الشعر صديق الشاعر.. يكتسب صفة الذاتية.. ذلك أن البناء سيكون بالضرورة قادم من الشعور الذي عادة ما يكون في ثقافة الشاعر ذلك الصنف الذي يكون في غناء وارف من المفردات التي من شأنها بناء القصيدة المخاطبة لذوق المتلقي وسعة ادراكه.
والقصيدة الجيدة وان كانت ذاتية فأنها من الضرورة أن يكون حضورها مكللا بصورة منتقاة وتأثر اللحظة وحرية الإحساس وجميع تلك العناصر هي الكفيلة بإيصال الكم من تفاصيل رفيعة خفيفة في وقعها على الروح والسمع معاً.
والشاعرة/ نعمة الفيتورى شاءت في قصيدتها أن تكون في جمع هذه المعطيات لكنها أيضا كانت في وفرة من الفكر الذي ولّد في الحقيقة تلك الحالة الوجدانية المحمّلة بلحظات من عاطفة وتذكّر وذكرى في وقت واحد فجاء الهدف والمعنى عبر زمن مثله الليل والبراءة عبر الابتسامة والمعنى المخفي وراء ابتسامة من براءة.
هذه الجسور كانت تقود وبتأني الى حالة من “العبرات” في خضم ذاكرة قلقة ومتوجسّة وتطّلع الى مشرق شمس.. ليشكل لها ذلك نوع من حالة غياب مستتر. هذا الغياب الذي لم يكن بمنأى عن سؤال.. مجرد سؤال عن قادم لغد هو نتاج لخيال لأمس دابر وتمني لغد قادم.
تقول الشاعرة/ نعمة الفيتوري:
الليل يطوي صفحة من نهار
وابتسامة طفل
تطوي ألمي
في غيابك
تسيل العبرات
وتدور الذاكرة
في حضرة الحنين
كحزن الليل البارد
يلتقط ثدي الشمس بلهفة
كرضيع جائع
كسجين مجهول الإعدام
كالتاريخ أبقى قيد انتظارك
أفتش عنك
في أحداق النوافذ
وفي آفاق المدى وريح الدروب
باردة هي
لا يلتفت إليها الدفء في غيابك
اناجي القمر
فيشيح بوجهه
كما تشيح مرآيا العهود
لا يهدأ صخب الريح
في مُقل الوجد
ولا تترنح الدمعات لفقد
بين أمل لا يتوارى
ويأس يقاتل بشراسة
يا زادي الذي لا ينضب
وأملي البعيد القريب
هل سيبقى الخيال أنيس الليالي
أم سينعم القدر بإطلالة باتت سرابا؟
متى؟