طيوب عربية

أخونُ وعدي كي أحبك

اللوحة للخطاط السوري المبدع: نافع حقي
اللوحة للخطاط السوري المبدع: نافع حقي

سأقرأُ ما وراءَ البحرِ:

توقِدُ حلوةٌ نجمَينِ من عتَبٍ لتهربَ من مدارِ الحلْمِ/ يرحلُ مَوجُها عن زورقي الهيمانِ/ هذا الوجدُ ينفُضُ في سَما شجَني عباءتَه/ فأختصِرُ المساءَ بضحكةِ امرأةٍ تحاصرُني ملامحُها/ بلا سببٍ تغادرُ دهشَتي نغَماً سريعاً مرَّ لامرأةٍ تدقُّ بكعْبِها العالي مرايا النصّ/ تَسرقُ حيرةَ الكلماتِ/ تمضي باتّجاه الغيبِ/ تبحثُ عن غرائبها/ أحبُّ جنونَها لكنّها كانتْ تراوغُ صبْوةَ المفتونِ في عينَينِ صاخبتَينِ/ في عنُقٍ نبيذيٍّ يضيعُ به الخجولُ..

أحبُّ وشمَ النمْرِ يُغريني بسفْحِ الكَهْرمانِ/ يقودُني في جنّةِ الأسرارِ لكنّي سأقرأُ ما وراءَ البحْر/ يوجعُني الغيابُ وأقتَفي نجْماً بلا أثرٍ سوَى أنّ الغيابَ حضورُ جُرحٍ غائرٍ في الروح/ قالتْ: لن تزاحمَني بكَ الملِكاتُ/ لن أندَسَّ إلّا تحتَ ضلْعِكَ أيها السرُّ الجميلُ وأيها النايُ العليلُ وأيها الرائي الطويلُ..

فخذْ قُرنفلَ مَخْدَعي شغفاً ليُدركَني جحيمُكَ/ خذْ غموضي حينما أسْهو وأنتَ تفكُّ مُبتسماً خطوطَ يدَيَّ/ هيئْني لأعثرَ في الصهيلِ علَيّ/ أغْوي فيكَ قلباً لا يغادرُه الصهيلُ..

إلامَ أنت تريدُني أستدْرجُ الأمواجَ دوماً في حنينِ التوت/ دعْني نسمةً تأتي وترحلُ كلّما عطشَ الدمقْسُ لكي يُؤوِّلَ ركبتَيّ/ وبغتةً أهِبُ الطريقَ خطايَ/ ثم أخونُ وعْدي كي أحبَّكَ في غيابي/ مثل سنبلةٍ تميلُ مع الهواء/ فلا تُوَسّدْني ظنوناً تاهَ في فمِها الدليلُ..

تهُبُّ مفْتتَحَ احتفالٍ ـ ذات طقسٍ صاخبٍ ـ كي تشعلَ الأنهارَ في جسَدي/ تُوشّحُها الوَداعةُ ترتمي في القلبِ فيضَ حكايةٍ تمحو الشجونَ/ وتوقدُ المجهولَ طيفَ حمامةٍ تتنفسُ الأحبابِ/ تبْني في الهواءِ ذخيرةً لغدٍ يتيهُ بوهمِنا السكرانِ/ لا ندْري عن المعنَى بوجْه متيّمٍ نسيَ التولّهَ / لم ننَمْ في غرْفةٍ تهتزُّ فوقَ الريشِ/ لكنا نعيشُ لوهمِنا اليوميِّ مجْهولَينِ في هذي المحطّةِ/ يعشقانِ البوح لا تحصيهُما يوماً مرايا الناسِ / لم يسْتوقِفا أحداً لكي يسْتَنشقا ألمَ الحنينِ/ همومُنا في الليل واحدةٌ/ ولكنْ في النهار كأننا أرجوحتانِ تواسيانِ ظلالَ من راحوا وهم يتسلّحونَ بنعمةِ النسيانِ/ يسقطُ طائرٌ في الحلْم/ يبقَى طائرٌ قلِقٌ يميلُ..

تمرُّ سهْواً كي تنادمَني فأنْدَهُ: لا تغيبي بين مُنعطفَينِ/ داويني بجرْحكِ كي أعيشَكِ مرّتَينِ/ حبيبةً وغريبةً تنسابُ في عيني لأقرأ ما وراءَ البحر/ خلّي الحزنَ لي ولكِ اتساعُ الأرضِ/ تيهي في مَداي فإنني ولِهٌ ويكْسرُ هَيبتي خصْرٌ نحيلُ..

وهيّئي فجْراً من العسلِ المُراقِ لنوقظَ البلّورَ/ نجمعَنا شظايا من ضفافِ الهمْس/ يفضحُنا صدَى الضحكات/ نفرطُ في التفاصيلِ الصغيرة لا مفرّ من انغماسٍ جارفٍ في موقدِ السُّمّار/ كلُّ حبيبةٍ في الليلِ مجْمرَةٌ/ وكلُّ متيّمٍ مدٌّ وجزرٌ/ حبرُ آلهةٍ يخطّ لها الحياةَ/ وكلُّ غفوةِ عاشقٍ ليلاً رحيلُ..

إلى مدى حلُمٍ بنزهةِ شاعرٍ في مهرجانِ الملح/ في ساقَينِ ساحرَتيْن ترتكبان إثماً بالبلادِ ومن عليها/ هاهنا حقلُ المجازِ/ هنا غريزةُ ضحكةٍ صدحَتْ بمنتصفِ الغوايةِ / قهوةٌ دُلقَتْ ويشهقُ ـ بانعتاقي من خيالكِ ـ زنجبيلُ.

وها هنا شوقٌ وفجرٌ ذاهلٌ وأنا بذاكرَتي نزيلُ.. أنا بذاكرتي نزيـ..

30 سبتمبر 2021


النص من ديوان: وردٌ أسمر..يملأ رئتي.
اللوحة للخطاط السوري المبدع: نافع حقي.

مقالات ذات علاقة

الصحافةالورقية بين محاولة الانتعاش ولفظ أنفاسها الأخيرة

منى بن هيبة

أطفالنا لا يلعبون الببجي فقط

فراس حج محمد (فلسطين)

عيون الأحبة

حسين عبروس (الجزائر)

اترك تعليق