الطيوب
عن مركز السلام، ببنغازي، صدر للكاتب الليبي الدكتور محمد محمد المفتي كتابه المعنون (أكثر من سيرة)، أو (حياتي بين الطب والأدب).
في هذا الكتاب يتتبع المؤلف مسارات حياته المتعددة كطبيب وكاتب، بأسلوب مشوق ورشيق يعكس روحه المتسامحة وثقافته الموسوعـية العـريضـة. فالحياة، حياة كل منا سلسلة من النجاحات والعثرات والأمل والإخفاق.
غلاف الكتاب أبيض تزينه ثلاث ورقات عنب خريفـية بريشة المؤلف، لعلها تلمح إلى خريف العمر الذي لحق بجيل الدكتور المفتي.
ويـتـناول النصف الأول من الكتاب (11 فصلا، في 120 صفحة) مراحل حياة المؤلف من الطفولة، تحت عـناوين مثل: ذاكرة افتراضية وطالب بعثة، وطبيب في البيضاء وقصة السجن وجـرّاح في الهواري. وقد كتب كل فصل بقلمين: رواية المؤلف وملحق بقلم أحد الأدباء من أصدقاء المؤلف تلقي ضوءا على مرحلة ما ومن زاوية مختلفة، من ذلك مساهمات د. سالم الهمالي ود. محمد بن عامر، ود. محمد حسن البرغـثي، وأ. عطية الأوجلي وسالم العوكلي وآخرين وجميعهم مذكورين. وقد أشرف على تحرير الكتاب د. فــرج نجم الذي شدد على دور الصور كمكملات للنص وكوثائق تاريخية.
وفي فصول لاحقة يعرف المفتي بمشروعه الذي سبق أن طرحه في كتابين عن (تــوطين العلم.. أولا) والمقصود بتوطين العلم هو غـرس العلوم والتقنية في مناهجنا الدراسية وتبنيها أســوة بالدول المتقدمة وعلى منوال ما أحرزته دول ومجتمعات مثل سنغافورة وماليزيا وكوريا وغيرها. توطين العلم ليس مجرد نقل لمناهج نظرية تستظهر بل وانتاجها حتى نتحــرر من الاعتماد على الاستيراد.
القسم الثالث من كتاب (أكثر من سيرة) يتناول عرضا لمؤلفات المفتي التي نالت نجاحا تحت عنوان هــدرزة، وتناولت التاريخ الاجتماعي لمدينة بنغازي، وسهاري درنه، والأيام الطرابلسية، ومدينة وراء الأفق (المرج القديم) وأخيرا مواهيم الجبل.
وتشمل الفصول الأخيرة تعريفا بكتب المفتي التي تناولت التاريخ السياٍسي في سياقه الاجتماعي وهي: الوطن الذي يسكننا، وزمن المملكة، وثورة 1969، وجماهيرية الرماد وذاكرة النار (يوميات ثورة 2011)، وكتاب وراء جدار السنين الذي وصف فيه تجربة السجن السياسي. وكتابيْ جمعية عـمر المختار، والسعداوي والمؤتمر بين التمجيد والنسيان.
وأخيرا تظل كتابة السيرة الذاتية نوعا من التـأريخ لمجتمع الكاتب في بيئة معينة وحقبة معينة، شهادة شخص معاصر عايش ورأى، بشرط أن يـتوخى الصدق والشفافية. وفي كتاب أكثر من سيرة يحقق المؤلف هذين المعيارين ليكشف ما مرت به ليبيا من تطورات وأزمات تلقائية أو مفتعلة.