قصة

لوحة ليستْ للبيع..

من أعمال التشكيلية مروة التومي
من أعمال التشكيلية مروة التومي

الدرب المنحدر من أعْلى الهِضاب قد يختفي مع انْحناءات الأودية الصغيرة.. يحاولُ إبراز شجيرات على أطرافه تتناغم مع أخرى تمتد على مسافة أبعد.. يطغى اللون الأصفر على غيره من ألوان، يعود إلى الدرب الذي أخذ يتسع وصولًا إلى بيتٍ في مُنبسطٍ تُحيط به أشجارُ زيتونٍ يابسة.. يُظهرُ السماء بغيومٍ مُتناثرة.. يمنحُ لقرصِ الشمس المُحمر اطلالة بهية عند الأفق.. يُبرزُ امرأةٍ بجانبها طفلةً تُشير بسبابتِها إلى بقايا سيارةٍ عسكرية بالجوار، ورجلًا يُمسك فأسًا بيده اليُمنى ولا ملامحَ لليدِ الأخرى.

وضع اللوحةَ جانبا.. نهض مُتَّكِئًا على عصاه.. مسحَ على لحيته البيضاء.. وضعَ يده أعلى عينيه لتساعده في استكشاف المكان.. تراجعَ.. أمْسكَ باللوحة.. أمعنَ النظر..

٠أخذَ يُرممُ النصف المُنهار من المنزل، أعاد إليه الشُرف والنوافذ المفقودة، أورقت أشجار الزيتون.. تلونتْ الأرض بالأخضر..

نظر مليًا للصورة.. أعجبه التعديل الأخير..

لوحته تُشارك في المعرض المُكتظ بالزائرين.. قالتْ ابْنته:

– تُذَكِّرُني يا أبي هذه اللوحة بيوم مغادرتنا ، وها نحن لم يتسنَّ لنا أن نرجعَ للعيش هناك، أراه كطيفٍ يُؤرقني.

أطرقَ ثم همس:

– تَحاملْتُ على نفسي وذهبتُ، بَدا، كئيبًا، مُصفرًا، وحيدًا، منسيًا، الأمر الوحيد القادر عليه لجعله يحيا من جديد هو أن أرسمه كما كان.

– ولم تبيعها؟

– أنا لا أبيعها، أنا أتباها بها.

– باللوحة

– بالمكان

– لكنك نسيت أن تُزيل بقايا السيارة العسكرية

-أترينها قد أفسدت حياتنا يومٌا، ولا تصح أن تكونَ من ضمن ما تبقى من ذكرياتنا الجميلة!!، لكن لا بأْس.

صنعنا منها ذلك الفأس الذي تريْنه حتى والثمن جزء مني،  أمك جعلت من بعض صفائحها مأوى لدجاجاتها.

تنهّدَ وأضاف..

الأهم أن يصلَ رُواد المعرض إلى رؤية إشارتك إليها.

مقالات ذات علاقة

من يسمع قصة المطرة الأولى

المشرف العام

أقْوَى الأَسْلِحَة

عبدالحكيم الطويل

ثورة.. دهشة.. وشاية

إبتسام عبدالمولى

اترك تعليق