بريق مُفرح
وقفت عند قبره، اقتربت منه أكثر، تشع عيناها ببريق مفرح، اسْتمدّت من يأسها قوة، ردّدت دون تردّد ما كانت تُردّده كل مرة تزوره: أتدري أيها المسجى المنطوي تحت التراب والطين أنّني ممنوعة من أنقلك إلى بيتك حياً؟ ناداها: في بلد القيظ زال اليوم مستقبلي كما زال أمسي.
العبث
كان يقف متسمراً أمام بيته، قال بصوت خفيض: طالما لستُ جائعاً في هذا البلد فلن أتركه، وإن تركته فإلى أين أمضي؟ سمعه جاره فألقى اليه بصوت حائر بعض الكلمات: هذا زمان يسير بمشيئة الريح فلا تبرحنّ مكانك فتضيع مع التيه، تنهد، برهةً فأضاف: الزم الصمت وأبقى جاثماً يأتيك اليقين. أصغى لصوت جاره، طفح وجهه بالقلق، أجابه بحرارة: من العبث أنْ أحدق فيما لا يطال وأنا أندب حظّ هذا البلد! أجابه جاره بحرارة: أما تعبت؟
الأحجية
بدأ الظهر يهل، فقد ظله، يقف كصنمٍ عند تلة خفيضة قرب بيته، سعير ريحٍ يهلّ ولا يحسه، في عينيه تصرخ روائح القحط، علبة سجائره فارغة، يقول مخاطباً نفسه: عليّ أن أعبر هذا الجسر المظلم كي أجد تلك الأحجية السحرية، تنفس بعمق وأضاف: ما المصير إنْ وجدتها؟ حدّق أمامه، رأى عند سفح الشارع أعضاءً مبتورة يطويها كفّ الده عن الرؤية، وجثث متناثرة عافها نور الحياة.
العطش
كمن يتكلم في نومه من صدى الماضي، وقف في وسط الميدان خطيباً: يا هذا البلد الذليل، لِمَ الموت عطشاً وكل آبار المياه تسيل بين ايديك؟ في رمشة عين تحوّل الميدان سفينة من غير رُبان وعلى شراعها نُقشت: من يزرع السراب في القفار؟ أفاق عنوة ً سائلاً: أخيرٌ هو أم شرٌّ؟
تجبّ ما قبلها
غمائم السحائب معلقة راجفةً على ستائر شبابيك بيتها، كل غمامة ترقص على رنات رفيف المطرالحائر، غمامة ترقصُ فاتنة بهية.. هامت في صمتها، وصلتها عبر نافذة مجاورة نسمة عنبر وبخور عطرٍ، شباكها بللّه الماء.. أقبلت هسهسة نغمةٍ تهمس من وراء الستائر: ” الصبا والجمال مِلك يَديكِ.. أيّ تاجٍ أعزُّ من تاجيكِ “.