استطلاعات

مورجانتي.. مقهى بعقل وروح في مصراته

تقرير: مفتاح الدرسي – إذاعة هولندا العالمية

مقهى مورجانتي

يلتقي شباب ونشطاء ومثقفو مدينة مصراتة الليبية بشكل يومي بمقهى مورجانتي، حيث البنّ الجيّد ومكتبة الكتب الصغيرة وفسحة النقاش المفتوح. تكاد لا تخلو طاولة من حوار ثقافي أو سياسي، كما أنّ الكتب على رفوف المكتبة الصغيرة تستفزّ الزبائن على الدوام. دائما هناك من يستفسر ويبدي رأيه بخصوص كتاب أو كاتب ما.

مقهى للحوار

يتميز مقهى مورجانتي عن غيره من مقاهي ليبيا كونه ينظم ندوات وجلسات ثقافية وسياسية بشكل دوري. تقوم إدارة المقهى بدعوة الكتّاب والأدباء لإحياء الأمسيات الثقافية… في العادة تتناول الجلسة أحد الكتب أو سيرة الكاتب نفسه. يقيم مورجانتي أيضا حفلات توقيع الإصدارات الجديدة من الكتب. كما تقام الندوات السياسية التي يناقش فيها وضع البلاد بعد انتهاء حكم القذافي وقبله، وتكون الندوات السياسية بحضور أعضاء عن المؤتمر الوطني والحكومة أو بعض الشخصيات التي عارضت نظام القذافي لسنين طويلة وغيرهم من النخب السياسيّة. وكذلك يحيي المقهى الحفلات الموسيقية لفرق الشباب الهواة والفرق الليبية القديمة.

مقهى للتغيير

أسّس المقهى ثلاثة شباب من مصراتة هم جمال السباعي وعلي شاهين و محمد كرواد. جدير بالذكر أن هؤلاء الشباب وأصدقائهم هم أول من خرج ضد نظام القذافي بالمدينة يوم السّابع عشر من فبراير 2011، وتم قمع مظاهرتهم فوريا واحتجازهم بمقرّ الأمن الداخلي بالمدينة حتى تدخلت عائلاتهم لإطلاق سراحهم، كما شاركوا في الدفاع عن مدينتهم عسكريّا وإعلاميّا بعد انتفاضتها يوم التاسع عشر من فبراير 2011… يقول المورجانتيّون إن مقهاهم يمثّل واحدة من ادوات التّغيير الثورية بعيدا عن الترسانات المسلحة، ففيه تسنح فرصة الحوار والتعبير عن الرأي والتّعريف بالأفكار والحريّات، كما لا يجد محمد حرجاً في إعلان التوجه العلماني للمؤسسين مع التأكيد على أن المقهى مفتوح لنقاش جميع الرؤى والتوجّهات. بينما يرى جمال وعلي أن تبنّيهم العلني – كمؤسّسين – لأي توجه قد يؤثر سلبا على تنوّع روّاد المقهى وبالتالي إضعاف فرصة حوار حقيقي داخل المدينة.

مقهى للهجمات

يذكر الشباب أنّ المقهى بالرغم من شهرته السريعة واهتمام المثقفين والفنانين والنشطاء إلا أن المشروع يواجه هجمة شعبية لا يستهان بها. وهذا الأمر يتضح جليّا عند ذكر سيرة المقهى في الشارع أو حتى على الفيس بوك. اتهامات متطرفة بالكفر والمجون بل وصلت الاتهامات لعبادة الشيطان. يرجع الشباب عدم مهاجمة المقهى بالسلاح حتى الآن لوقفتهم الثائرة السبّاقة التي لا يستطيع أن ينكرها أي من أبناء المدينة، الشرعيّة الثورية كما يسمّيها المورجانتيّون، كما أنّ الحماية الاجتماعية التي توفرها العائلة تضمن لهم بعض الأمان. كما نوّهوا عن صعوبة إمكانيّة الحضور النسائي في هذه المرحلة لأسباب اجتماعيّة، وأكّدوا أنّ رؤية المقهى تتضمّن المرأة بشكل رئيسي وأنّهم يأملون أن تسنح هذه الفرصة قريباً.

مقهى للهلوسة

قضيت أسبوعين بمصراتة في زيارتي الأخيرة لها في ضيافة نشاطات المقهى. مورجانتي ملئ بالكتب والكلمات. النقاشات والآراء المتناظرة داخل المقهى تُخلق بشكل سريع وتلقائي ومن ثم تتحول إلى منشورات فيسبوكية ومشاريع ومبادرات شبابية على مختلف الأصعدة. تستطيع ببساطة ملاحظة دور هذا المركز الثقافي الصغير في تقارب الرؤى واختلافها، وتأثيره أيضا على الرأي العام داخل المدينة. في الاتجاه المقابل لاحظت أيضا توجّس بعض سكّان المدينة من المقهى وما يدور به من حفلات موسيقية وندوات فكريّة يرون أنّها قد تهدّد نمط حياة المجتمع اللّيبي الآمن من وحوش ومخرجات الحداثة، وأيضا تأثير الشّائعات التي تدور حول المقهى على النّاس. حصل أن قال لي أحد معارفي على الهاتف أنه سيلقاني في أي مكان – حتى لو كان سطح القمر – إلا مورجانتي. وعندما سألت مستغرباً أجابني بلهجتنا الليبية:” مورجانتي يوزّعوا في الحشيش وحبوب الهلوسة “. لسبب ما تذكّرت القذّافي فوراً.

مقالات ذات علاقة

تشكيليون ليبيون يغردون داخل الخراب لدحض الفوضى

خلود الفلاح

المراكز والمكاتب الثقافية

المشرف العام

الكاتب الليبي .. عُزلة أم تهميش ممنهج ؟!

مهند سليمان

اترك تعليق