المكان والزمان.. البحر هادئ يحتضن الشمس كأنها عشيقته، وموجه يأتي نحوي في كسل، بالكاد يلامس قدميّ الحافيتين.. يوشوش لي: “كل يوم هو في شأن”

مقالات ذات علاقة

إناء الشاي ذو الزهور الحمراء

أحمد يوسف عقيلة

مع وقـف التنفـيذ

أم العز الفارسي

فَـزَّاعَـــاتٌ

المشرف العام

اترك تعليق