صفات يبدو أنها انقرضت من عالمنا الثالث، أو ربما تكون سحبت من جيناتنا كما سحبت فلسطين المحتلة من الذاكرة.
ما هو السبب الكامن وراء اختفاء هذه الصفات … الإباء، الإخلاص، الصدق، الشموخ، الثبات، الاجتهاد، عزة النفس؟ يحتاج الأمر إلى روية قبل إصدار الأحكام عن سبب ضياع تلك السمات؟ وإن اندثرت ما هو تأثيره على عالمنا؟ فتحت كتب الأولين أبحث عن هذه الخصال الحميدة بدأت من “أفلاطون”، و”أرسطو” عرجت على ابن خلدون، وانتقلت إلى “جان جاك ورسو” و “كانت” و”جون ديوي” جلهم حث على التشبث بها حتى تنشأ المجتمعات قوية متماسكة قادرة على الإبداع والصناعة والتطور، ربما تكون الديانات السماوية أنهت على مثل هذه الصفات، فألقيت نظرة على العهد القديم، والتلمود، وإنجيل متى.، ولوقا، والقرآن الكريم ما تحدثت عن شيء أكثر من حفظ كرامة الإنسان ورفعته، هل يقف الفقر خلف ضياع السمات المذكورة آنفا؟ عندما راجعت بعض الدراسات المطروحة وجدت العكس فالفقراء لا زال أكثرهم يتمتعون ببعض هذه الخصال الحسنة، إذا كان بحثي شاق وبدون نتيجة تذكر، كدت أن أغلق الموضوع برمته، وأنشغل في أمر جديد غير أني انتبهت لشيء كان غائبا على بالي طوال رحلة بحثي المضنية، وقفت من هول ما لا حظت، درت حول نفسي وضعت يدي على رأسي، شعرت بالخوف ينساب إلى قلبي، نظرت يمنة ويسرة ما أبوح به قد يودي بي لغياهب السجون: جل المقربين من المسؤولين، وربما بعض المسؤولين أنفسهم، والمناظرين علينا من خلال شاشات التلفاز بشتى أسمائهم خبيرا استراتيجيا، أو اقتصاديا أو عسكريا، ورجال الأعمال، ولا أستثني من أطلقوا على أنفسهم رجال الدين، نزعت من سجاياهم، المروءة، الصدق، الكبرياء، الإخلاص، الوقوف مع المظلوم، وغرس مكانها “التملق” آه باتت الصورة الآن أكثر وضوحا، عرفت سبب السقوط السريع والمدوي للأنظمة الحاكمة في العالم الثالث، نعم قد أثقلوا كاهل تلك الدول بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان، وزراء، مستشارين، محللين، خبرا، هاتفين، مطبلين، الكل يربطهم سلوك واحد “التملق” أنا لست متحاملا على الحكام ولا المسؤولين في العالم الثالث حينما أقول إنهم يعتبرون إحدى أهم الأسباب في زرع هذا السلوك المشين بل القائل “عبدالرحمن الكواكبي” لا يطيق المستبد أن يرى عالمنا ذكيا، فإذا اضطر لمثل الطبيب والمهندس اختار التافه المتملق المتصاغر” حب الزعماء للمتملقين قتل الطموح في نفوس الشباب، أو ربما تكون الجملة بهذا الشكل حب المتملق للوصول بالهتاف وشهادة الزور ولعق الأحذية، ساهم في العزوف عن الدراسة والعمل وهجرة العقول.