قبل دقيقة؛ بعد الحبّ بدقيقة؛ خلال الصّمت بدقائق؛ بعد ساعة تعطّلت السّاعة؛ بعد الحبّ بساعة قامت السّاعة؛ بعد الانتظار بقليل شاهدتك تعبر من هنا؛ مسحت الرّياح كلّ أثر تركته على الرّصيف؛ بلّلت زخّات المطر بقايا زجاج نافذة مهجورة معلّقة في تلك الشّرفة منذ سنين؛ هي نافذة مغلقة بإحكام لا تتسرّب منها رائحة النّشوة كالجرح في الصّباح؛ كلّ النّوافذ التي شدّت ناظري مغلقة بإحكام تمنع تسلّل العشّاق فجرا بحثا عن حريّة مفقودة؛ أنا أغلقت زجاج نافذتي لأنّي كنت أخشى هروب الأحلام وفارس الأحلام من فراشي وسط فراشي؛ نعم أغلقت الباب الرّئيسيّ بإحكام لأنّي كنت أتوقّع في كلّ ليلة بعد ألف ليلة و ليلة أن يتسلّل اللّصوص إلى حجرتي فجرا حتّى يسرقوا نشوتي فجرا؛ هجرت الطّيور نافذتي؛ لم تبق إلاّ قطرات المطر تغسل جروحا تسدّ ثقوبا في تلك النّوافذ غطّاها الحزن؛ لم تبق إلاّ طيور فوق السّطوح تصلّي وتسبّح إلى آخر اللّيل بعد قيام اللّيل دون أن تدرك في صلاتها منتهى الحبّ في صلاتها كالخير لا ينتهي؛ على مسافة قريبة يحمل ذلك الشّاب المتشرّد بقايا جريدة قديمة اصفارت عناوينها؛ تنقل تلك الجريدة أخبارا قديمة اعتاد عليها النّاس؛ ولكنّها بدت معتادة إلى درجة غير معتادة؛ ما انفكّ يقرؤها بعناية و تركيز؛ بعد وقت يتخلّله الوقت أخفى ذلك المتشرّد في جيبه أجزاء مهمّة من تلك الجريدة؛ لا أدري ما السّبب الذي دفعه إلى ذلك الهروب المفاجئ عن الأنظار كأنّه كان يهرب من جرم ارتكبه؛ وقد فسّرت ذلك الهروب وسط الهروب بعدّة احتمالات دفعتني إلى أن أطرح على نفسي وأنا أعاتب نفسي عدّة أسئلة؛ لعلّ أهمّها عل الإطلاق: هل عثر ذلك الشّاب في أوّل النّشوة على منتهى النّشوة؟ هل وجد ما به يستطيع أن يدين ذلك المجرم الذي ارتكب تلك الجريمة؟ هو بالتّأكيد يعلم حقّ العلم أنّ الأجهزة الأمنيّة رصدت مكافأة هامّة لمن يعثر عنه أو يدلّ عليه؟ فكّرت ربّما كان طرفا في قضيّة القتل والقاتل؛ أو ربّما هو القاتل ولذلك هرب من جريمته حتّى لا يتذّكر تفاصيل جريمته النّكراء؟ هو يعرف أنّ دوافع الحبّ هي دوافع القتل؛ هو يعرف صفات القاتل لكنّه يجهل صفات المقتول؛ أظنّ أنّه هو وحده من يملك أهمّ دليل في القضيّة العويصة التي شغلت الرّأي العام؛ قد يساعد ذلك الدليل على تغيير مجريات القضيّة؛ أهمّ دليل حاسم أنّ من الحبّ ما قتل؛ على كلّ؛ المتّهم برئ حتّى تثبت إدانته؛ والعاشق محبّ حتّى تتفتّح نظرته؛ حتّى تتعتّق خمرته؛ من المحتمل أيضا أنّه عثر على نقود ضائعة في الأرض أخذته إلى حبّ ضائع في السّماء؛ ربّما اكتشف أنّ عمره يتراوح بين الفرح والحزن وأوّل الفرح؛ من المحتمل أنّه عثر على ما يأخذه إلى حبيبته؛ ربّما شاهد خلال القراءة صورة ما تنافي الأخلاق الحميدة وتنشر سلوك الدّعارة ولذلك تعمّد أن يخفيها؟ أو ربّما كان العكس صحيحا؛ لقد اعجبته تلك الصّورة… ربّما.. خلّقت في نفسه وهو يبحث عن نفسه نشوة ضائعة؟ هل تعمّد أن يحتفظ بتلك الصّورة العاهرة لأنّها اختزلت في نفسه بعيدا عن نفسه نداءات ما؟ شدّتني نداءات الباعة خلقت في نفسي أغنيات متداخلة طربت لها كثيرا؛ ما أجمل ذلك النّداء يتخلّله أكثر من نداء لا يأخذك إلى أيّ نداء محدّد؛ حاولت عبثا أن اكتشف هويّة ذلك الشّاب وقد خرج دون نشوة يبحث عن تحقيق نشوة في غياب أيّ نشوة؛ أحسست أنّي بحاجة إلى التّعرّف إلى ذلك الشّاب الضّائع وقد خرج من البيت ولم يعد إلى البيت؛ لم أجده وسط الازدحام الخانق؛ شعرت أنّه حمل معه سرّا خطيرا توجّب إخفاؤه أو الإبلاغ عنه؛ كلّ الاحتمالات ممكنة؛ أخيرا تعذّر عليّ بسبب عدّة ارتباطات قراءة ما بقي من صفحات وجهه تحمل أوراق الخريق الضّائعة؛ لقد ضاع الوجه كما ضاعت تلك الجريدة؛ وقد هيمن على عناوينها مدح الانجازات التي قام بها نظام الحكم بعد الانقلاب على نظام الحكم السّابق.
قبل المطر أو بعد المطر شاهدتك تمرّ من هناك؛ تجلس مع تلك الذّكرى هناك؛ ترتدي ملابس قديمة تدلّ على ذكرى قديمة نشرتها مع أدباشي في تلك الشّرفات داخل الشّرفات؛ كم جلست في تلك الشّرفة أراقب أجمل الذّكريات تعبر كما يعبر ذلك الطّائر نحو الفضاء؟ كم جلست فوق سطوح المنازل أقرأ قصصا تنقل أخبارا مزيّفة أبطالها عاشوا قصّة حبّ قادتهم إلى الانتحار؟ لم تعد تلك القصص تثير فضولي؛ عندما جاءني الحزن تذكّرت الفرح؛ عندما جاءني الموت تذكّرت الحياة؛ لم يعد وقت الحافلة يعنيني؛ شدّني الازدحام الكبير أمام شبّاك التّذاكر؛ شغلني صفير الرّياح؛ قطع طريقي؛ عبث بتفاصيل مهمّة من تلك الذّكرى مازالت تسكن شرفاتي؛ كشفت الريّاح عن تفاصيل مهمّة من حياة أنثى تجلس في محطّة الحافلات؛ تخترق الذكرى نحو الذكرى بصعوبة؛ أخفت جمال جسدها وسط تلك الوردة التي احتلّت تفاصيل مهمّة في ذلك القميص الطّويل؛ من هنا يبدأ تحديد الوقت خارج الوقت الحقيقيّ؛ أعرف ساعتك القديمة؛ مازالت عقاربها متوقّفة تحتفظ بأجمل الأوقات التي قضّيناها وسط تلك الأوقات وخارج تلك الأوقات؛ تحمل ساعتك أجمل أوقاتي؛ صعد الرّكاب إلى الحافلة بصعوبة؛ تجاهلوا أمر ذلك الشحّاذ الأعمى يطلب المساعدة؛ تعثّر أرضا؛ وجدته يمسك بأطراف قميصي؛ تمسّك بالوردة ورائحة الوردة؛ ترك ثقبا في قميصي؛ تسلّلت إليه رائحة عطر خفيفة؛ وقف بصعوبة؛ اعتذر اعتذارا شديدا؛ قبلت اعتذاره؛ اعطيته وردتي؛ مازال الركّاب يخوضون معركة من أجل الفوز بتلك الكراسي؛ خلت الجميع يبحثون عن مناصب هامّة؛ رفض الشحّاذ الأعمى أن يجلس في مقعدي؛ لم تشغله المناصب؛ ألا تدلّ الكراسي الفارغة على مناصب فارغة؟ مرّت تلك الاحتفالات بالذّكرى وسط الذّكرى مرور تلك الحافلة كأنّها فتاة حافلة تجلس وسط آخر حافلة؛ كان الازدحام على الكراسي الفارغة من كلّ منصب شديدا؛ أنا لا تعنيني المناصب؛ أهملت في حياتي كلّ المناصب؛ صرت بعد رؤيتك أبحث عن منصب واحد أملأ به أوقات فراغي؛ التقينا في تلك الحديقة؛ لم يسأل أحدنا الآخر لماذا قطفت من الحديقة وردة؟ لماذا أعطيتني من عينيك نظرة؟ لم يسأل أحدنا الآخر لماذا أشعلت سيجارة فاخرة؟ هل وصلت الحافلة؟ لا أتذكّر أنّها وصلت في الوقت المناسب حسب توقعات ساعتي المستوردة من بلاد بعيدة؛ كثيرا ما تتمرّد على الوقت الحقيقيّ؛ ترفض أن تعطيك الوقت إلاّ بعد فوات الوقت؛ لماذا أهديتني نظرة ثمّ ابتسامة؟ لماذا كان اللّقاء وسط الحافلة بعد أن تأخّرت الحافلة؟ من أعلمك بموعد خروج الحافلة؟ ألم تتأخّر الحافلة عن الوصول إلى المحطّة حتّى تكتمل شخصيات القصّة؟ ألم تتأخر عن الموعد المقرّر لأنّ الشخصيّة الرئيسيّة لم تظهر بعد؟ أنت شخصيّة تكره الأضواء؛ تحبّ الاختفاء؛ تتحرك في الخفاء؛ تحبّ المواعيد المضبوطة؛ ولكن شاءت الأقدار واختارت لنا موعدا داخل موعد لم نتفّق عليه مسبقا؛ لكن رغم ذلك بدا لي الموعد دقيقا لا يمكن تأجيله؛ حقّا كم ضاع من وقت ثمين كان يمكن أن نلتقي فيه؟ لقد حان الوقت إذن حتّى نلتقي؟ حان الوقت حتّى نكتب قصّة مثيرة من قصص ألف ليلة وليلة؟ لم أعرف متى يمكن أن نلتقي بعد غياب وسط غياب كبير؟ وهل يجب أن نلتقي على حبّ يدلّ على حبّ كالبحر لا ينتهي؟ كم مرّ من الوقت داخل الوقت كان يمكن فيه أن نلتقي؟ نعم كم مرّت من حافلة كان يمكن أن نركب فيها؟ كم مرّ من قطار كان يمكن أن أجدك فيه؟ نعم كان يمكن أن تكون فيه أنت دون غيرك حبيبي؛ مرّت عربات القطار؛ نزل المسافرون؛ أخذوا أمتعتهم؛ تفحّصت كلّ من كان يدخنّ سيجارة فاخرة من نوع “مريت” ؛ لم أجد الشّخص الذي كنت أبحث عنه؛ لم أجد المواصفات التي أبحث عنها؛ لا شخص يشبهك؛ لم أجد من يأخذني إلى أمتعتك الفاخرة؛ كلّ الذين نزلوا كانوا من هؤلاء الفقراء السّاخطين على نظام الحكم يقمع الحريّات في بلادهم؛ الجميع تركوا حريّاتهم في قاعة الانتظار؛ سئموا أخبار الجرائد المزيّفة؛ أعطاني أحدهم وقد تعاطف مع محنتي قصة” عابر سبيل” للكاتبة أحلام مستغانمي؛ أعجبني العنوان؛ أخذني إلى تفاصيل حياتي وسط حياتي معك؛ بعد مرور عدّة صفحات وجدتك تجلس في تلك القصّة داخل تلك القصّة وقد أصبحنا نحن أبطال تلك القصّة؛ كم مرّ من الوقت بدل الوقت الضّائع ونحن لم نحدّد شخصيات القصّة؟ ضاع السّرد؛ أضعت أهمّ صفحة تتحدّث عن تفاصيل مهمّة من حياتي معك؛ هل يجب أن أعيد القراءة من جديد؟ لقد نسيت بسبب نظراتك المتداخلة وقد جعلتني أشعر بالارتباك رقم الصفحة التي توقّفت عندها؛ ضاعت الصّفحات كما ضاعت النّظرات؛ يبدو أنّ محاولة العثور على تلك الصّفحة لن يتحقّق بسهولة؛ ضاعت الصّفحة؛ ضاعت النّظرة؛ تأخرت الحافلة؛ هل يجب أن أقرأ القصّة من جديد حتّى أجد ذلك البطل الذي أهداني نظرة لم تكن عاديّة؛ تركت النّظرة في جسدي زلزالا يرسل عدّة حمم بركانيّة إذا انفجرت دمّرت كلّ شيء ولن تترك لنا شيئا؛ حتّى القصّة قد تموت كما يموت هؤلاء الأبطال بعد انتهاء الحبكة قصصيّة؛ حتّى الزّمن وقد أضعت رقم تلك الصّفحة ضاع بضياع تلك الشّخصيّة تبحث عن قيّم أصيلة في واقع متدهور؛ تذمّر بائع متجوّل من ضياع الوقت؛ أزعجه غلاء الأسعار؛ قال ساخطا: الوقت لا يدلّ على الوقت إلاّ بعد ضياع الوقت؛ لماذا تأخّرت في المجيء بعد الوقت؟ لماذا لم تأت قبل الوقت أو حسب الوقت؟ من اختار ذلك الوقت المفاجئ حتّى نلتقي؟ لماذا لم نلتق في الوقت المعتاد؟ لماذا لم نتّفق على تحديد الزّمان والمكان؟ لماذا تأخّرت الحافلة؟ لماذا لم أجد تلك الصّفحة؟ أين ذهبت تلك الفتاة وقد خرجت تتبرّج في مشيتها حافلة؟ لماذا تعطّلت حركة الكون؟ لماذا خرج ذلك الشحّاذ عن صمته في هذا الوقت بالذّات؟ ألا يأكل الحزن تفاصيل وجهه؟ لماذا يمسك بيده مجموعة من القصص القديمة؟ ألا يبحث في تلك القصص عن حبّ ضائع؟ خطر لي أنّه يعرف رقم الصّفحة التي أضعتها؛ هو يعرف أنّه لا يعرف أنّنا يجب أن نلتقي قبل أن تضيع بقيّة الصفحات؛ نحن حين التقينا لم نتّفق على ركوب نفس الحافلة؟ لماذا غيّرنا مسار اتّجاهنا وركبنا معا في نفس الحافلة معا؟ المهمّ أنّي ركبت و لا أعرف إلى أين سأذهب؟ لقد أضعت أيضا اسم المدينة التي سأقصدها؛ كلّ الأشياء والأسماء المهمّة في حياتي ضاعت؛ ترى إلى أين تأخذني حافلة العرائس؟ لم يسأل أحدنا الآخر إلى أين أنت تذهب؟ لم أتذكّر اسم المدينة التي سأزورها؛ المهمّ هناك مدينة ما سأصل إليها في آخر المطاف؛ نعم لقد فرض علينا قانون حظر التّجول إلى ساعات متأخرة من الذّكرى أن نتبادل النّظرات الممتلئة بعدّة أسئلة تنتظر عدّة أجوبة؛ كما جعلنا نعيش في متاهة عن المكان والزّمان؛ المكان خارح المكان والزّمان لا يدلّ على زمان محدّد؛ هناك أمكنة داخل تلك الأمكنة…هناك أزمنة خارح تلك الأزمنة؛ حين التقينا هناك قوّة ما مجهولة قذفت بنا إلى هنا وأخذتنا إلى هناك؛ هناك قوّة إستعماريّة سلبت حقوقنا التّاريخيّة في تلك الأرض؛ كلّ العشّاق يعيشون في تلك المستعمرات؛ نحن أبناء تلك المستعمرات مهما توسّعت أو توغّلت أيّها المحتلّ الغاصب سنحرّر النّساء المغتصبات في تلك المدينة؛ سنختار لهنّ أجمل الأسماء؛ سنظلّ نحن أصحاب الأرض؛ نحن أصحاب الحبّ؛ نحن أصحاب الثّمار في تلك الأغصان أو الأشجار؛ حتّى الوثائق تثبت ذلك؛ حتّى الدّول العظمى اعترفت بذلك؛ ولكنّ تلك القوّة وسط القوّة مهما دافعت عن حبّي لك تظلّ قوّة استعماريّة حان وقت خروجها؛ حان وقت خروحي لك؛ حان وقت الاعتراف بحبّي لك؛ أنا أرفض كلّ أشكال الهيمنة؛ اعترف أنّك كنت جزءا لا يتجزأ من دولة الاحتلال؛ أنت اغتصبت أرضي؛ دخلت منطقة منزوعة السّلاح تمتدّ حدودها غربا إلى عيني وشرقا إلى قلبي؛ استعمرت نظراتك جسدي؛ تركت جنودك يغتصبون جسدي؛ لماذا كنت تريد فرض هيمنتك بالقوّة؟
أنت من علّمني الكتابة والقراءة؛ أنت من أهداني قصّة؛ أنت بالتّأكيد تعرف اسم المدينة التي يسكن فيها حبّي لك؛ هي مدينة بعيدة لا يسكن فيها إلاّ العشّاق؛ أنت من علّمني التّعلّق بأسماء المدن؛ كلّ المدن لها أسماء إلاّ المدينة التي اخترت أن أذهب إليها فإنّها لا تحمل أيّ اسم ولا تدلّ على مسمّى بعينه؛ تتكوّن الأسماء من الحروف الأبجديّة؛ أنت من اعطيتتي كلّ الأسماء؛ أنت من حلّ عقدة لساني عندما كنت أتعثّر في النّطق أثناء النّطق؛ أنت من علّمني مخارج الحروف؛ بعد ضياع الوقت كان يمكن أن أختار لك أجمل الأسماء؛ كان يمكن أن أكون من أنجب النّجباء؛ لم أرتكب في حياتي أخطاء فادحة ما عدا تلك الأخطاء في الرّسم؛ أنت دون بقيّة الطلاّب تجرّأت و صحّحت عدّة معلومات مزوّرة ومدلسّة في درس التّاريخ؛ نحن التّاريخ؛ من هنا يبدأ التّاريخ الحقيقيّ؛ من هنا أبدأ كتابة القصّة دون أن أحدّد البطل؛ زوّر الكاتب الرّجعي وثائق الأرض؛ دلّس الحقيقة؛ اعترف بأوامر استعماريّة بدولة الاحتلال إلى الأبد؛ قال: أنتم لا حقّ لكم؛ لقد دافعت عن حقّي في استعادة أشجاري وأنهاري؛ فكّرت أن أتوسع في احتلال عينيك ويديك وشفتيك تبسطان نفوذهما على أرضي تحتلّ مناطق حسّاسة في جسدي؛ حتّى معلّم اللّغة العربيّة أخفى علينا في درس اللّغة و القراءة دلالة بعض الظّروف المبهمة على المكان والزّمان: أين و متى وأمام و فوق…؛ كم أخذت من وقت وأهدرت من وقت دون أن تعرف أنّ الظّرف” أين” حتما سيأخذك إلى مكان تلك الوردة وقد حان قطافها؛ أمّا الظّرف “متى؟” فسيأخذك مطلقا إلى زمن وسط زمن محدّد يجب أن نلتقي فيه و في أقرب وقت ممكن ومن أجل ذلك يجب علينا بعد انتهاء الاحتلال أو الدّرس من ذلك الاحتلال أن نتسلّق تلك الشّجرة حتّى نتذوّق طعم تلك الثّمار قبل أن تسقط من تلك الأغصان؛ المهمّ أنّنا بعد ذلك الدّرس في مادتي التّاريخ و العربيّة التقينا قرب شجرة الاحتلال؛ نظرة واحدة كانت تكفي حتّى يبدأ الاحتلال الشّامل؛ دخلنا دون وقت وأنا أرفض الوقت؛ أريد أن أبقى في دولة الاحتلال إلى أجل غير مسمّى؛ لا يهمّني تحديد زمن الاحتلال؛ المهمّ أنّ المحتلّ توسّع في أرضي؛ احتلّ كلّ حدودي؛ بدأ الهجوم عندما ركبنا في تلك الحافلة تطوي الأرض طيّا؛ تقطع عدّة مسافات تفصل بيننا؛ اختزل السّائق الوقت وفراغ الوقت؛ ذهب مباشرة في تلك الطريق التي تؤدّي إلى تلك المدينة مباشرة؛ زاد في السّرعة حتّى يختزل المسافة الطّويلة بيننا؛ خلال تلك المسافات وسط المسافات تجاوز السّرعة القصوى وقد تجاهل كلّ علامات تحديد السّرعة؛ تجاهل ما أملك من ترسانة عسكريّة؛ نحن لم نتّفق على دخول الحرب بأسلحة تقليديّة؛ نحن اتفقنا بعد مناورات سلميّة مشتركة خضناها برّا وبحرا وجوّا على استعمال كلّ الأسلحة حتّى المحضورة منها؛ ومن تلك الأسلحة الفتّاكة سلاح الحبّ؛ لم ندخل مثل الدول العظمى في مفاوضات سريّة منطلقها الأرض مقابل السّلام؛ لقد كان شعارنا الأساسيّ الأرض مقابل الحبّ؛ بعد عدّة جولات تفاوضيّة؛ لم نتّفق على تحديد وقت الانسحاب؛ نظرة واحدة كانت تكفي حتّى أعرف أنّ ساعتي كان ينقصها أكثر من دقيقة أو أكثر من نظرة حتّى نخرج إلى العالم باتّفاق؛ بعد تواتر النّظرات بدأنا نقترب من تحقيق الاتّفاق النّهائيّ؛ وقد تعمّدت عن قصد بالمماطلة والمراوغة في تلك المفاوضات المباشرة وذلك عندما تكرّر غيابك وسط غيابك؛ كنت دائما تعلّل ذلك التّأخير بغياب الوقت أو أن الوقت متأخّر يتعذّر فيه خروج العشّاق إلاّ بعد التّأكّد من نظريّة الحبّ من نظرة واحدة؛ كم أشتاق إلى تحديد موعد وسط موعد فاصل يجمعنا؛ حتّى ساعتي اليدويّة أضربت عن الكلام؛ لا تعطي الوقت الصحيح تسرق من وقتي ما يأخذني إلى وقتك في غياب وقتك؛ أنا لا تهمّني إلاّ ساعتك الحائطيّة؛ تعطيني إحساسا بأنّ الوقت انتهى ويجب أن أرحل؛ أحبّ لحظات التّأخير تجعلني دون أدنى شكّ أشعر أنّي كنت يوما ما عاشقة أحمل قلب عاشقة؛ لم تكن ساعتي مضبوطة بدقّة؛ انهمكت في جمع ما تخلّد بذمّتك من ذكرى اختزلتها في دقائق؛ بعد تلك النّظرة أو النّظرتين؛ شرعت في تعديل عقارب ساعتي؛ هي ساعة غريبة الأطوار لا تستطيع تحديد الوقت إلاّ خارج الوقت لا يدلّ على الوقت؛ هي لا تعترف إلاّ بانقضاء الوقت؛ ما هو خارج الوقت دليل على الوقت؛ هي لا تعترف بوجود وقت صحيح؛ الوقت لا يدلّ على وقت ونحن خارج الوقت وإذا أردت تحديد الوقت الذي يفصل بيننا؛ انظر إلى ساعتك؛ ترتبط الثّواني بمعدّل نبضات القلب أو سرعة خفقانه؛ بينما ترتبط الدّقائق بمعدّل تدفّق النّظرات من الأعلى إلى الأسفل تحتوي حبّا يخترق الجدار العازل بين عيني و عينك؛ أما تحديد السّاعات فينطوي على جمال عسير يدلّ على حبّ عسير؛ تعطيني السّاعات الأولى إحساسا بالوقت داخل الوقت و قد يتغيّر الوقت حسب تطوّرات الحرب على الميدان بيننا؛ رغم أنّي لم أكن مستعدّة لخوض غمار الحرب؛ كنت أخشى على صعيد الذّكرى من حدوث عدّة خسائر مؤلمة؛ أنت أجبرتني على دخول الحرب؛ أعطيتني على مسافة بعيدة من ذلك المقعد الأماميّ عدّة إشارات ضوئيّة أرسلتها من عينيك وفعّلتها بيديك؛ أعطيتني من خلال كافة تفاصيل جسدك يجلس في تلك الذكرى أكثر من مقدّمة أحتاج إليها وأنا أقترب من تلك الذّكرى؛ وقد سألت نفسي: هل يمكن أن أجلس معك في ذلك المقعد حيث تجلس أكثر من ذكرى؟ هل يمكن أن تعطيني دقيقة من وقتك خارج ما يدلّ على وقتك؟ ألا أحتاج إلى أقلّ من دقيقة حتّى أحبّك في دقيقة؟ جمعت كلّ نظراتك الضّائعة في ذلك الوقت الضّائع وقد أخذتني الدّقائق الضّائعة إلى حبّ ضائع يبحث عن شخص ضائع؛ فجأة دون إنذار قطع تفكيري صوت الخلاّص يطلب منّي الاستظهار بتذكرة الخلاص؛ لا أدري أين أضعتها؟ من أخذ منّي تذكرة الخلاص؟ أريد تحقيق الخلاص؛ لا خلاص قبل أن تجد تذكرة الخلاص؛ هل حقّقت الخلاص؟ بعد جهد جهيد وجد الخلاّص تذكرتي وقد سقطت بدورها أرضا تريد الخلاص من الخلاص لا يفيد الخلاص؛ وقد وجدتها تجلس بهدوء غير معتاد على ذلك المقعد الخلفيّ حيث تركت أكثر من سيجارة تحترق بحثا عن الخلاص؛ زاد سائق الحافلة دون سبب واضح في صوت أغنية أثارت في نفسي ذكرى وسط ذكرى لا تدلّ على ذكرى بعينها ” إلي شبكنا ايخلّصنا” صرت أحسّ أنّ ساعتي ترفص الخلاص ولم تحقّق الخلاص مع اقتراب ساعة نزولك؛ هي ترفض الاعتراف بأنّنا قد وصلنا إلى تلك المدينة المقصودة وحان وقت النّزول؛ تهرب الدّقائق؛ تهرب النّظرات؛ بصعوبة حدّدت الثّواني؛ هي خارج الوقت لا تفكر في الهبوط وسط الوقت المخصّص للهبوط؛ كم تمنيت لو تعطّل محرّك الحافلة حتى أفوز بالجلوس مع تلك الذكرى في أقصى الذّكرى؛ على قارعة الطّريق شدّني حادث سير مؤلم؛ تذكرت الحوادث المؤلمة التي عشتها في حياتي بعيدا عنك؛ أخذ الإسعاف المصابين على جناح السّرعة إلى غرفة العناية المركّزة؛ حاولت اللّحاق بهم لأنّي في حياتي تعرّضت إلى أكثر من إصابة جرّاء حادث سير وقد أصبت جراء الحبّ العشوائيّ بسبب نظرات عشوائيّة بعدّة جروح وإصابات بالغة الخطورة وقد أرجع الطبيب في تقرير طبيّ أسباب الوفاة إلى مخلّفات الحبّ من نظرة واحدة.
بعد ضياع الوقت ولم يعد هناك وقت يفصل بيننا تخيّلت أنّك نزلت من الحافلة تحمل حقيبة سوداء اللّون؛ فكّرت؛ ماذا يمكن أن يكون وسط تلك الحقيبة؟ ألا تحمل في طيّاتها كلّ حبّي لك؟ ألا تحمل في جيوبها الثّقيلة كلّ تلك الدّقائق الأخيرة قبل ذلك اللّقاء الأخير؟ ألا تحمل الحقيبة كلّ نشوتي قبل صعود نشوتي؟ ألا تحمل حبّا كالفجر لا ينتهي؟ ألا تحمل أدباشا نشرتها في شرفتي؟ ألا تحمل صورا أضعتها في خزانتي؟ ألا تحمل وشما تركته في جسدك؟ ألا تحمل قبلة تركتها في شفتي؟ ألا تحمل آخر أنفاس يحتاجها ذلك المصاب في غرفة الإنعاش؟ ألا يمكن أن تخفي في تلك الحقيبة كلّ ساعات انتظاري لك بلهفة وسط لهفة؟ المهمّ أعطتني حقيبتك وقتا إضافيّا ضائعيّا أنا في أشدّ الحاجة إليه حتّى أستعيد أنفاسي قبل خروج أنفاسي؛ لقد أهديتني خمس دقائق من وقتك الضّائع كأنّك كنت تعرف أنّي أبحث عن حبّ ضائع؛ ربّاه الحبّ لا يأتي إلاّ في الوقت الضائع أو الوقت بدل الضّائع؛ لا يجلس في أيّ مكان محدّد؛ ألم تكن تجلس في ذلك المقعد الأماميّ بينما كنت أجلس في ذلك المقعد الخلفيّ؟؛ كيف تسلّل الحبّ إلى مقعدي وأخذ وقتا ثمينا من ساعتي؟ كيف اخترق الحبّ جسد ذلك الشحّاذ الأعمى يجلس في المقعد الخلفيّ دون سبب ولا يعرف في قمّة الحبّ أيّ سبب يدلّ على سبب؟ كيف استطاع أن يصل إلى المقعد الأماميّ؟ كيف اخترق كلّ تلك الدّفاعات الأرضيّة وجلس دون استئذان يقرأ قصّتي دون استئذان؟ الغريب أن الشّحاذ استطاع أن يقرأ جزءا كبيرا من صفحات القصّة وقد اقترب من الوصول إلى تحديد اسم المدينة التي يسكن فيها عاشق ادّعى في الحبّ أنّه مجرد عابر سبيل؛ ألم تكن دوافع الكتابة والقراءة استجابة إلى نظرة ما في مكان ما وزمان ما؟ من ملأ نقاط الفراغ في قصّتي؟ من أدار الحوار؟ من أخذ الشحّاذ إلى أرض لا يعرفها؟ من أعطاه نظّراتي أثناء القراءة؛ لماذا تجلس تلك الكراسي فارغة؟ لماذا هرب المسافرون من الجلوس في تلك الكراسي؟ الجميع فضلوا الوقوف على الجلوس؛ أين هرب العشّاق؟ أين هرب المسافرون؟ لماذا لم تقف الحافلة في تلك المحطّة؟ أين السّائق؟ أين الخلاّص؟ أين تذكرة الخلاص؟ بم غفر لك؟ من قرأ تلك القصص الفارغة؟ أين نزل العشّاق ؟ لماذا تركوا قصصهم فوق تلك الكراسي؟ كنت مستعدّة لقراءة كلّ تلك القصص؛ أنا أحبّ رائحة العشّاق في قصص العشّاق في كراسي العشّاق؛ لم يعد هناك في تلك الحافلة إلاّ عاشقة واحدة تقرأ قصّة واحدة؛ تقول القصّة: وجدت نفسي أتورّط في الجلوس معك؛ كنت أجهل أنّي سأقع في حبّ شخص يجلس بغرور في ذلك الكرسيّ يطالع صفحات جريدة ناطقة بلغة الاحتلال؟ أنا لم أطلب منك إذنا بالجلوس؛ وجدت نفسي دون سبب أطلب منك قراءة صفحة مهمّة من صفحات تلك الجريدة؛ أو ربّما كنت أريد أن أصرف نظرك عن قراءة تلك الجريدة حتّى تنتبه إلى قراءة ما تحمله لك تلك الأنثى من أخبار؛ كلّ الأخبار عاجلة؛ كنت أبحث عن ذريعة ما تجعلك تقترب منّي؛ أردت مساعدتك في حمل الحقيبة؛ أحسّست أنّها تحمل كلّ حبّي لك؛ تجمع أسراري؛ كلّ أفكاري؛ كلّ أحلامي؛ كلّ بداياتي؛ كلّ نهاياتي معك؟ أنا تلك الأنثى التي صارت تحسّ ولا تحسّ؛ تحبّ ولا تعرف متى كانت تحبّ؟ هل يظهر الحبّ في دقيقة ثم يختفي بعد دقائق في دقائق؟ لماذا تظهر النّشوة في دقيقة ثمّ تختفي في دقائق وسط دقائق غير معلومة؟ كم عمري؟ لا أدري؛ أين أسكن؟ لا أدري؛ ضاعت النّشوة؛ لذّة الفراش فوق الفراش وسط الفراش لا تدوم ونشوة الوقت في الوقت أو خارج الوقت لا معنى لها داخل ذلك الوقت؛ نحن خارج الوقت نعيش في نشوة ضائعة أقصر من أن يكون لها أثر ونحن لم نترك أيّ أثر يكشف عن أثر يتخلّله أثر يدلّ على أثر ما في وقت ما وقد ضاع الوقت؛ ضاعت النّشوة؛ لم تخرج خيول النّشوة؛ ماذا يفعل ذلك الشّحاذ الأعمى يدّعي أنّه ينظر إلى الوقت وهو غير مرتبط بالوقت لا يستطع تحديد الوقت؛ استغربت لماذا يحمل في يده ساعة؟ شعرت أنّه يستطيع تحديد الوقت وقد عجزت عن تحديد الوقت وسط وقتي معك؛ لم أشأ أن أجرح مشاعره وأنا أتوجّه له بالسّؤال: عفوا كم الوقت في ساعتك؟ ردّ بعد أن تفحّص ساعته: عفوا لا يمكن تحديد الوقت؛ نحن دون وقت؛ فات الوقت؛ مضت أكثر من دقيقة عندما خرجت تلك الحافلة تحمل ما بقي في ساعتي من دقائق أو نظرات لا يمكن تصنيفها حسب مقياس الوقت؛ هي تفلت من كلّ وقت؛ الوقت لا معنى له حين نحسّ أنّنا نحن أضعنا الوقت؛ لا يوجد وقت ضائع وقد التقت العين بالعين؛ عبثا حاولت أن أسأله مرّة أخرى وبإلحاح عن الوقت الحقيقيّ أو كم مضى من الوقت الضّائع ونحن لم نلتق إلاّ خارج الوقت أوّل الوقت؟ كم ضاعت من دقيقة وسط دقيقة ونحن لم نلتق؟ لماذا تأخّرت الحافلة أكثر من الوقت المعتاد؟؛ هي لا تعرف أو تجاهلت أنّها تعرف ما لا أعرف أنّي لا أعرف أنّي كنت على موعد غير معتاد مع شخص غير معتاد؛ اتوقّف قليلا أمامك؛ أمام تلك الذّكريات تعبر في دقائق؛ أنت تعبر في دقائق؛ ما أجمل الحبّ يمرّ مثل الدّقائق وسط الدقائق؛ الحبّ دقيقة ضائعة من وقت ضائع؛ لا يوجد الحبّ إلا وسط تلك الدقائق الضّائعة من وقتنا؛ هل فكّرت كم أضعت من دقيقة؟ هل فكّرت كم أضعت من حبّ خلال تلك الدقائق الضّائعة من وقتك الضّائع وأنت دون حبّ؟ أنت تطلب الحبّ في دقيقة أو دقيقتين؛ أنت عاشق مجنون لأنّك تطلب من ذلك الشّحاذ الأعمى أن يحدّد لك بالدّقائق متى التقينا؟ متى بدأنا؟ متى انتهينا؟ هو فقط من يستطيع أن يحدّد كم استغرقنا من وقت لا يقدّر بوقت حتّى نلتقي خارج الوقت أو ما يسمّى بالوقت؛ رفض الشحّاذ أن يعترف بأنّ وقت الرّجوع إلى الحافلة قد حان لأننا لم نصل إلى المدينة؛ حتّى الحقيبة تخليت عنها لفائدة بائع متجوّل؛ وما علينا إلاّ أن نفترق؛ أنا لا يمكن أن أحبّك في دقيقة؛ أنا لا يمكن أن أحبّك الاّ في دقائق؛ صرت لا أعرف متى أحقّق معك الحبّ؟ صرت أعرف أنّي لا أعرف متى أحقّق معك نشوة البراءة المستعصية؟ فكّرت أنّ أسرق البراءة المظلومة في تلك الحقيبة المظلومة؛ فكّرت أنّك جمعت كلّ حبّي في تلك الحقيبة؛ جمعت كلّ أسراري؛ جمعت كلّ سجائري ؛ جمعت كلّ أفكاري، أنت من سرق قلبي؛ أنت من سرق حبّي؛ أنت من سرق نشوتي بعد نظرة؛ أنت من سرق علبة سجائري؛ بعد ابتسامة غريبة الأطوار، بعد دقيقة من الانتظار؛ بعد ساعة من الأحلام؛ اقتربت من ساعتك؛ لم أعرف كيف أبدأ الحديث معك؟ ارتبكت قليلا؛ دخلني خوف؛ تحتاج الأنثى إلى الخوف حتّى تحبّك بعمق؛ تحتاج الأنثى إلى دقائق إضافيّة حتّى تتذكّر الدقائق الحقيقيّة وقد أحبتك أو متى وقعت في حبّك؟ حتّى تفكّر متى وقعت على صدرك؟ متى وقعت على عينيك؟ متى وقعت على شفتيك؟ متى وقعت بين يديك؟ تلعثمت في الكلام؛ ضاعت الأفكار؛ مرّت الدقائق؛ فقدت القدرة على النّطق ؛ فقدت القدرة على الحبّ؛ وجدت نفسي دون تردد أطلب منك سيجارة؛ أنا لا أطلب منك إلاّ ما لا بدّ منه؛ أعرف أنّك رجل كريم؛ صرت أعرف ما لا أعرف؛ صرت اطلب ما تبقى من أنفاس سيجارتك………؛ ما تبقى من احلامك؛ ما تبقى من أفكارك؛ ما تبقى من أصابعك الرّقيقة؛ أخذتني السّيجارة إليك؛ حتّى دخانها انتشر كأنّه عطر خفيف؛ حتّى أثرها على شفتيك كأنّه يدلّ على جرج قديم؛ بل كأنّه يدل على حبّ جديد؛ كأنّه يدلّ على أكثر من نشوة حققتها معك؛ ضاعت الدّقيقة؛ اقتربت السّاعة؛ ضاعت السّاعة؛ اقتربت الدّقيقة؛ اقتربت الحقيقة؛ لماذا وضعت أسرارك في تلك الحقيبة؟ لماذا وضعت قدري معك؟ لماذا فكّرت أنّي أحبّك؟ لماذا بعد دقيقة فقط التقينا؟ لماذا بعد ساعة فقط عرفتك؟ لماذا لم أشعر أنّك تحبّني؟ أشعر أنّي لا أشعر؛ حتّى السّيجارة لم تمنع حبّي لك؛ حتّى السّيجارة لم تحرق ما بقي في جسدي من شهوة أمام تعاظم شهوتي؛ وانت تتجاهلني؛ تتجاهل جسدي؛ فكّرت أن أطلب منك سيجارة أخرى؛ فكّرت وأطلت التّفكير؛ لماذا أطفأت سيجارتك دون أن تعلمني؟ لماذا نهضت بعد ساعة؛ بعد الحبّ بساعة؛ لماذا نهضت دون أن تعلمني؟ تحتاج الأنثى في الحبّ إلى أكثر من دقيقة؛ إلى أكثر من ساعة حتى تتورّط معك إلى الأبد؛ حتّى تحبّك إلى الأبد؛ أحتاج معك ألى بداية؛ لا تهمّ النّهاية؛ كلّ النّهايات حزينة. فكُرت أن أفتح تلك الحقيبة؛ أردت أن أساعدك في تحديد وقت ضياع الحقيبة؛ هي حقيبة ثقيلة؛ هي حقيبة غريبة؛ تحتاج الأنثى إلى شيء غريب حتّى تتعلّق به؛ تحتاج الأنثى إلى أكثر من حقيبة حتّى تحبّك إلى الأبد؛ حتّى تفهمك؛ حتّى تسمعك؛ حتّى تشاهدك؛ أريد أن أحمل معك حبّي إلى الأبد؛ أريد أن أحمل معك صمتي إلى الأبد.
2 تعليقات
شكرا لكم لإستخدامكم صورة من تصويري وذكر اسمي 💙
موفقين دائما
لا شكر على واجب..
هذه الصورة موجودة ضمن تغطية الموقع لمعرض (هن).. ويمكن الاطلاع على المتابعة هنا:
http://tieob.com/archives/65169