تراث

البيت المصراتي

يوسف الغزال

البيت المصراتي من رسوم الكاتب يوسف الغزال
البيت المصراتي من رسوم الكاتب يوسف الغزال

الحوش المصراتي القديم، بناء مصمم وفق معايير البيئة الجغرافية، فهو صديق للبيئة يتكون من مكوناتها ويتناسب مع مناخاتها، ويتوافق مع ثقافة ومعتقداتها سكانها.

كان يكفي أن يشتري المصراتي القديم الأرض أو يرثها من أجداده، ليقوم ببناء بيت عليها من نفس المواد الموجودة في أرضه حيث يبني الحوائط من الحجر والطين والجير، ويصنع السقف والأبواب من جذوع النخيل، لم يكن في سوق مصراتة القديم محلات لبيع مواد البناء، غير مادة الجير الذي عادة يصنع في نفس القرية في فرن حجري يسمى (كوشة الجير) مثل كوشة السوسي او كوشة فلاق، ومن المعروف أن (إقزير) مشهورة بصناعة الجير.

كان شكل البيت القديم في مصراتة تقريبا عبارة عن نموذج نمطي يتكرر بتشابه كبير في كل البيوت يمكن وصفه تخطيطيا بأنه عبارة عن مربع 10×10متر بالمتوسط، بداخله مربع أصغر منه 7×7 متر، بحيث يوضع السقف على المساحة المحصورة بين المربعين والتي تقدر 2.5 متر وهو (عرض الدار) ويكون السقف من خشب جذوع والجريد النخيل على حائط المربع الخارجي وحائط المربع الداخلي، ثم يوضع عليها طبقة من (تبن البحر) ويردم بالطين بميول باتجاه موازيب مياه المطر.

البيت المصراتي من رسوم الكاتب يوسف الغزال
البيت المصراتي من رسوم الكاتب يوسف الغزال

مساحة وسط الحوش (7×7) تقريبا يبقى مفتوح بدون سقف يشكل صحن البيت تفتح فيه من الجهات الأربعة أبواب كل باب يسمى دار.

الدار التي تفتح جهة الغرب تسمى الدار الغربية وهي تكون دافئة في الشتاء(تبات فيها الشمس) وعادة يقطع من طولها (3) متر تخصص (للنوالة) او المطبخ ، والدار التي تفتح جهة الشرق تسمى الدار الشرقية وعادة تكون باردة في الصيف، ويفصل من طولها مخزن يفتح خارج البيت والتي تفتح جهة الشمال أو جهة البحر تسمى الدار البحرية، وعادة تكون باردة ، يقطع من طولها السقيفة تكون بحرية(باردة في الصيف) والدار التي تفتح جهة الجنوب تسمى الدار القبلية وهي دافئة في الشتاء ، والدار القبلية عادة تكون دار النوم والتي تقام فيها السدة، وبها مطمور الحبوب.

باب الحوش الرئيسي يفتح للخارج في الضلع الملاصق للطريق باب على شكل قوس مرتفع يسمح بدخول (الجمل) وهناك اعتقاد سائد أن كل بيت يفتح جهة القبلة لا تدخله الشياطين، والسكن المبارك عند أهل مصراتة هو السكن الذي يفتح جهة القبلة ولا (يعطي الكعبة بظهره) وهذا التقليد كان شائع في القرى القديمة حيث معظم البيوت تفتح جهة القبلة.

البيت المصراتي من رسوم الكاتب يوسف الغزال
البيت المصراتي من رسوم الكاتب يوسف الغزال

يحفر بئر في أحد الزوايا الأربعة في صحن البيت وتبنى أجنحة للبئر تثبت عليها (جرار) لجر دلو الماء من قعر البئر بالحبل على الجرار.

عادة يتكون البيت الكبير من أربعة ديار و(نوالة) أو مطبخ بلغة اليوم وسقيفة وهي مساحة مسقوفة بين الباب الرئيسي الخارجي والباب الداخلي السقيفة تستعمل عادة بمثابة غرفة المعيشة اليومية، وعادة ينصب فيها مسدى النسيج.

ثم يقطع مسقوف عادة يكون طويل يسمى (الروال) يخصص لمبيت الحيوانات، ويقطع من طول إحدى الديار (بيت الادب).

البيت المصراتي تتوسطه حفرة تستخدم مردم لقمامة البيت وكل عام يتم استخراج ما تجمع من قمامة ونقله للسانية كسماد عضوي للزراعة.

يضاف للبيت غرفة تفتح بابها خارج البيت مربعة الشكل تسمى مربوعة تخصص لاستقبال الضيوف من الرجال.

واجهة البيت المصراتي تكون في اتجاه القبلة وعادة ما تبنى سدة على طول واجهة المبنى تسمى سدة (الداليا) وهي شجرة عنب تمنح الوجهة جمال ظل وثمار ترى عناقيد العنب تدلى من الداليا.

تقول أغنية ليبية قديمة:

يالعنب ويااااالعنب

الله يبارك عالداليا

وين طلوا ثريات ذهب

عناقيدك يااااعاليا.

البيت المصراتي من رسوم الكاتب يوسف الغزال
البيت المصراتي من رسوم الكاتب يوسف الغزال

أمام البيت مسطبة مستطيلة الشكل تستخدم للجلوس بارتفاع متر، ملاصقة للحائط وتشكل دعامة للعرصة الداعمة للمبنى.

الحوش المصراتي القديم صديق للبيئة يمكن أن تبني من مخلفات بيت قديم بيت جديد.

البيت المصراتي أفضل مبنى للحجر الصحي في زمن الأوبئة، بحيث يمكن البقاء فيه عدة شهور دون الحاجة للخروج، بيت مفتوح تدخله الشمس به بئر للماء وتنور لصناعة الخبزة، و(الروال)للحيوانات لتوفير والحليب والبيض، وصندوق الحمام يوفر اللحم والمطمور مخزن لحفظ القمح والشعير عدة سنوات.


نرفق لوحات رسمتها من الذاكرة لبيوت الجيران من قرية الصلالبة.

مقالات ذات علاقة

عادات وتقاليد ليبية لا تنسي .. الشاي الليبي عبر التاريخ

حسين بن مادي

النانة الطرابلسية

المشرف العام

نا ماريتها ..قالوا

ميلاد عمر المزوغي

اترك تعليق