عرف العالم الحديث ثلاث سلطات رسمية تدير الدول وخاصة الديمقراطية منها متمثلة في السلطة التشريعية في برلمان ينتخب نوابه الشعب ليمثلوه في تحقيق مطالبهم ويقوم البرلمان بإصدار التشريعات والقوانين التي تسير شؤون الدولة وكذلك متابعة اداء عمل الحكومة ومراقبتها وتقديم الدعم لها ان كانت تستحق او اسقاطها عندما تخفق في تحقيق المطلوب منها.
أما السلطة الثانية فهي السلطة التنفيذية في الحكومة في الدول التي تنتهج النظام البرلمانية أو الرئيس التي تنتهج الأسلوب الرئاسي وتقوم هذه السلطة بالعمل التنفيذي للدولة من تقديم الخدمات وتوفير كل ما يحتاجه المواطن والقيام بكل ما هو يدخل في العمل التنفيذي المباشر
ثم تأتي السلطة الثالثة ألا وهي السلطة القضائية والتي يكون فيه القضاء مستقل بشكل تام عن السلطتين التشريعية والتنفيذية وتقوم هذه السلطة بتحقيق العدل والفصل في القضايا والمشاكل التي يمكن ان تحدث بالمجتمع دون تميز بين افراده ومهما كانت مركزهم.
وإضافة لهذه السلطات المادية الرسمية وجدت سلطة رابعة أطلق عليه هذا اللقب معنويا فهي ليس لها سلطة مباشرة ومقننة بل تمارس سلطتها بشكل معنوي لكنها تكون في كثير من الاحيان مؤثرة في عمل وقرارات السلطات الاخرى وهي سلطة الصحافة فهذه السلطة تمكنت من أن يكون له دور في مجتمعاتها وخاصة الديمقراطية وعملت لكي تكون سلطة رقابية ترقب ما يجري بالدولة فتكشف الاخطاء وتشارك في تقديم المشورة والافكار لأصحاب السلطات الثلاث وطبعا كان لهذه السلطة دور كبير في كثير من الاعمال والادوار من اسقاط حكومات الى كشف مخططات الى التأثير على علاقات الدول وغيرها من امور يعرفها الكثير وخاصة في عالم اليوم حيث اصبح لهذه السلطة المكانة الكبيرة بوجود وسائل الاتصال الحديثة من فضائيات وانترنت وغيرها من وسائل.
ونحن اليوم في ليبيا نسعى إلى تكوين إعلام حقيقي يكون له دور في بناء الدولة الديمقراطية التي نسعى جميعا اليها دولة القانون والعدل وطبعا هذا الامر يحتاج الى عمل متواصل خاصة من اصحاب المهنة الحقيقيين الذين يريدون اعلام حر له كلمته ومكانته وسلطته المعنية.
فالأعلام بين أمرين إما أن يكون سلطة رابعة حقيقية لها دورها وتأثيرها في المجتمع بل يمكن ان يصبح سلطة اولى تقدم الخبر الصادق والمعلومة الحقيقية وتكشف الفساد وتضع كلا عند حده او تصبح سلطة تابعة يبحث فيه كل اعلامي عن مصالحه الشخصية ليتحول الى بوق يطبل لهذا ويزمر لذاك مقابل خدمة او حفنة من المال لا تساوي ثمن الحبر الذي كتب به كلماته الكاذبة المنافقة.. ان الاعلام والصحافة سيف ذو حدين فهو يساهم في بناء الوطن واستقراراه وكشف مواطن الفساد والضعف وتقديم المشورة للجهات المعنية عندما يكون اعلام صادق اعلام يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.. او يساهم في ضيع الوطن عندما ينشر الاخبار الكاذبة والمعلومات الخاطئة من اجل هذا الفرد او ذاك او من اجل صاحب هذه المؤسسة الاعلامية او تلك او من اجل مصلحة منطقة او قبيلة على حساب الأخرى.
إن الاعلام الليبي اليوم في مرحلة هامة من تاريخه ليبني نفسه من جديد حتى يكون له المكان المناسب وينال الاحترام والاشادة هذا ان نجح في ان يكون اعلاما حرا صادقا له سلطته المعنوية التي يخشاه كل منحرف وفاسد ومعدوم الضمير او ان يتحول الى بوق للدعاية لمن يدفع اكثر خاصة بعد اصبح يقدم الفاسدين واصحاب النفوس الضعيفة على انهم شرفاء وابطال ومخلصين مقابل الحصول على بعض الامتيازات المادية او الخدمية فأن هذا الاعلام سيدق اخر مسمار في نعشه الميت طيلة عقود من الزمن . فهل يكون الصحفيين في مستوى المسئولية ويعملوا على انجاح هذا الاعلام وابعاد كل من يسئ اليه او يستغله لمصالحه الخاصة وذلك بكشفه للراي العام حتى تعرف حقيقته ويبتعد عن هذا المجال؟؟!!
فهل يصبح الإعلام الليبي سلطة رابعة او يكون سلطة تابعة؟!