الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان
بمناسبة اختيار طرابلس عاصمة للإعلام العربي لعام 2022 وضمن فعاليات أسبوع الإعلام العربي نظمت الهيئة العامة للصحافة مساء يوم الثلاثاء 25 من شهر أكتوبر الجاري، حلقة نقاش تحت عنوان (الإعلاميون في ليبيا…تحديات الواقع وآفاق المستقبل) وذلك بالقبة الفلكية بطرابلس، بحضور نخبة كبيرة من الإعلاميين والصحفيين الليبيين والعرب والمهتمين بالشأن الصحفي والإعلامي الليبي، وقد أدار وقدم حلقة النقاش الدكتور “خالد غلام” عميد كلية الفنون والإعلام بجامعة طرابلس، وشارك في حلقة النقاش الكاتب الصحفي “عماد العلام” رئيس تحرير صحيفة ليبيا الإخبارية بورقة بحثية عنوانها (الكفاءات الإعلامية الليبية…إحصائيات وقدرات)، حيث أوضح العلام في مستهل مداخلته إنه من الصعب جدا حصر ذوي الكفاءة والخبرة في مجال الصحافة الليبية عبر سنوات فتاريخ الصحافة في ليبيا طويل جدا لذا الباحث يجد صعوبة في تحديد كل هذه المراحل التي مرت بها الصحافة الليبية.
المراحل التاريخية للصحافة في ليبيا
وتابع بأنه قد حاول من خلال ورقته أن يقدم لمحة تاريخية عن الصحافة الليبية كتمهيد بسيط لما مرت به الصحافة باعتبارها صحافة رائدة في المنطقة العربية حتى وإن ظلمها الإعلام العربي تظل الصحافة الليبية هي صاحبة السبق في إصدار أول صحيفة عربية وهي (طرابلس الغرب) عام 1866م وقبل صدورها كانت هنالك محاولات صحفية كصحيفة المنقب الإفريقي 1827م التي أسسها القناصل الأوروبيين في مدينة طرابلس وكانت تصدر باللغة الفرنسية قبل ظهور صحيفة طرابلس الغرب بشهادة كل الموثقين والباحثين في التاريخ الصحفي العربي، وأشار إلى الصحافة الليبية مرت بحقب وفترات مختلفة أولها مرحلة العهد العثماني كانت من ضمن المراحل التي عاشتها الصحافة الليبية ووقتذاك كان واقع الصحافة مترنح في أغلب الأوقات حتى عام 1908م عندما صدر الدستور العثماني نتج عنها طفرة في الصحافة الليبية والعربية عموما، واستعرض العلام مجموع الصحف التي صدرت في تلك الفترة منها صحيفة العصر الجديد والكشاف وأبو قشة والمرصاد والتعميم والحريات علاوة على عودة صحيفة الرقيب للصدور بعد توقف، وتطرق العلام لماهية الموضوعات التي تناولتها الصحف أوان ذاك الزمن فغلب عليها الطابع السياسي المحض وقليل منها اجتماعية وثقافية حتى مجيء حقبة الإستعمار الإيطالي عام 1911م لعقبه توقف لجميع الصحف والمطبوعات تقريبا بحكم المرحلة الجديدة ولفت أن كل مراحل الصحافة الليبية ارتبطت بشكل مباشر بالجانب السياسي، وأكد العلام أن الصحافة الليبية تملك أسماء وأقلام كبيرة حيث كان لهم دور حيوي وكبير في نشر الصحافة وتطورها عبر المراحل التاريخية، وقال العلام حسب ما توصل إليه من بحث شخصي أن أول من مارس العمل الصحفي في لبييا هو “حسونة دغيس” المولود عام 1778م وتوفي عام 1836م وهو ما تؤكد معظم المصادر التاريخية، موضحا بأننا في ليبيا لانزال نعاني في مجال الصحافة من غياب التوثيق والوثيقة هي المشكلة الأساسية في التعامل مع أي حدث لاسيما عندما نبحث في مجال الرواد ويظل كل مجال محط للجدل مهما يحاول الباحث الاهتداء لحقيقة واقعة ما ربما تكون هناك بعض القصور، وواصل العلام استعراضه البانورامي لبيبلوغرافيا الصحافة الليبية في مرحلة ما بعد الاستقلال عام 1951م ووصفها العلام بأنها مرحلة جاءت مترابطة إلى حد كبير فيما يتعلق بالنشر والإصدار الصحفي.
التحديات المهنية للكوادر الإعلامية
أعقبه مشاركة الكاتبة الصحفية “فتحية الجديدي” مدير تحرير صحيفة الصباح التي شاركت بورقة بحثية عنونتها (التحديات المهنية للكوادر الإعلامية) وشددت من خلال على أنه من المفترض أن يردي الصحفيون مهماهم المهنية ضمن بيئة جيدة تتيح لهم القيام بالعمل الصحفي على النحو الأكمل لتقديم محتوى يصل للمستوى المطلوب ويستقيم مع الشروط والمعايير المهنية وفق مواصفات الصحافة الحقيقية كفن ومهنة وحرفة وذلك تحقيقا لأهدافها بدائرة مسوؤلياتها التي تكفل حق الصحفي داخل بيت العمل.
وأوضحت الجديدي عبر مداخلتها أن الحديث عن التحديات المهنية في قطاع الإعلام يتوجب ذلك الإشارة إلى الصعوبات والعراقيل التي واجهت الإعلاميين على اختلاف أنواعها وطالت الكثير منهم أثناء فترة العمل ومنها ما يتعلق بالعمل وىخر متربط الإعلامي نفسه، وتطرقت الجديدي للحالة الأمنية باعتبارها أبرز العوائق التي تحول دون تأدية الصحفي لعمله بمهنية وهو في ذلك يتشارك مع المواطن في معاناة تتفاقم جراء الانتشار المهول للأسلحة خارج نطاق الدولة وأجهزتها الرسمية، وأضاف بأن الأوضاع المعيشية تلعب دور آخر في تحقيق أمن الصحفي فترديها يقض مضجع الصحفيين ففي ظل الأزمات المتلاحقة وغياب استراتيجية حكومية من قبل الحكومات المتعاقبة في ضمان انسياب سلس ومطئن للمواد الغذائية والدوائية أضحت حياة المواطنين حلقة من البحث عن ما يسد رمق عائلاتهم او يوفر لهم علاجا يقيهم عناء المرض، وأشارت كذلك لضعف العائد المادي للصحفي فحسب رؤيتها إن حجم العمل المطلوب من الصحفي لا يساوي قيمة العائد المادي المتمثل في المرتب الشهري ولردح من الزمن كان لهذا الأمر وقع نفسي كبير على الإعلامي قبل صدور قرار توحيد المرتبات بسقفها الحالي حيث كان الصحفي يتقاضى مرتبا ضئيلا جعله عرضة للحاجة الابتزاز والمساومة ما أوقع أبناء المهنة في تناقضات مع ما تتطلبه شروط المهنية والنزاهة وأسقطهم في فخ شراء الذمم.
رؤية استشرافية لبيئة عمل مستقبلية
فيما شاركت أيضا بورقة بحثية “عالية البوعيشي” عضو هيئة التدريس بقسم الإعلام بجامعة الزاوية بعنوان (رؤية استشرافية لبيئة عمل مستقبلية)، مؤكدا بأن البيئة التي يعيشها الواقع الصحفي والإعلامي في ليبيا قديمة وتقليدية جدا، ففي ضوء استراتيجية العوامل المؤثرة على المنتج الإعلامي الذي من شأن رسم الخلفية البيئية للعمل الصحفي والإعلامي بصفة عامة وفي العمل الصحفي والإعلامي الليبي بصفة خاصة، وأشارت أنه لرسم خارطة ميدان سواء كان للصحفييين الممتهنين لمجال الإعلام أو للأكاديميين وهذا ما يسمى بالبيئة الإعلامية، بحكم إن فهم أي صحافة دون فهم الإنسان الذي يصنعها والواقع الذي نحيط به لن نستطيع الوصول إلى الإعلام المنشود، ولفتت أن التقدر لم يعد أمر تلقائي أو أمر نتركه للاعتبارات المؤثرة في تقدم المجتمعات المتغيرة خلال فترة زمنية معينة بل يستوجب ضرورة استدراك تلك المتغيرات برؤية استشرافية واضحة نستطيع من خلالها استدراك كل الأخطاء التي من الممكن التعرض لها داخل الوسط الصحفي الكبير.
وأكدت البوعيشي إنه من منطور هذه المنطلقات نحدد الملامح لاستشراف حرية الإعلام في ليبيا بالاعتماد على اتجاهات الأكاديميين أو الممارسين نحو واقع حرية الإعلاميين والتشريعات المنظمة لهذه الحريات، وأردفت قائلة إن هذه المعطيات لن تتحقق إلا عبر بيئة إعلامية واضحة مع الكم الهائل من تدفق المعلومات المقدمة للجمهور بشكل كبير خصوصا الإعلام الجديد وما أوجده من بيئة تفاعلية متمثلة في الوسائط المتعددة أو المنصات الاجتماعية، مضيفا بأن هذه الوسائط الحديثة وجدنا بأنها تزيح الحواجز التي ستساعدنا في سعينا لخلق رأي عام ونستشرف لرؤية مستقبلية للصحافة تعمل على تجسير الفجوة بين الممارسين للإعلام والأكاديميين وبالتالي بناء قاعدة أساسية لعمل إعلامي في ليبيا على قاعدة التحولات السياسية والتحديات الأمنية الراهنة…ثم اختتمت حلقة النقاش بإعلان السيد “علي بن عاشور” عن إشهار صندوق خاص لدعم الإعلاميين والصحفيين الذي من شأنه أن يخدم الإعلامي والصحفي ويشكّل بذلك رافدا يقدم له الحماية والدعم الأدبي والمادي.