لقد أولى كبار الشعراء في العالم، وفي الوطن العربي النص الشعري الموجه للطفل عناية كبيرة، وهم يهدفون من وراء ذلك الى الرفعة السمو بذوق الطفل من خلال تلك الأناشيد والقصائد الشعرية التي يوجهونها إليه، وذلك وفق معطيات لغوية وفنية، ووزن شعري حافل بالموسيقى العذبة، والغنائية القريبة من مدارك الصغار التي تساعدهم على الـحفظ لتلك النصوص الشعرية، والتغنّي بها في سائر الأيام في المدرسة والبيت والطبيعة، وذلك حسب مختلف المواضيع والأغراض، فالنشيد الذي يقدم للطفل يجب أن يكون على مستوى كبير من حيث اختيار المواضيع التي تغرس في نفسية الطفل بعض الفضائل السامية كحب الله، والرسل والوالدين، والناس والطبيعة والحيوان، كما يجب أن يكون النشيد ذا إيقاع موسيقي يؤدى بلحن عذب سلس يثير في نفوس الصغار العزة، ويبعث فيهم الشعور بالثقة، ويقوي فيهم الملكات اللغوية والمعرفية.
إن الكتابة الشعرية الموجهة للطفل تتطلب قدرات عالية من الشاعر كي يتمكن من تقديم ناجح ليثري ثقافة الطفل الشعرية، ويشكل قاموسه اللغوي تدرجا مع مراحله الدراسية المتلاحقة. ولذا يجب على الشاعر أن يدرك أبعاد النص الشعري الموجه للطفل على النحو الآتي.
ـ إن شعر الطفل يقوم أساسا على تبليغ فكرة معينة، أو عبرة يريد توصيلها الشاعر إلى الطفل في قالب فنيّ جميل، وغالبا ما تنتهي هذه النصوص بحكمة أو فكرة تنمو مع مرور الأيام في نفسية الطفل. إنّ الشاعر الذي يكتب للطفل لا يلتزم بالضرورة صورة معينة، كم أنّه لا يلتزم بالبحر الشعري الواحد، أو القافية الواحدة ففي أغلب الأحيان نجده يتنقل من مقطوعة شعرية إلى مقطوعة شعرية أخرى، وهو بذلك يغيّر من الوزن والقافية والصورة بطريقة فنية جديدة. ومن أهم الجوانب التي يجب على الشاعر الذي يكتب للطفل أن يهتم بالجوانب الفنية التالية.
-اختيار اللغة المناسبة لسن الطفل، تلك اللغة التي تتضمن صوّرا بسيطة محببة للطفل بحيث يسهل حفظها والتعامل معها، ومع مفرداتها الجديدة.
– اختيار الموضوع المناسب حسب الغرض المعين الذي يراه في دائرة الطفل.
– عدم اغفال تجارب الشعراء الكبار، ومحاولة الاستفادة منها، فهذه التجارب تمكن الشاعر من كتابة نص جديد يتناسب مع سن ومحيط الطفل وقدراته المعرفية البسيطة.
– اختيار التفعيلة من البحر الشعري الذي يراه الشاعر يؤدي وظيفته الفنية والجمالية.
إنّ هذه التجارب كلّها كفيلة بتقديم نموذج شعري جديد إذا حاول الشاعر الالتزام بها، والاستفادة من محيط وواقع الطفل، دون إغفال تلك الأمور البسيطة في حياة الطفل. ويحقق النشيد في حياة الطفل عدة غايات تربوية، وأخلاقية ومعرفية ولغوية، بحيث يساهم في معالجة بعض الحالات النفسية عند الصغار، والقضاء عليها مثل الخجل والتردد في النطق، كما يبعث في نفوسهم الفرح والسرور، ويجدد نشاطهم اليومين، وذلك نظرا لما يشتمل عليه من لحن عذب وإيقاع موسيقي يطرب السامع.
إنّ النص الشعري الموجه للصغار(النشيد) يدخل الطفل في لعبة الإغراء الجميل نتلك الصفات والمواصفات النبيلة من المثل العليا التي يتضمنها النص، والتي تكون الغالب تعالج مواضيع محبة الله والرسل، والوالدين والناس ن وحب الوطن والطبيعة بكل ما فيها من جمال، وحب اللعب والمرح والبطولة والمغامرة، وعلى الشاعر أ يظلّ دائب البحث والـتأمل في كل نص يكتبه للصغار، دون كلل أو ملل مراعيا تلك المستجدات في حياة أطفالنا في الوطن العربي، وفي العالم وما توصل إليه العلم من تطوّر تكنولوجي مذهل. ويضل النص الشعري أقوى وأقدر على صياغة قاموس الطفل اللغوي من النص النثري.، وذلك لسهولة حفظه، ورقة وجمال مفرداته وعذب الحانة. وفي النهاية يبقى النص الشعري الموجه للطفل المحفز القوي على صياغة نفسية الطفل، وصياغة تذوقه الجمالي الذي هو مقوّم شخصيته المتفردة غيره من الأطفال.