قصة

صاحبة الثريد

من أعمال التشكيلي المصري محمد حجي، من كتاب (رسوم من ليبيا)
من أعمال التشكيلي المصري محمد حجي، من كتاب (رسوم من ليبيا)

1

الصبح تنفس بنسمةِ صدقٍ وابتهال، تنفس باهتزازه اللطيف، سنابل الحقل تهتز بريحٍ قادمة من رحم الغيب الشغوف بديموته الصادرة عن ضوء النجم القصي، ريح مرحة تعزف الحان الخلود، ريح ما كلّها الزمن قد قطعت اليباب الشاسع سيدة يرى ملامحها، تباعد سكناه عن سكناها حتى كأنّه لم يكنْ، تأهب لمواجهة البلايا شديدة المكر، لا يبالي.. سيدة وجودها كامن في أصل الوصل.. في الفجر الحنون تُشعل حطب التّنور بسحر أناملها الرقيقة، تطالع وجهه البعيد، تُغذي التّنور مُتعبدة، تطوي الجفن على رحيق النّدى الطري، في الفجر يولد طعمه، وفي الفجر الدّار آمنة. آمنةٌ بالقرب من سيدة ليس الإشراق عنها ببعيد، بيضاء السريرة، حسنة النية.

2

هكذا تمتد يداها بثريدٍ لم يزل لهُ معهُ موعد، ثريدٌ بتمرٍ شهي وسمنٍ، أهدته صحناً، أدمنى طعمه، يستجدي المزيد من رحيق صفاء العمر، تسلم يداها، منذ أنْ كانت هي وكان..  شاع رحيق الثريد فسعد بحديثه، بصوته الصداح.. سيدةٌ تسكن روحه، سيدة غاليةٌ بحقٍ، لم يعد يرجو من الدنيا ثمرٌ غير ثمرها، فكيف القلب ينساها ولا يراها بمقلته العفية..  يا راحة العين من طول السهاد سلمت يداك فقد ملّ الفضاء الرحب تجواله وترحاله.. سمعته يردّد دون أنْ تمس ذكرياته علة أو غفلة.

مقالات ذات علاقة

زيارة خاطفة

ناجي الشكري

الاختناق

المشرف العام

الشمعة لا تنحني..وان انحنت انطفأت

عبدالله الماي

اترك تعليق