عبدالرسول محمد
الرباعيات هي قالب شعري يختزل فيه الشاعر المعنى المراد التعبير عنه اما بصورة شعرية مركبة يجمع فيها بين ما تراه عينه وما يشعر به قلبه وفي ذلك يعتمد على اللغة والعاطفة إضافة إلى الخيال الشعري والرباعية مقطوعة شعرية من أربعة أبيات تدور حول موضوع معين، وتكوّن فكرة تامة. وفيها إما أن تتفق قافية الشطرين الأول والثاني مع الرابع، أو تتفق جميع الشطور الأربعة في القافية. يقول الشاعر خالد فضل الله:
لا داعكت يوم ورد … لا عطّنت ع المعاطن
عزيز سيته جازية غرد… ما افطن لها غير فاطن
أو يصور الشاعر التشابه الحقيقي في صورة شعرية مفردة اي يستخدم المعنى واللفظ المتشابه دون استخدام المعنى نفسه:
نهواك يا قمر لاجل عجبني ضيك
وناسي انك م الشمس واخذ نورك
مابطلت من ضحكك على غاليك
ويسد وانت واخذ دور ما هو دورك
أو يستخدم كل من الإسقاط النفسي إضافة إلى التجسيد والتعبير عن التجربة:
نحنا غيضنا كيف الغدير
الشمس والوطا نزحنه
مغير حيد ع العيب الكبير
ايقطع اعروق المحنه
عزيز عارفه ضالم ونكما ف الخبر …
ثريت المعزه كي تزيد خراب ..
ديمه علي الذروه وينقش في الدبر
مغير الجمل مسع طرا لغراب …
لكن حين نتأمل الحركة الشعرية اليوم يرى أن هذا الفن (الرباعيات) قد أدركه النسيان فغدا أقرب إلى الاندثار أو كاد على الرغم من ظهور كوكبة من الشعراء ممن يكتبون القصيد بمهارة فإلى ماذا تعود هذه الفرقة بين الشاعر وهذا اللون من الشعر الشعبي وعندما نلقي الضوء على (الرباعيات الشعرية) ذات الأبيات القليلة والخبرة الطويلة وما تحمله من تجربة إنسانية وخبرة عالية في ممارسة الشعر، نجد أنها تحتل جملة من الانفعالات النفسية والعاطفية المتدفقة، واللغة الباذخة والصور الحية فتبرز مقدرة الشاعر على إخراج ما تجيش به نفسه. يقول الشاعر خالد فضل الله:
يشكر كبير السن في باكوره
ويقول يا سنيدي في اوقات الفزه
امتا عود يابس بات واخذ نوره
لوما كبير السن فاقد عزه
وبما أن الصورة الشعرية ليست من جماليات الشعر التي يلجأ اليها الشاعر لتجميل قصيدته فحسب بل هي العمل الشعري، والإضافة تكون الصورة الشعرية على حسب الأسلوب وتختلف من شعر إلى آخر أو من شاعر إلى آخر.
والتصوير الشعري هو تفاعل متبادل بين الشاعر والمتلقي للأفكار والحواس، حيث يعبر الشاعر عن هذا التفاعل بلغة شعرية تستخدم المجاز، والاستعارة، والتشبيه؛ بهدف إثارة إحساس المتلقي وتفاعله.
ومَعلوم أنَّ سبيل الكلام سبيل التصوير والصِّياغة، وأنَّ سبيل المعنى الذي يعبِّر عنه سبيل الشيء الذي يقع التصوير والصَّوغ فيه”، وللجاحظ أيضاً قول في هذا، إذ قال: “الشعر فنٌّ تصويريُّ يقوم جانب كبير من جماله على الصورة الشعريّة، وحسن التعبير”. تتكون الصورة الشعرية من اللغة والموسيقى والوزن والقافية والإيقاع والإيحاء، وتتضمن الخواطر والأحاسيس والعواطف.
الرمز أو الإيحاء: القليل من الكلمات يعبر عن الكثير من المعاني والأفكار العميقة، ويتم استخدام إشارات أو صور محددة للتعبير عن مشاعر وأفكار مجردة. يقول الشاعر خالد فضل الله:
اللى تغيهبك نشدت الضيف
على امكردمة في الطريقة
اما تقوله مانك نظيف
والله تخبره بالحقيقة
الاستعارة: وهي استعمال الكلمة في غير معناها الحقيقيّ، وأصل الاستعارة تشبيه حُذِف أحد طرفَيه، ووجه الشبه، وأداة التشبيه:
وايش ايريد فتاش الغمار
وايش يريد يلقا من فجايع
كيف عزيز ينشد عن أسرار
جوا عقل عنده حلم ضايع
يطيع الجمل للعقال … ..
والراجل اللومه اعقاله … ..
مامن اللي م الهبال … ..
باسله حناطت افعاله … ..
التشبيه: التشبيه هو ربط شيء ما بشيء آخر باستخدام أداة للتشبيه:
بين الحطب نافخ الريش
ويجيب م الجمل في اهوجا
لا تريبن يا درويش
دوار راس ماله دجاجا
المجاز هو اللفظ الذي يستخدم في غير الموضع المعتاد:
الريح حطبت للي كثير حطبهم
ونسيت عليه اللي قليل احطبه
ناس واجده نسيين من طببهم
ايام والزمان اشوي فيه اطببه
طلاي الجرب خيفينه يجربهم
قالو يدور من يحيد اجربه
وأخيرا تمكن الصورة الشعرية الشاعر من الابتعاد عن الألفاظ العادية، مثل تجميع كلمات متضادة لإيجاد معانٍ جديدةو يلعب دورًا هامًا بالصورة الشعرية في إيصال المتعة والتأثير على المتلقي، حيث يتم نقل الفكرة بشكل أوضح وتوضيح المعنى بإسقاطه على المبتغى، مما يؤثر في المتلقي بشكل أكبر. ويكون الحديث من القلب للقلب.
وهذه مجموعة رباعيات للشاعر خالد فضل الله:
نا وطيفم لنا زمان
رفق الزايله للحويه
لأ لطيفم بيت نطمان
ولا ها الدبر للشكيه
اكتاف ماسكه موش كتان
اللي ع الغلا كان جاسر
عليه كان هو دار الزمان
يكسر جناح شاهين كاسر.
العلم ضاق من عقل مليان
امواجع وكتف لساني
دبرات قيد من حبل كتان
في ايدين ثلب منهن يعاني
وهذه حوارية أب وابنه من نسج خيال الشاعر:
الابن يخطب اباه بقول :-
يابوى خوك وضناه
مشوا للوطا واحرثوها ..
عليش المهل والمراجاه
تعال بينا نقسموها ..
قاله الشايب:
هاذول ياولد خوى وضناه
والجمله جمل ما انوازى ..
اللى فالشتا سالح أكساه
يبقا منقدة كل هازى ..
قاله العيل:
هاذول وينهم وينما ضاق
زمانك خذيت المنايح ..
هاذول دارهم دار الفرا
مافى رفقهم ربايح ..
قاله الشايب:
دور ياولد بين الديار
وتفقد احوال اليتاما ..
اسا تقولى راك دبّار
وتقولى رفقهم غناما ..
قال العيل:
غريب الجبا طاح فى ناس
عليه يقسموا من عشاهم ..
عاش بينهم موش منهاس
حاسبينه كى ضناهم ..
قاله الشايب:
امتا عمر والى اختار اما هله ولا خواله ..
مكاتيب من رب جبار خواطر الناس الزعالا ..
قاله العيل:
ان ما جابها طرح لا طيب
لنّا ايجيبها سوق حامى
انكان انت حواد عالعيب
اطلقنى انهارج عمامى ..
قاله الشايب:
اعقال الجمل حبل كتّان
واللومه الراجل اعقاله ..
واللى ياخذه راى فتّان
عمامه قرض كى خواله ..
قاله العيل:
هالراى موراى فتان
هالراى مالصغا والحسايف
امعا اجلوه مرات تطمان
ايجيك غر واتبات خايف ..
قاله الشايب:
فالبيت فالشتا راه المكان
يا اوليد بين الجوابر ..
هاناك تدفا وتطمان
ولا القفقفه عالمكابر ..
قاله العيل:
نحنا فالشدايد نركبوا الجوايد
نين البعيد ايهاب فى حاجتنا ..
سكتنا على شيلة الحمل الزايد
نين القريّب طال فى حاجتنا ..
قاله الشايب:
تعال للفريق وقول جو غزايه
اسا تعرف اللى دونه ايدنّى راسه ..
غلطان فالدمايا من يدير سوايا
من دون العرب لاخرى ايعادى ناسه ..
قاله العيل:
انكان الذهب صافى ذهب وامعيّر
وكى تاخذه للسوق له شرايا ..
كلامه الشايب مو كلام اصغير
ان جابلك ادباره راك تهلب رايه ..