طيوب عربية

النقد في أدب الطفل العربي والمستقبل المجهول

بعض من مؤلفات الكاتب الجزائري حسين عبروس
بعض من مؤلفات الكاتب الجزائري حسين عبروس

تتهافت دورالنشرفي الوطن العربي على نشر كلّ ماينسب لثقافة الطفل من قصص، ومسرحيات وروايات لفئة اليافعين، وفي هذه الزحمة الرهيبة تنبت طحالب كتابات المتطفلين على هذا اللون من الأدب الموجه إلا فئة الأطفال واليافعين بحث عن الثراء، وذلك لتسويق مادة أدب الطفل في كلّ بلدان وطننا العربي، والحقيقة التي تظلّ غائبة أو مغيّبة عن أنظارالكثير من المهتمين بهذا اللون من الأدب، هو غياب النقد المتخصص في أدب الأطفال واليافعين، ويزعم بعض الدارسين لهذا الأدب أنّ تلك الرسائل الجامعية التي يقدّمها بعض الطلبة هي تصبّ في مجال النقد الأدبي الموجّه للطفل، ولكنها في حقيقة الأمر ما هي إلا مجرد دراسات تقوم على أساس الإحصائيات التي تترصّد جوانب معيّنة من هذا الأدب الزاخر بالقضايا الفنيّة والفكرية والتربوية، كما تتخلّله بعض القضايا الأخرى التي تساهم في توسيع الهوّة في الإساءة إلى أجيال متتابعة إساء بالغة من حيث تشويه الصورة الجمالية التي وجد من أجلها أدب الطفل واليافعين، ويكون ذلك على حساب المستوى اللغوي، والفني والفكري والتربوي والجمالي الذي يتطلع إليه الطفل، وكثيرة تلك الآثار الناتجة عن بعض الكتابات التي تجعل القارئ الصغير ينحرف عن جادة الصواب انطلاقا من تلك الكتابات التي يوغل أصحابها في عوالم السحر والشعوذة والخرافات الشاذة التي يظنون أنّها من مورثنا الحضاري، ومن ثقافتنا الشعبية التي عمّرت طويلافي حياة الأمم والشعوب السابقة، ولكن للأسف يحدث ذلك في غياب النقد الجمالي الذي يصنع الرّؤية الصحيحة السليمة التي تساهم في نشر الوعي لذي القارئ الصغير، وتمنحه القدرة على فكّ خيوط ورموز تلك القضايا التي تشكّل العامل الأساسي في ثقافة الطفل عندنا، ويرد الأمر سوء تساهل المؤسسات التي تشرف على ثقافة الطفل بدء من سلوكات وتصرفات الأولياء، ومايلقنونه للأطفال من حكايات تحتوي على عناصر تدميرية نفسية واجتماعية ودينية وثقافية، وهم لا يلقون إليها بالا، وقد  تعزّز المدارس ذلك، وتسعى إلى تجسيده واقعا ملموسا في صورة كتاب يوجه للصغار، ويساهم هواة الرّسم في زخرفة تلك اللوحات التي تجسّد تلك الملامح في حياة الصغار.

وإذا كان النقد في أدب الطفل هو صمّام العملية الإبداعية الذي يضع حدا للمتطفلين، والمتاجرين بأحلام الطفولة في مجال الكتابة، فإنّ أدب الطفل هو في الحقيقة عند الشعوب والمجتمعات المتحضّرة هو نصف حاضرالطفولة، وكلّ مستقبلها الواعد بناء على ذلك الكمّ المعرفي الذي  تحصّله فئة الأطفال واليافعين على مدى مراحل حياتهم، ويبقى الطفل الموهوب وحده الناقد الذي يبدي تلك الملاحظات حول ما يطالعه من نصوص، وحول مايراه من تلك الرسوم المرفقة للنص.

إنّ غياب النقد الموجه لأدب الطفل واليافعين في الوطن العربي ذلك ماسهّل الطريق أمام فئة المتطفلين ليقتحموا الحصن المنيع في عالم الكتابة للطفل، كما فسح المجال لظهور تلك النصوص المفرغة المحتوى التي تتضمن أفكارا هدّامة تفسد على القارئ الصغير رحالة القراءة الجادة، وتسلمه إلى هاوية الفراغ تارة، وإلى ضحالة المستوى المعرفي والثقافي تارة أخرى، ومن الأمر الغريب في عالم النقد الموجه لأدب الطفل واليافعين هو اقتحام عالم النقد بعض المحسوبين على الدراسات الأكاديمية، وهم في الحقيقة لا يعرفون عن قواعد ونقد هذا اللون من الأدب، وكثير منهم يتحدث في المحافل والملتقيات عن الطفل، وهو يجهل عن عالم الكتابة للطفل كيف تكتب القصة أو الرواية، أو النصّ الشعري “النشيد”، وأرى أنّه من الضروري على ناقد أدب الطفل واليافعين أن يكون على دراية وشمولية لفن الكتابة للصغار، وما يتصل بها من علوم ومعارف تمكنه من تقديم نقده البنّاء الهادف، وذلك لأنّ الناقد الحاذق الماهر المتمرّس يستطيع توجيه قاطرة ثقاغة الطفل بما يملك من خبرة وتجربة وموهبة.

مقالات ذات علاقة

بالأمس

المشرف العام

جائحـة نبـاح الكلاب! *

إشبيليا الجبوري (العراق)

أسـتـللـني الليـلك!

إشبيليا الجبوري (العراق)

اترك تعليق