الشاعر لا يعلّم الناس التاريخ، لكنه يوقظهم من حطام الذات.
(1)
الأنتك.. والأستك *
والأنكا… والمايا *
أسماء في فهم التاريخ تقترب
وفي سر الروايات تغترب
أسماء مثل كلّ خوارق هذا الكون
تأتي.. ثمّ تأتي ثمّ تمضي
ولا تأتي دون أن نمنحها سر الفهم
في سرّ الوقت
ويطويها ويطوينا خجل الصمت
وفي كلّ عصر يتجدّد
في دمنا (الماردو) طويل القامة
عريض المنكبين مفتول القهر*
مشهود له بالجبروت
يسقينا من دمنا ما يروينا
ويطعمنا من لحمنا ما يكفينا
ونظلّ نجوع للمأساة فينا
ويظلّ الصوت فينا سجينا
وحده (الماردو) من يظل طليقا
وسمّه للخلق رحيقا
هو من يخلع أسنان النّاس
من ذهب وماس
ونراه في الصورة المثلى صديقا
يد تلوح بالسلام وتطلق للسهم عنانا
هي نفس اليد التي تزهق روح الحمام..
(2)
فلماذا إذن يثور (كاسكيرا)*
وينتفض في التاريخ (غواتيمالا)
وشعوب الوطن الذّاهل نساء ورجالا
ونظلّ في كفّ الوطن الواحد
شعوبا في المأساة نتوالى
وفي دكنة هذا الحزن أشباحا وظلالا
والبدر فينا ما اكتمل
يا صحراء صحاري العمر
هل يطلع الحنظل فيك من عرق السفر؟
هل يبزغ الآن هلالا؟
يا صحراء صحاري العمر
يا عمر القوم يا حدّ نجاة الصمت
يا صمت الموت.
غضبى شعابك وشعوبك
في دقات الموت.. في دقات القوت
في قاف الخوف في بطن الحوت..
(3)
من يذكر عدد الموتى منكم؟
في الوطن القصّاب المقصوب
في الوطن العرّاب المعروب
في الوطن النكّاب المنكوب
في الوطن الصلّاب المصلوب
في الوطن الرّواع المرعوب
في الوطن السلّاب المسلوب
من منكم يذكر أدوات الرسم
لأطفال لم يولدوا الآن؟
خارج اللون الأحمر
خارج الذلّ الأصفر
خارج الكفن المزهر
نحن يا سادتي بقايا
من بقايا (المــــــــــــــايا)
نحن خطوط وهمية
وأغاني متعبة للغاية
فأعدّوا رواحلكم وقوافلكم
في صحاري الحزن
وأعدّوا نفط موائدكم
ولحم طرائدكم
كي يقتنع (المــــــــــــــــاردو)
إنّ كلّ ما لديكم لا يشبع
وأنّ حدودكم للريح لا تمنع
و(الماردو) إذا ظمأ فمن دمكم يشرب
و (الماردو) إذا غضب لا يطرب
والماء على الظهور محمول
والقوافل عطشى
والوتد فيربع الخيمة مكسور
والقوم في كلّ سباق يسير بها أعشى
يخطئه الموت ولا يخطئه الممشى
وعلى زنديه يرسم قلبا مطعونا
وعلى صدره يرسم نعشا
فيقبّل الأرض بين يديّ (الماردو)
ولا يخشى… ولا يخشى.
هوامش..
الأنتيك -والأستك-والأنكا- والمايا. هي شعوب قديمة في التاريخ.” حضارة المايا”
الماردو. هو دموي إسباني ظهر في طليطلة قتل 70ألف من الأستك ونزع أسنانهم الذهبية شماتة بهم.
كاسكيرا. هو جنرال ثار ضد الحكومة الشرعية في أمريكا الظالمة للشعوب