سعيد العريبي (حكايات وذكريات - سيرة قلم)
تجارب

من مدرسة صلاح الدين إلى المعهد الديني بالبيضاء

ذكريات وحكايات: سيرة قلـم 15

الأستاذ الفاضل/ أحمد عمر الزين العبدلي
الأستاذ الفاضل/ أحمد عمر الزين العبدلي

كانت الحياة في بنغازي طيبة وهانئة وميسرة ومستقرة.. فعلى أمتداد الطريق الدائري الذي يمر بمستشفى الحدائق الذي أعمل به.. يوجد أربعة وكلاء للسيارات.. وكيل الــ BMW.. ثم وكيل الفيات ثم وكيل المرسيدس ثم وكيل السيارات الأمريكية إن لم تخن الذاكرة.. ورغم أن دار “الـبي إم” التي تقع أمام المستشفى مباشرة.. كانت تعرض على زبائنها دفع 500 جنيه عن أي نوع من أنواع سياراتها وباقي ثمنها بالتقسيط.. إلا أنني فضلت شراء سيارة من أحد الأصدقاء.. نوع (فيات 127) عمرها شهر تقريبا.. بــ: (650) جنيه فقط.

رغم ذلك كله.. وتحقيقا لرغبتي في دراسة اللغة العربية.. قررت ترك بنغازي والتوجه إلى المعهد الديني.. بإعتباره الطريق الوحيد والأنسب كما قيل لي.. أثناء بحثي المستمر عمن يعلمني قواعد اللغة العربية.

ذات يوم.. وتأكيدا لذلك.. قال لي أحد الناصحين:

ــ إذا رغبت في دراسة اللغة العربية فعليك بالالتحاق بالعهد الديني بمدينة البيضاء.. وإذا قبلت في ذلك المعهد.. يمكنك بعد ذلك في حال نجاحك مواصلة دراستك بكلية اللغة العربية والدراسات الإسلامية.

ــ فقلت: وهل يقبلونني بذلك المعهد.. وما هي شروطهم؟

ــ فقال: لدي صديق أسمه أحمد عمر العبدلي تخرج في ذلك المعهد.. وهو الآن يدرس بكلية اللغة العربية بالبيضاء.. سوف أتصل به وأسأله بالخصوص.

كنت وقتها طالبا بالصف الثاني الثانوي بمدرسة صلاح الدين بالفترة المسائية.. وكنت في الفترة الصباحية أعمل موظفا بمؤسسة التأمين الاجتماعي.

بعد أيام أخبرني هذا الصديق بأنه قد رتب لي لقاء ًمع السيد أحمد العبدلي.. فذهبنا إليه في منزله.. وكان إنسانا على خلق كبير.. وكان خدوما إلى أبعد الحدود.. فلم يكتف بالإجابة على تساؤلاتي وحسب بل إنه عرض علي أن يرافقني إلى مدينة البيضاء وسوف يبذل جهوده من أجل تسجيلي بالمعهد الديني.. قال لي: اسحب ملفك وجهز حقيبتك وسنذهب معا إلى مدينة البيضاء.

ذهبت في اليوم التالي مباشرة إلى مدرسة صلاح الدين وسحبت ملفي.. وحددنا موعدا للسفر إلى مدينة البيضاء.. وذهبت إلى مقر عملي وكتبت استقالتي واعطيتها لأحد أصدقائي وقلت له إذا لم أحضر للعمل بعد ثلاثة أيام.. قدمها نيابة عني.

في مدينة البيضاء:

وصلنا إلى مدينة البيضاء.. وذهبنا مباشرة إلى وزارة التعليم.. هناك دخلنا على الأستاذ/ عبد السلام الوسيع يرحمه الله.. وكان وقتها رئيسا لقسم التقويم والقياس.. وكان يعرف الأستاذ أحمد.. فقدمني إليه قائلا: هذا الصديق طالب بالصف الثاني الثانوي من التعليم العام.. ويرغب الالتحاق بالمعهد الديني.

فرد علينا قائلا: للأسف لا أستطيع الموافقة على قبوله.. وأنت تعرف يا أحمد أن من شروط الدراسة بالمعهد الديني أن يكون قد حفظ القرآن بالمرحلة الابتدائية.. ودرس الابتدائية الدينية والإعدادية الدينية.. ومن ثم الثانوية الدينية.. ومناهجها تختلف كثيرا عن المناهج بالمدارس العامة.

حاول معه الأستاذ أحد.. لكنه أصر على رفضه.. فخرجنا من عنده خائبين.. واستأذنني الأستاذ أحمد في أن نعرج على بعض الأصدقاء بالقسم الداخلي بالجامعة ليسلم عليهم.. ومن ثم نرجع إلى بنغازي.. فلم أمانع في ذلك بطبيعة الحال.


المرفقة:
ــــ  للأستاذ الفاضل/ أحمد عمر الزين العبدلي.

مقالات ذات علاقة

الهروب للثمانينات.. الطريق المخاطر نحو السندباد

زكريا العنقودي

حصوننا مهددة من داخلها

سعيد العريبي

السنوات العجاف

زكريا العنقودي

اترك تعليق