قراءات

ليبيا في كتاب «الحركة القومية في إفريقيا»

الذكرى الثالثة لرحيل الكاتب والباحث الدكتور الصديب أبوديب

قارة أفريقيا
قارة أفريقيا

من الإنصاف – حقا – أن نعترف، ومنذ البداية، بأن بعض المؤرخين العرب المحدثين، وعلى وجه التحديد المصريين منهم، كانوا من أوائل من كتبوا في التاريخ الليبي في مختلف عصوره، وأن مؤلفاتهم في فتراته الحديثة كانت باكورة ما طبع.

ومن الإنصاف أيضاً أن نسلم لهؤلاء بالريادة في تدوين الأحداث التاريخية والسياسية التي أحاطت بقضية ليبيا عقب الحرب العالمية الثانية.

وإذا كنا نسجل لهؤلاء هذه المأثرة ونقدر لهم هذا الصنيع فإننا لا نستطيع أن نتجاوز عن تلك الأخطاء التاريخية التي وردت في مؤلفات بعضهم، وإن تغاضينا عن وجهات نظرهم التحليلية التي قد نتفق فيها معهم وقد نخالفهم وربما نرفضها تماماً. وحتى لا يكون كلامنا عشوائياً ونتهم بأننا نلقيه على عواهنه، نقدم هذا النموذج المتمثل في كتاب ((الحركة القومية في إفريقيا – أصولها ونشأتها وتطورها)) للدكتور عبد العزيز الرفاعي.

واضح أن عنوان الكتاب يجذبك لاقتنائه بشدّة ويدفعك إلى قراءته دون تأخير ولا تأجيل. فهو يتحدث عن الحركة القومية في القارة الإفريقية ويتتبع أصولها ونشأتها ويرصد تطورها تاريخيا.

ومؤلفه هو الدكتور عبد العزيز الرفاعي الذي وشح اسمه في صفحة الغلاف بوسام حصوله على دكتوراه في الآداب (تاريخ حديث بمرتبة الشرف) من جامعة عين شمس!!

وعلى الرغم من الإشارة إلى أن النسخة التي بين يدي من هذا الكتاب هي في طبعتها الأولى سنة 1962 أي مضى عليها ثمان وعشرون سنة، فقد وردت إلى قسم المبيعات بجامعة الفاتح حديثا!!

ولم یبق بعد هذا سوی تصفح محتوياته. وكنت على يقبن من أن مؤلفه قد خصص صفحات تناول فيها الحركة القومية في ليبيا باعتبارها إحدى دول شمال قارة إفريقيا السمراء. وبالفعل لم يخيب هذا المؤلف ظني. فقد تحدث في الفصل الثاني من الباب السابع عن الاتجاه القومي في ليبيا، وذلك في ست صفحات ونصف (ص 240 – 246) أتى فيها بالعجب العجاب !! وطرح أقوالاً عن الحركة القومية في ليبيا سنستعرضها ونناقشه فيها إذ جانبه الصواب في كثير منها بما هز ثقتنا في الكتاب وفي مؤلفه !!

ولن نقف طويلاً أمام عنوان هذا الفصل (المملكة الليبية المتحدة) !! ولن نحاسب المؤلف على ذلك، فالكتاب في طبعته الأولى التي تعود إلى سنة 1962، كما قلنا، أي قبل الثورة بسبع سنوات، وإنما الوقفة والمحاسبة جديرتان بمن استورد الكتاب وهو على حاله الذي ذكرت !!

على أية حال، يقرر د. عبد العزيز الرفاعي في السطور الأولى من هذا الفصل أن بذور الحركة القومية في ليبيا نشأت، شأنها في ذلك شأن سائر الشمال الإفريقي، (شعوراً يتجلى من خلال النزعة الإسلامية منذ أن احتلها الطليان تستهدف صيانة التراث الإسلامي ومقاومة الاحتلال الإيطالي بالنضال المسلح، نضالاً استمر من عام 1911 حتى عام 1931) ص 240.

بيد أن د. الرفاعي يرى أن هذا النضال يعجز ((ن تحقيق أهدافه فينقطع بعد ذلك سيره فترة، فقد مهد بهذا لانتقاله إلى دور انطبع فيه بسمات الحركة القومية وذلك منذ هزيمة إيطاليا في الحرب العالمية الثانية واحتلال إنجلترا ليبيا) ص 240.

ولا ندري كيف أن هذا النضال المسلح الذي استهدف صيانة وجه ليبيا العربي الإسلامي ومقاومة الاحتلال الإيطالي التي دامت عشرين سنة متواصلة، قد عجز عن تحقيق أهدافه؟!

تلك مغالطة ترفضها الصفحات المجيدة التي كتبها المجاهدون الليبيون عبر عشرين سنة من الكفاح والنضال من أجل بقاء هذه الأرض عربية إسلامية، وقد فعلوا، رغم محاولات الطمس والتشوية من قبل الاستعمار الإيطالي ووسائل التغريب الثقافي التي استخدمها طوال فترة حكمه في ليبيا (1911 – 1943).

ومغالطة أخرى تحملها السطور السابقة التي يقرر فيها د. الرفاعي أن سمات الحركة القومية في ليبيا يعود ظهورها إلى بداية العقد الرابع من هذا القرن أي في فترة الحرب العالمية الثانية، وعلى وجه التحديد سنة 1943 التي شهدت هزيمة إيطاليا واحتلال إنجلترا لليبيا، وهو ما يوحي للقارئ، بأن ليبيا لم تعرف شيئاً عن القومية إلا متأخراً، وقبل ثورة يوليو المجيدة بعشر سنوات فقط !! وأن نضالها لم يتسم بسمات الحركة القومية قبل هذا التاريخ !!

ويبدو أن نتائج هزيمة إيطاليا في الحرب العالمية الثانية واحتلال إنجلترا ليبيا عام 1943، لم تقتصر عند د.الرفاعي على ما سبق ذكره، بل إن المجتمع الليبي – في نظره – إذ ذاك (قد تجدد نسبياً وتفتح عن نواة طبقة مستنيرة من المثقفين) ص 240.

وهكذا للتأكيد على وجهة النظر المطروحة التي سبقت الإشارة إليها، ها هو ذا العقد الرابع من هذا الفرن يشهد أيضاً تجدد المجتمع الليبي وتفتحه عن نواة طبقة مستنيرة من المثقفين، شاءت هذه الطبقة الواعية بعد إعلان الحرب الأخيرة (الإسهام في صفوف الحلفاء مقابل استرداد حرية ليبيا، ثم ما لبثت أن طالبت في سنة 1943 بالاستقلال والوحدة والتعاون مع بريطانيا لتحرير البلاد) !! ص 240. وهذه مغالطة أخرى وقع فيها د.الرفاعي حين جعل من موقف تبنته فئة من الليبيين، على رأسها الملك المخلوع (إدريس)، سمة عامة وحكماً مقرراً. ثم إن الإسهام في صفوف الحلفاء مقابل استرداد حرية البلاد والمطالبة بالاستقلال والتعاون مع بريطانيا كان في سنة 1940.

وخلال اجتماع عقد في القاهرة يوميْ 7، 8 أغسطس حضره مؤيدو وجهة النظر هذه من تلك الفئة وتخلف عنه الكثيرون من الزعماء، الطرابلسيين(١).

ولا يترك د. الرفاعي هذه الطبقة المثقفة، فبها يحاول أن يؤكد دورها في نشأة حركة القومية في ليبيا وإن أوقعه ذلك في مغالطة أخرى حيث بقول (وكان ثمة المثقفون، وفئات الطبقة المتوسطة بمبادئهم القومية، يتطلعون للإسهام في كليات السياسة والإدارة أو في النشاط الاجتماعي والاقتصادي، وإن كان هؤلاء إذ ذاك لا يمثلون إلا طبقة ناشئة غير مسيطرة) ص 240.

ولا ندري في أية مدينة من مدن ليبيا كانت كليات السياسة والإدارة قائمة إذ ذاك؟ فالجامعة الليبية الني فتحت أبوابها عام 1956 بدأت رحلتها العلمية بكليات غير التي ذكر د. الرفاعي؟!

عموماً يهون الأمر علينا بعض الشيء، وتبدو بعض ننك المغالطات لا شي، يذكر ونحن نقرأ في ص 241 ما نصه: (بدأت المنظمات السياسية من نواة ثقافية سنة 1943 حينما استطاع عمر المختار إنشاء نادٍ ثقافي ما لبث أن تحول إلى جمعية سياسية تنمسك بوحدة النضال القومي فتعرضت تلك للاضطهاد) !!

وهكذا استطاع – في نظر د. الرفاعي – الشيخ الشهيد عمر المختار الذي استشهد في 16 سبتمبر 1931 أن يسهم في النشاط السياسي بإنشائه نادياً ثقافياً في سنة 1943 أي بعد اثنتي عشرة سنة من استشهاده !!

ولا تعليق لنا سوى التصحيح والتوضيح بأن مجموعة من الشباب الليبي المثقف في بنغازي قامت بتأسيس نادٍ رياضي اجتماعي ثقافي تحول إلى جمعية سياسية أطلق عليها جمعية عمر المختار حاملة اسم المجاهد الليبي الكبير عمر المختار، وذلك في إبريل عام 1943. وقد تولى الأستاذ مصطفى بن عامر رئاستها من بعد أسعد بن عمران الذي اعتبر مؤسسها ولم تدم رئاسته لها طويلاً بسبب مرضه ثم وفاته في القاهرة(2).

بعد ذلك يتحدث د.الرفاعي عن نشأة الأحزاب السياسية التي عرفتها ليبيا خلال السنوات 1945 – 1948 أي في أعقاب الحرب العالمية الثانية وقبل نهاية النصف الأول من هذا القرن. فتبرز المغالطات التاريخية وتتوالى، حيث يدكر أنه (نشأ بعد ذلك في طرابلس أول حزب سياسي في نهاية 1945 كرد فعل لدسائس الطليان ولاضطهادات السلطات البريطانية وتعاونها مع الطليان) ص 241.

وليس من إشارة إلى اسم هذا الحزب الذي هو (الحزب الوطني) الذي تأسس في طرابلس في أبريل سنة 1946(3) وليس كما يذكر د. الرفاعي في النهاية 1945. وقد انبثق هذا الحزب عن النادي الأدبي وأسندت رئاسته إلى الشاعر الوطني المرحوم (أحمد الفقيه حسن) (وبعد فترة غير طويلة أجريت انتخابات في هذا الحزب وفاز برئاسته (مصطفى ميزران) رحمه الله تعالى بدلا من الرئيس الأول)(4).

ثم بعد ذلك يستعرض د.الرفاعي ما استهدف إليه هذا الحزب وهو (مناهضة كل فكرة تعمل على إرجاع الإدارة الإيطالية إلى طرابلس أو ترمي إلى اقتطاع أي جزء من أجزاء طرابلس ووضعه تحت سيادة أي دولة أجنبية، ثم العمل على إلغاء القوانين الإيطالية. والخلافات الدينية الطائفية واعتبار الدين لله والوطن للجميع وغير ذلك مما عبر عن مبادئ المتطرفين والمعتدلين) ص 241.

ولا نريد هنا أن نطالب د. الرفاعي بضرورة ذكر جميع النقاط والمبادئ، التي استهدفها الحزب الوطني في طرابلس وهي 12 مبد:(5) أورد منها 4 مبادئ، وإنما نريد أن نتوقف أمام ما استرسل فيه قلمه غير المسئول حين أشار إلى أن هذه المبادئ هي ما عبر عنها المتطرفون والمعتدلون في هذا الحزب !! ولا أدري مصدره في هذا التصنيف لأعضاء هذا الحزب ومبرراته التي لم يقدمها لنا، فهل ما ذكره من المبادئ التي استهدفھا هذا الحزب، وهې ثلث مجمعھا، یمكنه من أن يرى فيها شيئاً من التطرف وأخر من الاعتدال؟ ومن ثم صنف أعضاءها في ضوء ذلك !!

عموماً، نلتقي مرة أخرى بمثل هذا التصنيف الذي لا سند له حين يتابع د.الرفاعي حديثه عن المنظمات أو الأحزاب السياسية في ليبيا بقوله:

(غير أن ذلك لم يمهل العناصر المتطرفة حتى انشقت وكونت في العام التالي [1946] الكتلة الوطنية الحرة يدعمها لفيف من الطبقة المتوسطة الجديدة وبعض الأعيان لمحاربة النفوذ الإيطالي المتبقي والبريطاني القائم) ص 241.

من الغريب، إذن، أن هذه العناصر متطرفة لأنها تساندها الطبقة المتوسطة الجديدة التي لا نعرف كنهها وهويتها وبعض الأعيان، ولأن أهدافها هي محاربة النفوذ الإيطالي المتبقي والبريطاني القائم !! أم أن الانشقاق والانسحاب يدلان على التطرف في كل الأحوال عند د.الرفاعي؟

لا تعليق لدينا سوى تصحيح وتوضيح يذكرهما لنا الأستاذ أحمد زارم في مذكراته حيث يشير إلى أنه بمناسبة فوز (مصطفى ميزران) برئاسة الحزب الوطني بدلاً من رئيسه الأول (انسحب أبناء الفقيه حسن (أحمد وعلي) من الحزب وانسحب معهما الشيخ (بشير بن حمزة) رحمه الله تعالى وعلي رجب وآخرون وأسسوا حزباً جديداً برئاسة (علي الفقيه حسن) وأطلق على هذا الحزب اسم الكتلة الوطنية الحرة)(4).

بالطبع ليس هذا السبب، وهو فوز مصطفى ميزران برئاسة الحزب وحده، هو الذي دفع هذه المجموعة من الأعضاء إلى الانسحاب وتكوين حزب جديد وإنما هناك عدة عوامل وأسباب أخرى يذكرها لنا الأستاذ محمود الشنيطي في كتابه (قضية ليبيا)(7).

وننتفل مع د. الرفاعي في حديثه عن تكوين حزب آخر وهو (الجبهة الوطنية المتحدة) حيث يذكر أن النفوذ البريطاني ((أوعز إلى قيام الجبهة الوطنية المتحدة في نفس العام [1946] من لفيف من الأعيان وزعماه القبائل الذين هادنوا الطليان وعاونوا الإدارة البريطانية، وكان زعماؤها ينتمون إلى طبقات الأثرياء والنجار والرؤساء الذين يدعون إلى الاستقلال والوحدة) ص 241.

وهذا الكلام – في الواقع – منقول من كتاب (قضية ليبيا) لمحمود الشنيطي الذي يقول ما نصه: (وأكثر المنتمين إلى الجبهة من الأعبان والموظفين الذين هادنوا الطليان وعاونوا الإدارة العسكرية البريطانية. جاء في تقرير لجنة التحقيق: وينتمي زعماه الجبهة الوطنية إلى أسر معروفة وهم أثرياء وتجار أو رؤساء دينيون)(8).

وعلى الرغم من خلو صفحات هذا الفصل من ذكر أي مرجع أو كتاب يشير إلى أن د. الرفاعي قد استقى منه معلوماته عن نشأة هذه الأحزاب، وكذلك من أثبت بالمصادر كما يتطلب البحث العلمي وهو به أدرى وأعلم، فإنه من الواضح الاستعانة بكتاب (قضية ليبيا) لمحمود الشنيطي الذي تناول في الصفحات (223- 262) الهيئات السياسية في ليبيا بعيد احتلال الحلفاء للبلاد، إذ الاقتباس منه واضح ولا يحتاج إلى كثير عناء للتدليل عليه كما سبق أن بينًا، بل أحياناً يجيء هذا الاقتباس مشوها وتحور بعض ففراته بما يقترب من التزييف والأخطاء التاريخية.

فالاقتباس السابق واضح ولم يشر إليه د. الرفاعي في الهامش، والتحريف ببن فقد استبدل الموظفين بزعماء القبائل وصار الرؤساء الدينيون عنده الرؤساء الذين يدعون إلى الاستقلال والوحدة !! والحقيقة أنهم كانوا يدعون إلى استقلال برقة ويتميزون بالنزعة المحلية(9).

ولا يقف د. الرفاعي عند هذا الحد من المغالطات التاريخية والتحريف والتزييف فمرة أخرى نقرأ له ما نصه:

(كما ظهرت أحزاب أخرى كان منهما اثنان هما حزب الاتحاد المصري والاتحاد التركي الطرابلسي، وكانا يستهدفان رفض مبدأ الاستقلال والعمل على الاتحاد مع دولة أجنبية وكانت تلك هي مصر عند الحزب الأول، وكانت الدولة الأجنبية عند الحزب الثاني هي تركيا، وذلك بحجة عدم نضج ليبيا إذ ذاك لتولي شئونها بنفسها. غير أنهما ما لبنا أن تلاشيا عن المسرح السياسي سريعاً) ص 241 – 242.

وليس من تعليق على هذا الكلام الذي بحمل الكثير من المغالطات والتلفيق والتزييف سوى التصحيح والتوضيح بأن الأمر لا يعدو ظهور حزب جديد هو حزب الاتحاد المصري الطرابلسي الذي شكله الأستاذ علي رجب في 16 ديسمبر سنة 1946 وتولى رئاسته وكان يطالب بتوحيد ليبيا مع مصر تحت التاج المصري(1٥)، وشاركه في تشكيله الأستاذ يوسف المشيرقي.

وهكذا أوجد لنا د. الرفاعي حزباً سياسياً وهو حزب الاتحاد التركي الطرابلسي الذي لم تعرفه ليبيا قط ولم يذكره أي كتاب أو مصدر أو مرجع، فيبقى هذا الحزب من اختلاقه وحده كما افرغ حزب الاتحاد المصري الذي ذكره من محتواه حين أسقط كلمة (الطرابلسي) من اسمه فما عاد يدل على اتحاد !!

وليت الأمر بقي عند هذا الحد. فقد راح د. الرفاعي يبني نتائج ليس لها أساس من الصحة، وكما قيل (ما بني على باطل فهو باطل) حيث يرى أن حزبيه !! كانا يستهدفان رفض مبدأ الاستقلال ويعملان على الاتحاد مع دولتين أجنبيتين هما مصر وتركيا !!

تصور معي – عزيزي القارئ – كيف يستهدف حزبان سياسيان وطنيان في ليبيا رفض مبدأ استقلال بلادهما. بحجة عدم نضج ليبيا إذ ذاك لتولي شئونها بنفسها؟! يقول هذا رغم أنه استعرض في سطور سابقة على كلامه المنظمات السياسية في ليبيا وأشار إلى أهدافها الوطنية التي كانت – كما يصفها – على درجة من الوعي والإدراك والثقافة وتحمل المسئولية، ثم يسمح لقلمه بأن يكتب ما كتبه بل يزيد فيقول إن الحزب الأول (حزب الاتحاد المصري) حزب يعمل على الاتحاد مع بلد أجنبي هو مصر التي ينتسب إليها الدكتور الرفاعي، وأن الحزب الثاني المختلق (حزب الاتحاد التركي الطرابلسي) بتطلع للعمل على الاتحاد مع بلد أجنبي هو تركيا الني كانت بالأمس القريب دولة الخلافة !!

کنت أظن أن مثل هذين الحزبين يعكسان عند د. الرفاعي مدى نضج ليبيا السياسي قومياً وإسلامياً وليس عدم النضج !! فأي نضج قومي يطلب د. الرفاعي حين يستهدف أحد الأحزاب السياسية في ليبيا في نهاية النصف الأول من هذا القرن، وقبل اندلاع ثورة يوليو العربية بسنوات قليلة، (قيام اتحاد بين بلدين شقيقين وقطرين متلاحقين، شعب عربي في طرابلس تربطه بمصر وحدة التاريخ والعقيدة والجنس والجوار والثقافة والعادات والمصالح المشتركة)(11).

بعد ذلك يشير د. الرفاعي إلى حزبين آخرين هما حزب العمال وحزب الأحرار فيقول ما نصه: (نشأ حزب العمال سنة 1947 يسيطر عليه الانتهازيون وذوو المصالح الشخصية، ثم حزب الأحرار سنة 1948 الذي التقى مع الجبهة الوطنية في التسليم بإمارة السنوسي وقد اعترفت به الإدارة البريطانية) ص 242.

ومرة أخرى نجد أنفسنا أمام تقييم لا يمت إلى الحقيقة بصلة ولا سند له، يتسم بالعشوائية ولا يرتكز على مبررات تدعمها الوثائق أو تقول بها الكتب والمصادر. فحزب العمال أسسه الشيخ (بشير بن حمزة) في سبتمبر سنة 1947 وتولى رئاسته (وكان يجمع عدداً كبيراً من عمال الميناء وعمال المواصلات وعمال المصانع الإيطالية والمنشآت العامة. على أن تمسك الإدارة البريطانية بتحريم إنشاء النقابات كنص التشريع الفاشستي جعل الأساس الذي قام عليه الحزب رخواً واهناً وجعل الحركة العمالية في طرابلس كلها مفككة وضعيفة الوعي السياسي فلم يستطع هذا الحزب أن يقوم بدوره في الميدان الوطني) (12).

ولعل هذه الأسباب هي التي دفعت د.نقولا زيادة إلى القول بأن هذا الحزب (ظل في عزلة تقريبا عن الميدان السياسي الصحيح بسبب تشكيله وأعضائه والإدارة البريطانية)(13).

وينتمي مؤسس هذا الحزب ورئيسه إلى إحدى الأسر الطرابلسية المعروفة وهو أحد أعيانها ورجاها المثقفين ومخلصيها الوطنيين ولا من معمز أو ملمز حول تاريخ نضاله الوطني والسياسي، بل على العكس فإن الشيخ الطاهر الزاوي يذكر أن هذا الحزب (أرسل مذكرة إلى الجالية اليهودية في طرابلس يطلب فيها تحديد موقفها من مسألة تقسيم فلسطين:(14)، ومن ثم فإنها مغالطة تاريخية في القول بأن هذا الحزب يسيطر عليه الانتهازيون وذوو المصالح الشخصية !!

أما عن حزب الأحرار فقد أنشى، في 11 من مارس سنة 1948 برئاسة الأستاذ الصادق بن زراع بعد انسحابه من الحزب الوطني. وفعلاً كان هذا الحزب يقبل بإمارة محمد إدريس السنوسي على ليبيا كلها (وقد اعترفت به الإدارة العسكرية البريطانية … ويجمع بعض المثقفين من رجال طرابلس وخاصة ممن اشتغلوا بشئون التعليم ولا يختلف في مبادئه عن الأحزاب الأخرى)(15).

ونتابع حديث د. الرفاعي عن الحياة السياسية في ليبيا في أواخر النصف الأول من هذا القرن فنجده يكتب كلاماً مبهماً دون دراسة وبحث أو تحقيق وتمحيص وكأن القارئ على إحاطة تامة بمجريات الحديث ويملك خلفية بالأحداث والملابسات حيث يقول: (لقد أخذت السياسات الخارجية تتدخل في الموقف بمرور الزمن فأسرع السنوسييون إلى حسم الموقف. فأعلن الأمير إدريس السنوسي حل جميع الأحزاب في برقة) ص 242.

نقلّة في الحديث فجائية جاءت وكأن الأمر نتيجة تكوين الأحزاب السياسية وتعددها، على الرغم من أن القارئ لم تذكر له ماهية تلك السياسات الخارجية، هل هي السياسات الخارجية للأحزاب السياسية في ليبيا بحيث يكون حسم الموقف من قبل السنوسيين بحل جميع الأحزاب في برقة هو رد الفعل لتدخلها في الموقف؟ أم هي السياسات الخارجية لدول الخلفاء المنتصرة في الحرب العالمية الثانية؟ وأعتقد أنها التي يعنيها د. الرفاعي الذي – إن صح ذلك۔ یکون قد وقع في مغالطة تأريخية حين جعل حل الأحزاب في برقة من قبل إدريس السنوسي الورقة التي حسمت الموقف الذي تتدخل فيه السياسات الخارجية، وذلك ليس صحيحاً!

ثم إن برقة لم تعرف سوى جمعية عمر المختار التي دخلت المعترك السياسي بنشاط فعال من خلال فروعه الخمسة عشر (وبسبب المقاومة بجمعية عمر المختار قامت (الجمعية الوطنية) وهي لم تختلف عن الأولى إلا باسمها. ولعل (رابطة الشباب) كانت الجمعية التي جربت أن تناهض الجمعية الأولى تنظيماً وغاية، وقد أوقف الأمير نشاط هذه الجمعيات كلها في كانون الأول (ديسمبر) سنة 1947 فحلها) (16).

ولما كانت جمعية عمر المختار (تتمسك بوحدة البلاد الليبية وتعمل على التقريب بين مناطقها، وهي بذلك تخالف التيار القوي الذي نؤيده وتعمل له العائلة السنوسية والإدارة البريطانية وأعني به محاولة فصل برقة عن باقي مناطق ليبيا) (17) وبما أن جمعية عمر المختار التي (دفعت دفعاً إلى التخلي عن اسم عمر المختار فأطلق عليها اسم الجمعية الوطنية)) لم يفت في عضد شبابها ألوان الاضطهاد والضغط وإنما بقيت مخلصة لمبادئها وأهدافها، فكانت الخطوة التالية – بعد تغيير الاسم – تأسيس رابطة الشباب المناهضة ها والمؤيدة للتيار الانفصالي، ثم حسم هذا الوضع السياسي في برقة بإعلان حل جميع الهيئات السياسية وهي الخطوة الأخيرة.

هكذا هي الوقائع كما سجلتها الكتب التي تناولت تلك الفترة من تاريخ ليبيا الحديث، وليس كما جاء في كلام د.الرفاعي المبهم الغامض الذي يؤكد عدم وضوح حقيقة الموقف الذي يتحدث عنه وعدم صحة النتيجة التي بناها. وليست بذات معنى، وهي أن إسراع السنوسيين إلى حسم الموقف قد أبطل تدخل السياسات الخارجية !!

فضلا على أن هذا الجسم جاء من خلال حل الأحزاب في برقة، فماذا عن الأحزاب في طرابلس؟ أم أنه كان لليبيا موقفان؟ وليس لنا من تعليق آخر سوى الذي وضحناه وطرحناه من معلومات تعكس عدم وضوح رؤية المؤلف فيما يتناوله في هذا الفصل من حديث عن الحركة القومية في ليبيا !!

ويزيد من عدم وضوح هذه الرؤية أن د.الرفاعي قصر حديثه الموالي على مجرى الأحداث السياسية في برقة، الأمر الذي قد يفهم منه أنها الصورة العامة للحياة السياسية في ليبيا، وهو حين يفصل ذلك يقع في أخطاء تاريخية ومغالطات. فقد ذكر أنه (تألف سنة 1948 المؤتمر الوطني البرقاوي، فأصبح هو الهيئة السياسية الوحيدة. وقد تكون من 117 عضواً (بينهم الأمير) يمثلون سكان المدن والقبائل وكان هدفه الرئيسي العمل على تحقيق الاستقلال في برقة وتشكيل حكومة دستورية يرأسها الأمير وورثته. وقد اشترط لوحدة ليبيا أن تكون هذه مملكة وراثية تحت تاج الملك السنوسي) ص 242.

وليس لنا من تعليق سوى التصحيح والتوضيح، فأولا أن هذا الكلام منقول نصاً من كتاب (قضية ليبيا) للأستاذ تحمود الشنيطي (ص 261) وفيه تحريف وبتر مخل. فعدد أعضاء المؤتمر 71 عضواً وليس 117 عضواً، وأن من بين أهداف هذا المؤتمر رفض أي تعاون مع إيطاليا والإيطاليين ومن بين ما اشترطه لقيام وحدة ليبيا ألا يسمح بعودة الإيطاليين بأي حال من الأحوال، وهو ما لم يذكره د. الرفاعي. أما الذي غاب عن ذهنه فهو حقيقة أهداف (إدريس) من وراء حل الهيئات السياسية في برقة المتمثلة في (دعوة للزعامة السنوسية وانفراد بشئون برقة … الرغبة القوية في تركيز العمل السياسي بين يدي السيد إدريس السنوسي عن طريق الهيئة الجديدة [أي المؤتمر الوطني البرقاوي] … محاولة لخنق الروح الديمقراطية التي يتطلع إليها أهل برقة)(18).

بعد ذلك كله يقرر د.الرفاعي ما نصه (تشعبت الاتجاهات ولم تتبلور في اتجاه قومي مسيطر يقوم على اختمار عميق للفكرة القومية إلا بين الطبقة المحدودة، ول1 يكن في استطاعة هذا الانبعاث الذاتي على وضعه أن يحقق أهدافه) (ص 242).

من المعروف أن المقدمات الخاطئة تولد النتائج الخاطئة، وواضح أن هذه النتيجة التي وصل إليها د.الرفاعي جاءت بسبب مقدمات خاطئة ورؤية سياسية غير مدروسة وفهم لمجريات الأمور غير سليم، فتحليل أرضيته مغالطات واخطاء تاريخية، وأعمدته حقائق مزيفة ليس لها سند تاريخي، وجدرانه عبارات هلامية ما أنزل الله بها من سلطان !!

ومن ثم كيف يمكننا أن نعتد بمثل هذه النتيجة من د.الرفاعي وعنده أن شيخ الشهداء عمر المختار المتوفى في سبتمبر 1931 قد استطاع أن يؤسس نادياً ثقافياً عام 1943؟!

وأن حزب الاتحاد المصري الطرابلسي صار حزبين هما الاتحاد المصري والاتحاد التركي الطرابلسي، ومن أهدافهما رفض مبدأ استفلال بلدهما والعمل على الاتحاد مع دولتين أجنبيتين هما مصر وترکیا !!

وأن السنوسيين حسموا الموقف السياسي الذي كانت السياسات الخارجية تتدخل فيه بإعلان أميرهم حل جميع الأحزاب، لا الجمعيات أو الهيئات !! في برقة، وما من كلمة عن الموقف السياسي في طرابلس وفزان !!

وأن عدد أعضاء المؤتمر الوطني البرقاوي 117 عضوا وليس 71 عضوا كما تكون بالفعل ولا خلاف في هذا العدد في أي من الكتب التي تعرضت لمثل هذا الموضوع !!

بعد هذا الخليط الغريب العجيب يكتشف د.الرفاعي (وجود الصداع الدولي حول مصير ليبيا عقب الحرب بين إنجلترا وإيطاليا والاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، كل وفق مصالحه الاستعمارية) ص 243، مسقطاً – بدون مسببات – فرنسا من هذا الصراع، وهو يعرف أنها كانت إحدى دول الحلفاء وقد وضعت يدها على إقليم فزان أثناء الحرب العالمية الثانية! ومن ثم ينفرد د. الرفاعي بهذا الإسقاط؟!

ثم ماذا؟ إن ذلك الصراع في نظره (انتهى بالتسليم بحق ليبيا في الاستقلال، وكان للطليعة الواعية المكافحة فضلها في تعزيز هذه القضية) ص 243. وهكذا ينسى د. الرفاعي بعد أسطر ما كان قد قرره من أن الاتجاه القومي في ليبيا لم يتبلور (إلا بين الطبقة المثقفة المحدودة ولم يكن في استطاعة هذا الانبعاث الذاتي على وضعه أن يحقق أهدافه) !!

وينهي د. الرفاعي حديثه الذي استعرضناه وناقشناه عن الاتجاه القومي في ليبيا بالوقوف أمام موضوعين الأول تناول فيه (قضية ليبيا في المحيط الدولي) استعرض خلاله مقترحات الدول العظمى (انجلترا، الولايات المتحدة، الاتحاد السوفيتي) لاقتسام مستعمرات إيطاليا بعد هزيمتها في الحرب، وجاءت وفق مصالحها وأهوائها، وانتهى فيه إلى القول بأنه (في مقابل هذا، وقف الاتجاه الحر كما مثلته الدول الأسيوية والعربية يتبني الاتجاه القومي في ليبيا وكان لذلك الاتجاه أثر بالغ في صيانة القضية من الانحرافات ومنع عودة طرابلس إلى إيطاليا، وفي النهاية فررت الجمعية العامة أن تصبح ليبيا التي تضم طرابلس وبرقة وفزان دولة مستقلة ذات سيادة) (ص 244).

أما الموضوع الثاني فقد تناول (الموقف الدولي وسير الحركة القومية) ولم يضف فيه د. الرفاعي جديداً، فعلى الرغم من العنوان الجانبي البراق فإن القارئ سيكتشف أن الحديث مجرد عودة لاستعراض الأحداث السياسية التي تلت مجيء لجنة التحقيق الرباعية إلى ليبيا في مارس 1948 مروراً بإعلان استقلال برقة في سنة 1949 ووصول مندوب الأمم المتحدة إلى البلاد ثم تشكيل اللجنة التحضيرية للجمعية الوطنية من واحد وعشرين عضواً وقرارها بتأليف الجمعية الوطنية من 60 عضواً على أساس المساواة بين الأقاليم الثلاثة ص 245. وقد ختم هذا الفصل بنقلات سريعة أشار فيها إلى ظهور الانشقاق (من جديد بين الطرابلسيين فكان ثمة اتجاه يؤيد ملكية السنوسي على ليبيا الموحدة وأخر يتزعمه حزب الكتلة الوطنية الحرة بطالب بالجمهورية) ص 245 / 246.

وهذه مغالطة تاريخية أنهى بها د. الرفاعي حديثة عن الاتجاه القومي في ليبيا، ولا أدري مصدره في ذلك. إذ ل تشر أي من المصادر والمراجع مهما اتسع حديثها عن حزب الكتلة الوطنية الحرة أو ضاق، ومهما قرب أو بعد، إلى مطالبة هذا الحزب بالجمهورية بل لذ يرتفع وقتذاك إلى صوت يمثل حزباً سياسياً ما بهذا المطلب، ناهيك بحزب الكتلة الذي انحصرت مطالبه في الاستقلال والوحدة والانضمام إلى جامعة الدولة العربية.

وبعد:

فقد نالت منا الست صفحات ونصف التي خصصها د.عبدالعزيز الرفاعي للحديث عن الاتجاه القومي في ليبيا في كتابه (الحركة القومية في إفريقيا) وقفة ليست بالقصيرة ورحلة قلمية توخت التصحيح والتوضيح واستهدفت تبيان الحقائق لا النيل من الأشخاص أو الاستهانة بالمؤلفات والمصنّفات والتزمت بالتدقيق والتمحيص مع من يتصدون للبحث العلمي !!

وإذا كان الأمر كذلك مع الفصل الثاني من الباب السابع فإن بقية الفصول والأبواب من هذا الكتاب تحتاج – كما هو واضح – إلى مراجعة ودراسة وتحقيق من قبل المتخصصين في مثل هذه الموضوعات التي يتصدى ها د.الرفاعي وعدته قلم وكلمات وعشرة مصادر عربية، اثنان منها من تأليفه !! أحدهما عن (الحضارة الأوربية الحديثة) !! وأربعة عشر مصدراً باللغة الأجنبية! ولا من ذكر هذه المصادر جميعها في هوامش الكتاب الذي يقع في 340 صفحة، كما تستوجب ذلك أصول البحث العلمي !!


الصيد أبوديب (ليبيا في كتاب «الحركة القومية في إفريقيا»)، الناشر العربي، العدد 19، 1 أكتوبر 1991م.

هوامش:

(1) انظر، د.نقولا زيادة، محاضرات في تاريخ ليبيا، معهد الدراسات العربية العالية، جامعة الدول العربية، القاهرة، 1958، ص 119 – 120.

(2) سامي الحكيم، حقيقة ليبيا، ص 17 – 18.

(3) الطاهر الزاوي، جهاد الليبيين في ديار الهجرة، دار الفرجاني طرابلس – ليبيا، 1976، ص 35.

(4) مذكرات أحمد زارم، جـ 3، الدار العربية للكتاب، طرابلس ليبيا، 1988، ص 61.

(5) انظر: محمود الشنيطي، قضية ليبيا، القاهرة، 1951، ص 255 – 256 ود. نقولا زيادة، محاضرات في تاريخ ليبها، ص 136 – 137.

(6) مذكرات أحمد زارم، جـ 3، ص 61 – 62.

(7) محمود الشنيطي، قضية ليببا، ص 257.

(9) د.صلاح العقاد، ليبيا المعاصرة، معهد البحوث والدراسات العربية، جامعة

الدول العربية، القاهرة، 1970، ص 59

(10) الطاهر الزاوي، جهاد الليبيين، ص 36.

(11) محمود الشنيطي، فضية ليبيا، ص 258.

(12) المصدر السابق، ص 259.

(13) د.نقولا زيادة، محاضرات في تاريخ ليبيا، ص 137.

(14) الطاهر الزاوي، جهاد الليبيين، ص 36

(15) محمد الشنيطي، فضية ليببا، ص 259. انظر أيضاً نقولا زيادة ص 37: وزارم ص 62 والطاهر الزاوي ص 36.

(16) نقولا زيادة، ص 138.

(17) محمود الشنيطي، ص 260/259.

(18) سامي الحكيم، حقيقة ليبيا، ص 30.

مقالات ذات علاقة

باليسرى.. من هنا إلى مكة

منصور أبوشناف

المسماري يسرد محنته مع أقبية القذافي

المشرف العام

قراءة في كتاب: العلاقات الليبية الفرنسية

رامز رمضان النويصري

اترك تعليق