حكايات وذكريات: سيرة قلم 12
سعيد العريبي
دخلت خلال سنوات عملي بمؤسسة التأمين التي أمتدت من سنة: 1973 وحتى سنة: 1977.. معترك الحياة الحقيقي.. وتعرفت خلالها على العديد من الأصدقاء الطيبين خاصة بمستشفى التأمين بالحدائق ومنهم رئيس قسم الإستقبل الأستاذ الفاضل عبد الرحيم العدولي متعه الله بدوام الصحة والعافية.. ورافع رحيل الورفلي رئيس قسم الخدمات الذي انتقلت للعمل معه فيما بعد.. وفتحي عبد الجواد العرفي وجمعة النوال المدير الإداري للمستشفي.. وأحمد ابريك وعوض الزوي ومحمد ومحمود الزواوي واللواج ومحمود العقوري وعبد الكريم المسماري وسعد شتوان وسالم الفاخري ومفتاح الدقوالي وعبد الرازق القطراني ونصر الطرابلسي الذي كلف فيما بعد مديرا لمستشفى الهواري بعد افتتاحه.. وغيرهم.. وغيرهم.
متع الله الأحياء منهم بالصحة والعافية.. ورحم أمواتهم رحمة واسعة.
كان الأستاذ نصر الطرابلسي يزاول رياضة رفع الأثقال.. وقد شجعني على مزاولة الرياضة.. وعرض علي مرافقته لمزاولتها بالمدينة الرياضية.. فوافقته واخترت رياضة المصراعة.. وكنا نذهب معنا إلى المدينة الرياضية لنقضي فيها أوقاتا طيبة وجميلة.
كانت الدولة التي لا تزال تتكي على موروث الملكية الجميل.. تولي إهتماما خاصا وكبيرا بجميع أنواع الرياضات المجانية ومنها الملاكمة والمصارعة وحمل الأثقال.. التي ألغيت جميعا فيما بعد.
وكانت تعين لكل رياضة مدربين أكفاء.. وقد كنا في المصراعة نتدرب على يد مدرب تركي.. وكانوا يقدمون لنا مشروبات كالعصير والحليب في نهاية التدريبات.
إعدام أحد أبطال المصراعة:
تعرفت أثناء تلك التدريبات التي لم تستمر سوى شهرين أو ثلاثة.. على البطل الليبي في المصارعة فتح الله العريبي الذي مثل بلادنا في بعض المحافل الدولية.. والذي سجن بعد ذلك بتهمة محاولته إغتيال القذافي.. ورفض خلال التحقيقات أن يوقع طلبا يعتذر فيه ويتعهد بعدم العودة إلى تلك المحاولة.. وعلمت أيضا أنه سجن في زنزانة انفرادية.. ثم قتل داخل السجن تغمده الله بواسع رحمته.
الشركة العامة للأعمال الكهربائية:
خلال هذه السنوات أيضا أنشأت الشركة العامة للأعمال الكهربائية.. وافتتح فرع لها في بنغازي لا تبعد كثيرا عن مستشفى التأمين.. ولأن أمور الحياة كانت ميسرة كما قلت لكم.. فقد قبلت للعمل بها خلال الفترة الصباحية.. وعرضت الأمر على المسؤولين بالمستشفى فوافقوا على وضعي على جدول الفترة الليلية.
الموقف الطريف:
وبعد أقل من أسبوعين من عملي بالشركة.. وحينما عدت إلى الفرع.. قال لي الزملاء بحث عنك مدير الفرع ويريدك في أمر هام.. فذهبت إليه فحييته وسلت عليه.. فسلم علي وهو يقول:
ــ هل تعرف مدير عام الشركة بطرابلس..؟
ــ فقلت لا.
ــ فقال: لقد اتصل بي ويبحث عنك ويريد أن يكلمك.
ثم اتصل به.. وقال له: ها هو سعيد العريبي الذي سألت عنه.. وأخذت السماعة.. وبعد التحية والسلام: قلت له إن شاء الله خير.
ــ فقال: أنا فقط أريد أن أشكرك على مقالك الذي نشر هذا اليوم بجريدة الجهاد.. وذكرت فيه اسم الشركة.
فشكرته.. وخرجت من عنده.. وقد فرحت بهذا الخبر كثيرا.. فرحت أولا بصدور المقال.. وفرحت ثانيا: بمكالمة المدير العام وشكره لي.. ثم ذهبت مسرعا إلى أحد الأكشاك واشتريت الجريدة.
وقرأت المقال لمرات ومرات.. وأكثر ما سرني فيه هو قول المحرر في تعليقه في نهاية المقال الذي ابتدأه بقوله: (الأخ مفتاح أهلا بك صديقا ومراسلا للصفحة…).. وكان عنوان: (شفرات على صدور الفتيان والفيات).
أشرت من خلاله إلى ظاهرة تعليق ميداليات على شكل شفرات الحلاقة القديمة (التمساح) على الصدور.. وكتبت تحت المقال: سعيد مفتاح العريبي/ الشركة العامة للأعمال الكهربائية فرع بنغازي.
لكن المؤسف في الأمر أن عملي بها لم يستمر طويلا.. ولم أستثمر مكالمة المدير العام وشكره لي كما يفعل الكثيرون اليوم.. فبعد أربعة أشهر.. اضطررت إلى تقديم استقالتي كي أتخلص من عملي بالتوكة الليلية بالمستشفى التي أرهقتني كثيرا.