تظل الصورة في أدب الطفل عالما متفرّدا بكل ماتحمله من جماليات المعنـى ،وبكلّ ما تخطر في بال الطفل الصغير الذي تحركه دوافـع حب الإستطـلاع لكـل مــاهـو غامـــــض وممتـع ،وهو يرى الصورة فنا يجمع بين الكلمة و اللون وأسلوب تشكيل الصورةالتي يحاول الرسّام فيها أن يجمـع بين خـيط المنطـوق من الكلمات،وبين المنظـورمن تلــك الأشكال التي تتحسـد في هيئات فنية لأشخاص أو كائنات من الحيوانات والطيور والطبيعة،وكلّ ذلك يساهم في خلق عالم خيالـيّ يتناسـب مـع ذوق واهتمامات الطـفل النفسيـة والـروحيــــة،والإجتماعيـة والفنية.
– ويرى ” هربرت ريد H.REED” أنّ أوّل من لفت الإنتباه إلى إمكانات الرسم التربويةهو الإنجليزي ” جون رسكن j.ruskin ” وذلك في الفترة مابين 1819-1890.وقد نشركتابه والذي هو بعنوان” مبادئ الرسم عام 1857،إشارة إلى أنّها فرصة متاحة لرسم الطفل، كما أشار ” جيمس سولي “إلى أنّ رسوم الأطفال مهما كانت فضّة وغريبة،فهي تكشف عن عملية النمو عندهم، ولذا فالرسم هو اللغة الصامتة الموحية التي تمكن الطفل من مخاطبة الغير،فهو لغة غير لفظية يعبربهاعن مداركه العقلية إذا حاول الرسم أمام الكبار،فما بال الكبار إذا رسموا للطفل رسوما مرافقة لتلك النصوص الموجهة للصغار؟
إنّ الرسم في أدب في أدب الطفل ليس مجرد ز خرفة أو تزيين للنص، بل هو جزءلا يتجزأ من المعنى والرسالة التي يحملها النص ،ولذا نجد من الصعوبة أن تكون تلك الرّسوم مطابقة تماما لمعنى النص،فإذا كان هناك كاتب موهوب مختص في الكتابة للطفل شعرا ونثرا قصة ورواية ومسرحية،فليس ممكنا أن نجد رسّما مختصا في رسومات الأطفال،بل نجد القليل من المواهب في الرسم تصلح بأن ترافق رسوماتها الأعمال الأدبية الموجهة للطفل ،فالرّسم في أدب الطفل يعتبر جسرا بصريا إبداعيا يربط بين الكلمة والصورة، ويجعل الكلمة تنبض بالحياة من خلال التجسيد والتشخيص والتعبير، ومن خلال تلك المعاني التي يتضمنها النّص،فهويقوي ذاكرة الطفل، ويعزّز جاذبية الإننباه ،ويحفّزه على القراءة وذلك بدء من غـلاف الكتاب أو المجـلة الخاصة بالطفل، وتسهّل الرسوم أمام الطفل طريقة الفهم كما تساعده على إعادة سرد النّص من جديد،وذلك بشرط أن تكون تلك الرّسوم متناسقة،ومتوافقـــة معى محتـوى النّص وأسلـوبه.
ومع الفكرة المراد طرحها، كما يحقق الرّسم في أدب الطفل ذلك التوازن بين المتعة والفائدة حيت يساهم في تقديم معلومات ومعـارف وقيّم ،وأفكار جديدة بأسلـوب مشــوّق ممتع وجميل.
كما يساهم في إبراز جوانبا من هويات وثقافات بعض الشعوب ،وعاداتها وتقاليدها ،ويقوي قدرة القارءئ الصغير على فهم تفاصيل تلك الأحداث التاريخية،وتحديد المواقع الجغرافية التي تدور فيها أهم الأحداث في أي بلد من بلدان العالم ،ومن أهم شروط الرّسم للطفل أن يختار الكاتب الرّسام الموهوب المحترف من أجل مرافقة نصّه بصوّر تضيف إليه الجودة العالية ببراعة وبقدرة فائقة،وعلى الرّسام لأدب الطفل أن يكون على مستوى كبير من الوعي والفهم للنص الذي بيـن يديـه،وهو بذلك يستخدم تلك الأساليــب الفنيّـةالمعبـرة المناسبة لسنّ الطـفل ومستواه المعرفي والدراسي،كما يجب عليه أن يكون مبدعا لا يركن إلى تقليد منجزات غيره الفنية،وألا يكرّره نفسه في أعمال أخرى جديدة ،وعليه أن يحترم تلك التفاصيل الفنية الصغيرة في النص ،وأن تكون رسومه مدهشة في نظر الطفـــل القارئ من حيث الألــوان والخطـوط والحجم، وبذلك يكتمل العملé المقروء الموجه للطفل،وهو ينبض بالرّقة والرذوعة والجمال.
– هامش:
– 1- ألسير هربرت إدوارد ريد .مؤرّخ فنيّ وناقد أدبي انجليزي عاش في القترة 1868-1893.
-2- جون راسكن رسّام متخصص وناقد فنيّ عاش في العصر الفيكتوري 1819-1900.