المقالة

“ريدي” جوهرة الكلمات في الأغنية الليبية:

جواهر أغنية الوفا يا ريدي
جواهر أغنية الوفا يا ريدي

المفردة الفريدة الليبية الصِرفة.. لو أن هناك كلمة من خصائص كلمات الأغنية الليبية فهي كلمة “ريدي” والتي نجدها في الأغاني التي أسست للفن الغنائي الليبي سواء الأغاني الشعبية أو الأغاني التي يقال عنها “خطأً” الأغاني الطرابلسية.. سيقول فقهاء اللغة العربية أنها مشتقة من (الأمر الذي تريده) ومشتقاتها كثيرة من مرادي والريادة وريد ورود والريدانة.. لكن هكذا “ريدي” لا توجد في اللهجات العربية ولا اللهجة الليبية، إنما هي مفردة خاصة بالأغنية الليبية.. ولذلك عندما اختلف بعض النقاد التونسيون فيما بينهم عن أصل أغنية (ريدي الغالي) التي غنتها المطربة التونسية “سلاف” فقال بعضهم أن الأغنية تونسية رد الفنان التونسي الكبير “صالح المهدي” إن الأغنية لا يمكن أن تكون إلا ليبية، لكون اسمها “ريدي الغالي”.. ومفردة ريدي هي ليبية مئة بالمئة.. بالطبع هذه الأغنية ليبية كتبها الشاعر الخاص أحمد الحريري ولحنها الفنان محمد الجزيري، نقطة من أول السطر.

ريدي كلمة نجدها في أولى الأغاني الليبية “الزمنية” بل وحتى أغاني أيامنا هذه.. كلمة “ريدي” وتعني مبتغاي! وكما قلنا مع إنها كلمة غير مستخدمة في الحوار باللهجة الدارجة الليبية، تظل عنواناً ليبياً بجدارة والتي توازي وترادف مفردة “حبيبي”، اختارها الفنان الليبي الذي يؤلف ويغني للمجتمع الليبي “الخجول” بديلاُ بلاغياً عن كلمة حبيبي..

لعل من أقدم أغاني “ريدي” أغنية (ريدي اليوم باعتلي سلامه) كلمات مسعود بشون وألحان العبقري بشير فهمي. أما المطرب الكبير والملحن المبدع سلام قدري فقد غنى من ألحانه وكلمات الشاعر المضيء أحمد الحريري أغنية (تتفكري ماضي مشي يا ريدي)، وهي من الأغاني الخالدة..

وتبرز الكلمة مجدداً في أغنية (جدي الغزال): حتى زين مانك كيف “ريدي” ! كلمات محمد حقيق ولحن عبد المجيد حقيق، وغناء محمد السليني..

تظل أشهر “ريدي”، هي في أغنية (الوفا يا ريدي)، والتي أعطتنا ثلاثة جواهر فنية وذوقية وتاريخية.. أولها الجوهرة الأولى ملحن هذه الأغنية؛ عثمان نجيم.. عازف العود الأول وأستاذ الفنانين الذي تعلم على يديه معظم الملحنين في بداية نشأة الأغنية الليبية.. هو عازف ماهر متفوق ولحن العديد من الألحان في الأربعينات والخمسينات.. في “فترينة” الأغاني الليبية تبدوا أغنية (الوفا يا ريدي) من الأغاني “الأم” والتي على نهجها سارت الأغنية الليبية كلمات وألحان.. أما الجوهرة الثانية هي المطرب المتمرد والمتفرد عبد اللطيف حويل.. ذو الصوت الشجي والسبرانو المرهف.. غنى عشرات الأغاني التي أضافت البهجة في حياة الناس.. والجوهرة الثالثة هي مؤلفها، الأستاذ محمد الكور، الفنان الكبير أحد مؤسسي الحركة الكشفية في ليبيا، والمؤلف والممثل المسرحي.

هذه هي الجواهر التي جمعتها أغنية فريدة خالدة.. على مقام السيكا وإيقاع المقسوم، تطل عليك هذه الأغنية من جواب المقام لتدخلك عالمها من أول جملة موسيقية.. إنها صباح يوم عيد بهيج في طرابلس.. وكأنني اسمع ليبيا تنادينا فرداً فردا.. الوفاء يا ليبي!

وكل عام وأنتم بخير

مقالات ذات علاقة

شاعران وشاعرة ومرتزق وشهمان

المشرف العام

نبذة عن تاريخ العلاقات الليبية التركية

المشرف العام

سرقات الطفولة

عمر أبوالقاسم الككلي

اترك تعليق