أنا كافر بالتاريخ الليبي، كافر بالشخصية الليبية الرسمية، كما أنني أعتقد جازمًا بأن المواطن الليبي يعاني عقدة مرضية متأصلة فيه، تدعى بـ: ليبيا.
الأمر ليس جديدًا على الإطلاق، فكما قلنا إنه متأصل بعمق، بدأ قبل ولادة التاريخ نفسه، كان الاسم هو اللعنة التي ولدت في أحد معابد روما، أو تحت سنابك البطالمة، أو حتى في أعماق المدن الخمس المدعية بكونها، فقط ليبيا، إنها لعنة يجب ألا تُذكر.
إنه مواطن مسلوب يُقدس خمسة أحرف مجردة، يهيم عشقًا بها، لأجل تلك الخمسة أحرف، يقف المواطن الليبي بكل عناده في وجه كل مدينة، بوسعه كل بقعة منها، قتل كل إنسان فيها، إنه مستعد لإشعال النيران في نساء وأطفال ليبيا لأجل عشقه المرضي لخمسة أحرف: فهل لعنة البلاد في اسمها الحي في الأذهان أكثر منها؟ الأمر ليس جديدًا على الإطلاق، فكما قلنا إنه متأصل بعمق، بدأ قبل ولادة التاريخ نفسه، كان الاسم هو اللعنة التي ولدت في أحد معابد روما، أو تحت سنابك البطالمة، أو حتى في أعماق المدن الخمس المدعية بكونها، فقط ليبيا، إنها لعنة يجب ألا تُذكر، هكذا كما يُحرم التلفظ ببعض الأسماء في ثقافات بعض الشعوب، يجب الالتفاف حول الأمر، يجب ذكر بُرقة وطرابلس وفزان ونيوميديا، الجنة التي تُفقد وعش الدبابير والإيالة الجانحة، أو حتى بالمربوعة التي بلا سقف على رأى الحبيب بورقيبة، الذي لم يتوان بتذكير العقيد الجاهل ذات مرة بأن بلاده، هي في الحقيقة، فزان وبرقة وطرابلس، وأنها لن تجتمع، فأصر العقيد على جمعها تحت رداء كهنوتي، فما الذي حدث، تحولت اللعنة عميقًا في الاسم نفسه، منذ أربعين سنة، كنا نقاتل لأجل أن تعيد تسمية ليبيا إلى البلاد، بعد أن كادت تتيه وراء خمس كلمات، ازدادت كلمة ضمن نظام تحدى علنًا الخماسية الشهير، بخماسية أخرى، كان على غرار التاريخ يجاهد لكي يبتعد عن التسمية التي تجلب البلادة، بل تجعله يولد حتى من أعماق معبد روماني، إنما لا يمكن الصراع مع القدر، لا أحد يمكنه فعل هذا، حتى لو توهم كازانتزاكي المولع لحر ليبيا كأجداده، أن بوسعه فعل ذلك، فأمجاد البلاد أوهام، كما كانت أمجاد اليونانيين لدى تحطيم طروادة، تلك المعركة التي تفجرت لأجل اسم مختصر في هيلين، واسم آخر مختصر في طروادة، إنه صراع الأسماء، راح في سبيل مجدها الملايين، حتى الجيش المنتصر دُمر تمامًا، ليجد قائده نفسه في صراع مع اسم آخر هو الإله بوسيدون، الذي يقال إنه ولد في ليبيا، وإن هناك من لا يزال يحمل شعاره، في راياتهم –وأعني الأمازيغ، أشخاص عانوا أزمة التسميات في مواجهة ليبيا الأخرى، فليعذرني كل ليبي يقرأ هذا، فأنا لست متفائلاً كما بدا خالد الدرويش ذات مرة في قصيدته: “أنا الليبي متصل النشيد”، لا أؤمن بالنشيد الليبي، كما كان على أوديسسيسوس ألا يؤمن بأغاني كاليبسو، لأنها صنارة اللعنة، لأجل اسم آخر مكون من خمسة أحرف وهو: قبيـلة. ولا تستغرب أرجوك من تنكيرها.
سيدتان على حافة الجنون..
إن الثمن الذي تدفعه المرأة المرتبطة بمتلاعب، غالبًا ما يكون عقلها، يتضح هذا في عدة زيجات بين طرفين مختلفين تمامًا، زوجة، هادئة، متزنة وتقليدية، وزوج طموح، متلاعب وباحث أبدي عن المرح والاختلاف، أنيس منصور يتحدث عن غراميات محمد التابعي، يؤكد أن زوجته كانت تتصل منتصف الليل بأصدقاء التابعي، لتسأل عن معارفه النسوية، وأن الغيرة تكاد تقتلها، كما أن التابعي نفسه يتحدث في كتابه: من أسرار الساسة والسياسة عن أحمد حسنين باشا، الذي كان على علاقة غرامية بوالدة الملك فاروق، الملكة نازلي، على الرغم من أنه متزوج، مما دفع زوجته إلى أن تكتب منشورات، لتنشره بين الناس مهاجمة الملك ووالدته الملكة التي تسرق زوجها، حتى إن الأمر بلغ الملك فاروق، الذي استدعى حسنين باشا، ليطلعه بأن زوجته جنت ولا شك، حسنين الطموح السياسي، وجد نفسه في موقف لم يتوقعه يومًا، فتقربه من الملكة كان سببه هو طموحه السياسي، بالصعود في الدولة، وعداءه لمجموعات بعينها، في تلك اللحظة عرف بأنه أمام خيارين، إما أن يحتفظ بزوجته ويتخلى عن طموحاته السياسية، أو يتخلى عن زوجته، لتغرق والدة الملك في عشقه، ويتقرب أكثر من الملك نفسه، محمد التابعي يقول عن حسنين باشا إنه ميكافيلي المنهج، فذات مرة جاءه زميل دراسته فيما هو يقرأ في إحدى الساحات، عندما شعر بحركة بالقرب منه، أسرع بإخفاء الكتاب، الذي استطاع زميله أن يعرف بأن كتاب الأمير، الذي يقول صاحبه، إن الغاية تبرر الوسيلة، إن حسنين باشا في نظر التابعي بوسعه أن يُقدم على أي شيء لأجل طموحاته، حتى إن يبيع مصر لأجل مصالحه، لأجلها تخلى عن زوجته، ودخل في عداء كبير مع الأوروبيين الذين أهانوه إهانة بالغة، بعد أن جاءهم بكتاب الواحات المفقودة، نصبوه بنياشين ثم طلبوا من أن يلقي محاضرات جامعية في مقابل 25 ألف جنيه إسترليني، بشرط أن يلقيها وهو يرتدي ملابس بدوية، عاد بعدها كارهًا لأصدقاء الأمس، في إحدى الليالي صدمت سيارة، سيارته من الخلف، مما أدى إلى إصابته ومقتلهن ويقال إنه دخل في تبادل إطلاق نار، مما سبب مقتله، بعد موته هاجرت الملكة نازلي، مهاجرة من مصر، وتم الإعلان بأنها غدت نصرانية، فهل كان حسنين باشا سببًا في هذا التحول؟
بوابة الوسط | الأربعاء 30 أبريل 2014م