الجمعة, 11 أبريل 2025
المقالة طيوب النص

الإعلام العربي وهاجس المصداقية

الذكرى الـ14 لرحيل الكاتب والشاعر الليبي أبوالقاسم المزداوي

من أعمال التشكيلي الليبي .. علي العباني
من أعمال التشكيلي الليبي .. علي العباني

حالة الهياج التي تعانيها الإدارة الأمريكية في حربها الدائرة علي الأراضي العراقية والمصداقية المصطنعة للأعلام الأمريكي جعل من المهمة تزداد تعقيدا، لاسيما وأنها لم تعد تحتمل الاستماع إلا لما تريد أن تسمعه والذي يواتي هواها، وبذلك بدأت ضحايا هذا الإعلام في السقوط بالتزامن مع ضحايا الحرب من قوات الغزو، حيث لم يكن الصحفي (بيتر آرنت) أول ضحايا الآلة الإعلامية الأمريكية ولا آخر ضحاياها، والذي كان وإلي وقت قريب بحسب الرأي العام الأمريكي والمسؤولين في هذا الجهاز النجم الأوحد إبان حرب الخليج الثانية وكذلك الحالية.

سبق وأن سقط مراسل صحفي قبل بيتر هذا. لا يقل شهرة ونجومية عنه وهو (ريفيرا) مراسل قناة (fox) للأخبار والذي تم فصله لاتهامه بتسريب معلومات عسكرية سرية لقوات العدو، بعد أن تجرأ ورسم خريطة على الرمل يوضح فيها تحرك القوات الامريكية على الأراضي العراقية.

(بيتر آرنت) كانت تهمته أنه أدلى بمعلومات اعتبرت ضارة بالقوات الأمريكية، وذلك في مقابلة أجراها معه التلفزيون العراقي. ورغم اعتذاره علنا وأمام الرأي العام الأمريكي على الخطأ الذي اعترف بارتكابه، والذي لم يكن إلا صب الزيت على النار، حيث كان هذا الاعتذار بمثابة طلقة الرحمة التي أطلقت على تاريخ هذا المراسل، بحيث لم تشفع له نجوميته وخبرته الطويلة والكم الهائل من الجوائز التي تحصل عليها كصحفي معروف بالصراحة والموضوعية منذ حرب فيتنام، وحتى تاريخ المقابلة المشؤومة.

من هنا تتضح حقيقة ما كان يدعيه الإعلام الأمريكي من مصداقية، خصوصاً بعد دخول القوات الأمريكية إلى أرض العراق، وما شاهدناه وما سمعناه من تناقض وتضارب في أقوال وتصريحات المسؤولين، ومحاولة تغطية عين الشمس بمجموعة من الغرابيل المهترئة!!!

يجرنا هذا الحديث عما يدور في أروقة الإعلام العربي وخصوصاً عبر القنوات الفضائية التي تدعي الاستقلالية ومحاولتها البحث عن كل صغيرة وكبيرة، ونشر كل غسيل مهما كانت حالته، لإثبات مصداقيته أمام الرأي العام العالمي، حيث بدأت هذه المحاولات أشبه بتقديم تقارير ومعلومات ما كان للقوات الغارية الحصول عليها بهذه السهولة!!!

فهل كان من الضروري مثلا، استضافة هذا العدد من عواجيز العسكر من جنرالات العرب في محاولة لاستعراض عضلاتهم المعلوماتية الرخوة، وأمام العالم لتفكيك منظومات العراق العسكرية من المسدس والبندقية وحتى آخر قطعة سلاح تم تصنيعها، وتشريح خريطة العراق الدفاعية وتسمية كل المواقع دون أن نفكر في استغلالها من قبل الأعداء وهم الذين فصلوا أشهر وأهم مراسليهم لمجرد إجراء مقابلة تلفزيونية أو رسم خريطة على الرمل؟

ثم إذا كان مجرد رسم خريطة على الرمال يمثل سرا عسكريا خطيرا، يمكن أن يطرد مراسل عسكري شهر بسببه، فماذا يمكن أن نقول حول هذا الكم من هذه المعلومات التي يتحفنا بها جنرالاتنا الأفذاذ عبر قنواتنا الفضائية، حول ما يملكه العراق حتى على مستوى سكاكين المطبخ والهراوات؟!!

ألم يحن الوقت بعد لخلق إعلام عربي جاد ويقظ، يعمل على فضح أكاذيب الإعلام الغربي بدل أن يعمل على إضفاء المزيد من المصداقية عليه التي هو في حاجة ماسة إليها، بل ويقدم له كل ما ينقصه من معلومات وبالمجان !!!


مجلة الزحف الأخضر | مجلة شهرية تصدرها حركة اللجان النورية؛ السنة الثانية، العدد: 14 – ربيع الأول / الماء 2003ف.

مقالات ذات علاقة

محمد صدقي الصوت الوطني الليبي الزعيم

عبدالرحمن شلقم

الثقافة السياسية في ليبيا!

المشرف العام

دور الشباب

فاطمة غندور

اترك تعليق