سئمتُ، والليلُ يشهدُ كم سئمتُ
كأنّ العمرَ في يأسٍ رُسِمْتُ
ستَ عشرةً قد انقضتْ من دون جدوى
كأنّي في رُقادٍ ما استَفَقتُ
أجوبُ الأرضَ أسألُ كلَّ بابٍ
فكم من بابِ أملٍ ما طرقتُ
فلا كُفءٌ تُراعى فيه حالِي
ولا عدلٌ على مثلي سبقتُ
وكم خطَبتُ الوظائفَ غير أنّي
رأيتُ الحظَّ في قومٍ سُرقتُ
فواسطتُهم لهم ذنبٌ عظيمٌ
ومثلي للمهانةِ قد سُحقتُ
تقولُ الناسُ: صِرتَ اليومَ عارًا!
وتَكتمُ حُزنَها حتى اختنقتُ
وتُبصرني العشيرةُ في احتقارٍ
كأني في الدياجي قد وُلدتُ
وكم أرخيتُ رأسي عند بابٍ
أريدُ العونَ، لكن ما سعيتُ!
فقالوا: الرُّشوةُ الآنَ اقتدارٌ
فهل بالمالِ يا هذا أتيتُ؟!
وإلّا فارحلِ اليومَ انتظارا
لموتِ العمرِ، حتى ما بقيتُ!
فقلتُ: العيشُ من غير اكتسابٍ
كعيشِ المرءِ مسلوبًا خُلقْتُ
أيا وطني، أما في العدلِ حُكمٌ؟!
أليسَ لنا حقوقٌ إن أردتُ؟
إذا ما كنتُ لا أنوي نفاقًا
أعيشُ الذلَّ أم أمضي رحلتُ؟
سئمتُ العيشَ في همٍّ وقهرٍ
كأنّي فوقَ رملِ البيدِ نِمتُ
فلا أملٌ، ولا قوتٌ، ولا حُلمٌ
كأنّ الدهرَ في نحسي عَزَمتُ!