نعيمة الطاهر
زمالة القاضي نوع من الحلويات الزمنية، فتحت عيوني وكبرت وانا اعرف بانها ذات طابع “طواهرية”، خاص، بمعنى انها تنسب إلى عائلتنا كطواهرية تحديداً، فقد اتقنت صنعها جدتي والدة ابي غالية بنت النعاس، وهي السيدة المعروفة بانها “فالحة” وذات شخصية قوية.
جدتي تلك توفاها الله قبل ان تتزوج امي من ابي رحمه الله وغفر له، يقال بانها قد ورّثت طريقة صنع الزمالة لبعض من نساء العائلة، ولعل أشهر من كانت تبدع في تجهيزها وصناعتها، زوجة ابي “امي خيرية” رحمها الله، وعلى يديها تعلمت انا واتقنت إعدادها والتفنن في صناعتها.
في عائلتنا عرفنا زمالة القاضي، كنوع من الحلويات الفاخرة التي تحضر فقط في شهر رمضان، فطعمها وحضورها ووجودها على سفرة “شقان الفطر” غير، قد يتم صنعها في اوقات مختلفة غير شهر رمضان، ولكنها فيه تحديداً تكون ذات مذاق خاص ومميز.
ما عرفته من امي التي تتقن اعدادها هي الأخرى، ان التسمية تنسب فعلا إلى شكل ولفة عمة القاضي التي تعرف في اللهجة الدارجة بالزمالة، فعجينتها يتم حشوها باللوز او الكاكاوية ومن تم تلف كالزمالة.
الحديث عن هذه الحلوى اللذيذة الفاخرة، يطول وسيكون ذو شجون. ما اردت قوله انني عشت سنوات عمري الأولى وأنا اعتقد ان زمالة القاضي كانت تصنع خصيصاً لعمي القاضي الشيخ/ الطاهر محمد بن إبراهيم الطاهر شقيق والدي الاكبر، الذي غادر هذه الدنيا الفانية منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي، ولم انل شرف التعرف عليه والعيش معه.
عمي هذا يا سادة يا كرام، كان قاضياً معروفاً من ضمن قضاة القطر الليبي، وهو خريج الجامع الأزهر في مصر، وإذا ما سألنا عنه في القربولللي وقصر الاخيار وترهونة والعزيزية وطرابلس، فسنجد من يعرفه، ويتحدث عن سيرته العطرة.
رحل عمي القاضي ووالدي وزوجة ابي، رحمهم الله، وبقيت زمالة القاضي خالدة، احرص على تجهيزها في اول ايام شهر رمضان الكريم، وأستحضر معها أحاديث ابي وحكاياته عن “حياة سيدي الشيخ القاضي” فهكذا كان يذكره بكل التبجيل والفخر والاحترام.. وكلما فرغت من صناعتها اسارع إلى أمي، أرسل إليها الصور واهاتفها، لنتحدث عن ذكريات سكنت ذاكرتي وخاطري، حين كنت تلك البنية التي تجلس في محراب والدتها، تتعلم كل ما هو جميل وبهي.
حفظ الله امي.. والله لا تقطع لي عادة يارب.