المقالة

ثلاث مقالات

من أعمال التشكيلية فتحية الجروشي
من أعمال التشكيلية فتحية الجروشي

من بعض الوجوه

لا أحد يعرف أكثر من الليبيين أنفسهم بأنّ حالة البلد تظل على ما هي عليه مادام ليس لها سلطة سياسية دستورية موحدة لا تزري بفكرة السلطة؛ وستبقى على ذات الحال إذا ما ظلت السلطات الحالية الانتقالية الهشة منفردة بالاشتغال في السياسة المفرطة في العبث لغايات لا تتعلق بأمن هذا البلد واستقراره وتقدمه واِزدهاره، بل بالاشتغال في تنافس محموم للتشبث بالسلطة لكسب الغنائم والنفوذ استمراراً في الفوضى والفلتان والاستهتار بمستقبل البلد.

تَفرّق الناس وتناثرهم

فقد الإنسان الليبي قدرته على إدارة أزمته وعلى جميع الصعد السياسية والاجتماعية، وناله العجز على أن يجد عند جيرانه الحلول لمشاكله المتفاقمة فوجد نفسه يهيم في الهواء المترب كالمعزول، فأخذ يشعر بالعجوزة والاضطراب في الفعل والقول، وغدا يشعر بفقدان الثقة في الساسة والمثقفين والعسكريين وفي الماليشي والملتحي الديني فلجأ إلى جالب المسرات الـ “انترنت” والسّْلْفي و”الميديا الاجتماعية” للتسلية والهرب من وضع البلد المرير، فتغاضى عن قضاياه الكبرى التي ترتبط بكيتونته بالعيش في كيان سياسي منظم، وفتح باب العبط والمشاكل مع أقرانه على النت وازداد عشقه لذاته على صفحات “الفيسبوك”. ولولا هذه الحركة الفياضة واسعة الإنتشار على النت لذهبت سعادة الإنسان الليبي هباءً منثوراً.

حكومة البشائر

إن فكرة السياسة في الوضع الليبي تظهر جلياً بدرجة الشوق إلى السلطة إذ ترى وتسمع العجائب عن متحدث ليبي ظهربكل الثقة على اليوتوب فيما ما يشبه أمر البطولة الجامعة لذاتها أسباب القوة والمناعة والخيال الفسيح ورجعٌ لأماني ظامئات، تجعلك تستشعر في هذا اليوتوب حرارة التوتر والتحدّي الميادين الفساح.

لا ريب إنّها لقطةٌ تحتاج لكثير من التأمل والتبصر حيث يظهر هذا المُتحدث المُهيب جاداً يسوق كلماتاً لا ليلها بليل ولا نهارها بنهار، تبحث في البصر والسمع والوعي فيقول ما يقوله فضول الكلام الفائض الذي لا يستعصي على التفسير والتأويل: “إنّي والله.. إنّي أتكلم بهيبة ملك الملوك.. قائدٌ مُقيد بحكمة العزيز المُعز.. ناصرٌ، مستنصرٌ بقوة العزيز الجبار.. فارسٌ متفرسٌ بعزة من القدير العظيم، شاهراً سيفي للحق منتصراً بإذن الله.. ثقة معززة مظفرة.. ومدد ونصرة وهيبة وسلطان وملك الملوك”.

 وهكذا تكون قوة الكلمة عند من لا يشك في امرها نابضة بالمكابدة التي توحي بجلال السلطة. حقاً إنّه “ملك الملوك” ولٍمً لا فهو خليفةٌ لـ “ملك الملوك” السابق، ولكنّه على يقين لا يعتريه شكّ بأنّه: “شاهر سيفه للحق، منتصراً بإذن الله”.

 وفي نفس اليوتوب نستبين ما يقول عن نفسه مُنذراً بلغة التفرد الحق بأنّه: “حاكمٌ مُتحكم للحق.. كونوا ملوك حق وإنّي لكم من المنذرين”. هكذا حتى لا نتعرض لأسباب الشك ولا ننخدع بظاهر الكلام عن مضمونه، هكذا كانت الكلمات للعلو لا تخلو عن عبادة الذات، ولابد من سلطة مهيبة كي يأتي الخلاص لليبيا بهزة قوية بقوة “حاكم مُتحكم للحق”، ولابد أنْ تكون على يد “الفارس المتفرس” الجامع لنفسه لذائذ حاكمٍ يظهر جليّاً كالضو الباهر الذي يومض على غرّة: “بهيبة ملك الملوك”.

أليست هذه من بشائر انبلاج “الحق” وسط الزحام؟ أليست هذه صحوة الأضواء في الدّجى تعالج تحرير العقل والوعي والتفكير من وطأة التدابر في معنى السلطة وما ترمي أليه السلطة، أم عند الرجل في شؤون الكلمات وقوة مغزاها نظاماً خاصاً ومن واجبنا أىْ نتعمق في معانيه. وعند ليبيا – حتماً- المزيد.

مقالات ذات علاقة

لو لم يكن رضوان بوشويشة ما كانت طرابلس الغرب*

أحمد الفيتوري

أين ليبيا التي عرفت؟ (15)

المشرف العام

محطات حول المسألة الأمازيغية..!!!

عطية الأوجلي

اترك تعليق