قصة

أبي!!

أسرة (الصورة: مولدة بالذكاء الاصطناعي)
أسرة (الصورة: مولدة بالذكاء الاصطناعي)

كان له سيارة يأخذنا بها إلى المدرسة، ويعود بنا.. سيارة أبي رمادية اللون بها كراسي تكفينا..

كان له مكتبة صغيرة بها كتب كثيرة، يرقص فيها زوربا على قارب الشيخ والبحر، وتتكئ السكرية على قصر الشوق، ويتمايل أولاد حارتنا بين القصرين، تتسأل فيها الأيام عن الأب الروحي، ومذكرات شارل ديغول عن ثعلب الصحراء وتاريخ ليبيا القديمة!

كان له راديو كلاسيكي، ليس صغيراً، يجلس بجانبه وقت أخبار الظهيرة، ونشرة السادسة مساءً. كل مساء خميس يفتح لنا سِنيما على جدار غرفة المعيشة، يضع لنا الأفلام غير الناطقة لشارلي شبلن وأفلام الكاوبوي!

منح أبي التقاعد باكراً، استغنوا عنه، أحزنه ذلك كثيراً، كان بادياً على ملامح وجهه ولم يعد يخرج من البيت إلا نادراً لزيارة صديقه الوحيد، يكتب أبي يومياته ومذكراته وتواريخ ميلادنا وأشياء أخرى كثيرة.

يجلس كل يوم الساعة الخامسة في جنان بيتنا، تحت الياسمينة على كرسيه الخشب الذي له ذراعين، يضع رجلا على رجل، يضع سيجارة في فمه وكتاباً بين يديه ويقرأ، يحب أبي الشاي ساخناً جداً يرتفع بخاره من الكوب، كنت دائماً أتساءل، كيف يشربه هكذا؟ دون أن ينزعج من حرارته، وكيف لم يترك التدخين رغم تحذير الأطباء، بأن رئتيه في خطر!!

كان دائماً يقول؛ أن هذه الأشياء لا علاقة لها بالموت، نحن نموت عندما ينتهي عمرنا!

مقالات ذات علاقة

بــزنــس

يوسف الشريف

الجروة الضالة ..

زكري العزابي

مبروكة

المشرف العام

اترك تعليق