النقد

ألهميني، غنوة الفجر الذي لابُدّ آتٍ…

ديوان (أنتِ أشرِعتي وفُلكِي).. (تذكرة رجوع) الشاعرة فوزية بريون

ديوان أنت أشرعتي وفلكي للشاعرة فوزية بريون
ديوان أنت أشرعتي وفلكي للشاعرة فوزية بريون

حوى ديوان المبدعة فوزية محمد بريون (أنت أشرعتي وفلكي)، واحد وعشرين قصيدة، وهو الديوان الأول، والصادر في نهاية عام 2020م عن (دار إمكان)، وكنت محظوظة بأن جاءني هدية من الشاعرة حتى قبل أن تضمه بين يديها وهو ديوانها الأول؟!

وقد تساءلت خلال رسائل متبادلة بيننا (عبر ماسنجر)، عن هذ السر الذي عطّل صدور هذا الديوان، رغم أن تجربتها الثرية في عالم الكتابة بدأت مبكرة، وأن قصائدها الشعرية ظهرت في فترة مبكرة حتى إن نشرت قصيدها باسم مستعار، وهذا ماورد في كتاب المبدعة شريفة القيادي (1947-2014)، (رحلة القلم النسائي الليبي)، وكان اهتمامي وتساؤلي عن قصائد الديوان…

وقد أولت هذا التساؤل اهتمامها فأجابت: إذا كان المقصود من السؤال نشر القصائد، نعم نشرت في صحف ليبية مثل: ليبيا الحديثة والمرأة والرائد/ ومصرية مثل الهلال ومغربية مثل العلم، وهي محاولات لم تخلُ من عثرات التلميذة وعيوب البداية والتجريب،أما إذا كان قصدك هو نشر قصائد الديوان بالذات، فالجواب أيضا، نعم، فلقد نشرت نصوص كثيرة منه في صحف عربية مثل: الرياض والجزيرة السعوديتين ومجلة سطور المصرية، كما نشرت جزءا منها في مواقع المعارضة الليبية مثل: ليبيا وطننا وليبيا المستقبل وأخبار ليبيا وليبيا الجديدة، وقد تناقلت بعضها مواقع أدبية عربية بعد ذلك، ولقد كانت تلك المواقع الليبية حديقتنا الوارفة التي نثرثر تحت أغصانها بينما نسقي بذورنا الممتدة عبر براري غربتنا إلى تربة وطننا الغالي، البعيد-القريب، الحاضر-الغائب.

وهاهو الديوان بين يديّ بقصائده الواحدة والعشرين، قصائد مؤرخة بسنوات كتبت فيها، وهي مقسمة كالتالي:

ثماني قصائد كتبت في التسعينات 1996-1999، ومثلها ثمانٍ من القصائد تواريخها من2001 إلى 2010م، ليظل الرقم خمسة محتفيا بالقصائد المؤرخة من 2011- 2014م، إذا الشاعرة حاولت أن يُعبِر هذا الديوان عن بعض من تجربتها خلال مسيرة ثلاثين عام، فاختارت قصائد متنوعة، ولكن سيظل الوطن/ ليبيا/ هو المحور أو هو قلب الرحى الذي تصبّ جُلّ القصائد في مداره، وقد نبشت من خلال سؤالٍ قلب الشاعرة باحثة عن تلك السنوات التي لا أجد حتى قصيدة واحدة تؤرخ لها، رغم أن تجربتها الشعرية بدأت مبكرة حين نشرتها في الستينات وبداية السبعينات؟، وكان لي أن أحظى بهذه الإجابة:

”تتساءلين عن القصائد قبل عام1997م، وتظنين أنها كثيرة تملأ دواوين، وهنا لابُدّ أن أفشي لكِ بسر انقطاعي عن تعاطي الشعر في الثمانينات ومعظم التسعينات، مع ملاحظة أنني قليلة الإنتاج، إذ يحرمني الناقد الصارم القابع في داخلي متآمرا مع الأكاديمي المتشدد، من الانطلاق في ساحة الشعر، لقيمة الشعر وقداسته، (ربما) ولأنني لم أعتبر نفسي يوما شاعرة، بل هاويةً للشعر مغرمة به، ولهذا فقد بَعُدت عن الشعر، أو بَعُدَ عني وهجرني، إذ انشغلت عنه بالدراسة والتحصيل تارة، ونشاطي في حركة المعارضة التي مارست فيها الكتابة، والتسجيل الإذاعي وحضور المؤتمرات والندوات.. تارة أخرى، ولم أكن آنذاك أتعاطى الشعر إلاّ أبياتا قصيرة النفس، تفتقر إلى عمق الرؤيا وجمال الصورة، حيث كان مركز اهتمامي وتوجهي منجذبا نحو هدفٍ آخر، خَلقُه في تلك المرحلة من الظروف الخاصة والعامة، أهم من الشعر، وأعظم قيمة، وأكثر إلحاحا، حتى إذا انتهيت من أعباء البحث الأكاديمي واستقلت من الفصيل المعارض لألتحق بتيار المعارضين المستقلين، واتجهت إلى ميدان التعليم الجامعي، عاودني الحنين إلى الإبداع، وإلى العودة إلى ميدان الأدب والثقافة والفكر.. فبعثتت موهبتي من جديد، أو هكذا خُيل إلى.ّ..“

أهمّ قيمةً من الشعر.. وأكثر إلحاحا؟!…

إذا الشاعرة فوزية والتي ارتأت ذات فترة من عمرها، أن ثمة ما هو (أهم من الشعر، وأعظم قيمة، وأكثر إلحاحا)، فشحذت كل همتّها لما رأت إلحاحه وجدواه، وهكذا سنجد القصيدة الأولى في الديوان (والتي أخذت عنوان الديوان من أحد صورها)، القصيدة المفتتح عنوانها (مناجاة للوطن)، وهي قصيدة كتبتها الشاعرة عام2014م:

يا بلادي

لست أدري ما الذي أرويه عنكِ

مترعٌ قلبي بفيض الحُبّ

والعينان تبكي..

نازفٌ حرفي..

وهذا الدهر مشتاقٌ لفَتْكِي

فيض المشاعر متدفق، والنداء الملتاع الذي تبدأ القصيدة به (يا بلادي)، هي طفلتها الشريدة تبحث عن الدفء في أحضانها، أن تكنّ في عشها، ولكن؟

أمسُ كنتِ

قرّة العين وقمّة كلّ ملكِ

في خضم الغربة الحمقاء كنتِ

أنتِ أَشرِعتي وفُلكِي

منتهى الأحلامِ عندي

عالمٌ يسبح في ألقٍ وسَبكٍ…

إذا ما الذي حدث؟، وهذا النداء الحار (يا بلادي… مترع قلبي بفيض الحب والعينان تبكي)…

فإذا ما جئت ألقاك اشتياقاً

وانعتاقاً.. وامثتالا

صرتِ تبدين نكوصاً

وانقساماً.. واقتتالا؟…

إذا الشاعرة وهي تواصل هذه الأنشودة، والعاشقة التي جاءت بكل لهفة الحب وضيم الفراق كي ترتوي، فإذ بالأحضان موصدة!، ولكن هل تنكص العاشقة عن هذا الحب وتندم؟!، والشاعرة قسمت قصيدتها وكأن سجالا تدور رحاه ولكن ليس في العقل، بل القلب وتغدو (البلاد- الأم) في مواجهة هذه (العاشقة-البنت)، هذه البنت التي تحملت ضيم النبذ والفراق ولكن…

حبكِ قد كان في منفاي

إيماني… ونُسكي.

وإذا ماتبت.. محرابيّ صرتِ

وابتهالاتي… ونسكي

قِبلة الأفراح والأتراح

في حزني وضحكي…

ولكن مازال السجال يدور (العاشقة-البنت) حين تبدي مشاعرها ليس تجملا ولكن هي تستدر هذا الحب المكنون الذي تدركه جيدا…

إنني قد كنتً أعطيك صبايا

وشبابي…

وأمانيّ العذابا.

فلماذا الآن تبدين جحوداً

وصدوداً؟

لتزيديني عذابا؟.

ولماذا بعد كسر القيد صرتِ.

قبلة القرصان

يرميك بشبك؟

ولماذا صار أبناؤك غولا

لايبالون بتقتيل وهتك؟

ولكن الموجع أكثر، رغم هذا القبح والسوء والأبناء الذين غدوا أغوالا، ها هي البنت بعشقها المغدور تنزف:

ولماذا صرتِ بعد اللقيا جرحاً

يؤلم القلب ويُبكي؟

ولماذا الحب صار اليوم

مدعاة لأسقامي وضنكي؟…

فهل تنكص عن محبتها، تنكفئ مخذولة وموجوعة، وهي تقول لهذا القلب العاشق: لقد فعلت ما عليك، حملتها أيقونة، جبت البحار والقفار وهي الضوء والأمل، ولكن هل ينكص العشاق؟

أنا لن أرضى بهذا الموج

يرديكِ

وهذا العنف يرميكِ

لهُلكٍ

للردي..

ترنيمة القبح التي

أفضتْ لربكي

لا ولن أرضى بترككِ

في الدجى الطامي.

فلا ترضي. بتركي!

إذا ينتصر الامل في الحب، وهذي العاشقة رغم قسوة السجال الذي دارت رحاه في القلب، فأنها مازالت توقن بها (البلاد-الأم)…

وألهميني

غنوة الفجر الذي لابد آتٍ

عاشقاً.. يبحث عنكِ!

نغم الناي بين طبولٍ ودفوف..!؟

الدكتورة فوزية بريون
الدكتورة فوزية بريون

هل الموضوع هو الذي كان تيمة أغلب قصائد الديوان جعل (قصيدة التفعيلة)، أو (الشعر الحر) هي الغالبة في الديوان، مع استثناء لقصائد (بطاقة إلى مصراتة)، (أنشودة إلى الزاوية)، (بطاقة إلى أم الشهيد) وقصيدة (كيف أودع)، ربما لأنها تسمح بذاك التنوع في الأسطر، هكذا إذا في هذا الديوان سنجد قصائد مليئة بالشجن والشجو، مطرزة بصور الأمل والحلم، سنسمع صوت طبول حب، حين تعلن القصيدة عن ذاك الشجن الذي لابُدّ أن يزول، تقول في قصيدة (أشواق)…

محاصراً مازلت بالأشواق والشجن

وموثق القلب بالتحنان والحَزَن

مازلت يا وطني أجوب الأرض محتسبا

وأبسم للردى إن جاء يطلبني

ماذا أقول وقد جرعتني ألماً

وكيف أصمت لا أروي لك محنى؟

يا موتي الرائع

يا التياعا بآخر العمر…

ويتواصل الشجو وبرقة طفلة تضع يدها المحناة على (طبلها الصغير)، ينهمر تساؤل العاشقة:

وأسأل الافق

هل مازال يذكرني؟

وهل عودٌ إلى حيث خبأت التمائم

سر الطفولة

أم تراه ينكرني؟

لعله يذكر عدوي وأنفاسي مقطعةٌ

وراء أبي. محتجة.. حين يسبقني

أو يذكر إذ أهرب إلى حضن أمي

فيسلمني إلى النوم الذي ما كان يشبعني

أو يذكر نقشي لاسمه

على جدران غرفتتا…

سأتوقف هنا، فأنا أسمع هذا الصوت الشجي ونقرات الأصابع المحناة، لتأخذني الدهشة أو حتى الارتباك، سرحت مع الصور الأخاذة، البنت الراكضة المتقطعة الأنفاس وحضن الأم الدافئ، ورسم الاسم المعشوق (على جدران غرفتنا)، وكأني أمشي على بساط من العشب الناعم والنغمات المتواترة بحنو تصعد بي ولكن!، ماذا نقشت الصغيرة بأصابعها المحناة: يا وطن المختار مرتهناً.. ويا وطني…

غدى صوت الطبل قرع، وكأن تلك البنت العاشقة تستنفر قوى خفية تدعوها.. هكذا نقشت على جدار غرفتها التي عادت إليها في رحلة الأشواق…

يا وطن المختار مرتهنا… ويا وطني…

إن المدائن في عينيّ مقفرةٌ

ويظل قِفرك في عينيّ من عدن.

وسنجد صوت الطبول مرتفعا في قصيدة (هُمو… راحلون)…

راحلون

همو راحلون

وباقٍ على الدهر في القلب

من وجنتيك العبق

همو راحلون

وباق على وجهك يا بلادي الألق…

وسنشتمّ رائحة البخور ونسمع نقر الدفوف في قصيدة (من مقامات الوجد):

نقر الدّف وحدّق

في ثنايا الغيب مبهورا ومشتاقا.. ومُدنف

أسكرته السجدة والحضرة..

والخمر المعتّق..

ولكن هل ستخلو قصيدة للشاعرة فوزية بريون من هذا الذي حملته بين أضلعها وشما؟،…

أربعون حية رقطاء

تكره الشمس وتغتال الضياء

تأكل الأخضر واليابس

قبل أن تفنى وتغرق..

شاهدَ الزّلزال

والتّيهَ

وغيهب الجُبّ

وأطراف المنافي

ودماء من أذى الطاغوت تهرق..،

وسيكون نغم الناي الرقيق حاضرا في ثنايا بعض قصائد هذا الديوان، وكأن الشاعرة بريون تستدعي تلك الصديقة (أميمة أحمد) والتي كتبت في ظل اسمها الوارف قصائدها الأولى، التي نشرتها في الصحافة الليبية، كأن أميمة تخبرنا أن شاعرتنا في (حلم) و(نجوم) و(مطر الذكريات) تعزف الناي الشجي، فتأخذنا النغمات الحالمة حيث سماوات قصية:

هتف القلب

وقد هلّ بطرف الحلم وجهٌ للوطن

سلامٌ على الشارع المشرق

سلامٌ على الشرفة الدافئة

على الأفق يرنو إليه مشوقاً

فيعثر في لونه الازرق

سلام على أمي وقهوتها

على ركن غرفتها الباكية

على فوح أعطافها الدافئات

ودفق حكاياتها الصافية

ولتكون (سلام النجوم) قصيدة نثر تُوشِي بها الشاعرة ديواناً أول، فنوقن أن الشعر حين ينهمر ويتدفق، هو شعرٌ أنّى ثوبٍ قد ارتداه، قصيدة رهيفة وفي متنها سؤال وجودي، نجوى روح وسؤال قلب:

نحب النجوم

نراقبها كلما حلّ بالأفق ليلٌ

نخافُ الرحيل

ونعجبُ كيف إذا ما انتهينا

تظلّ النجوم مطرّزة في السماء

تراقب في القاع مسرب ماء.

يرقرق..

يُسمعنا في ظلمة القبر

سلام النجوم.

ولتكون (مطر الذكريات) قصيدة موشاةً بإهداء “إلى روح شريفة القيادي، ملهمة هذه القصيدة“، إذا ماهي حكاية هذي القصيدة والتي كانت ملهمتها مبدعة وثقت تجربة المبدعة الليبية في رسالتها للماجستير والتي جعلت منها كتابا عنوانه (رحلة القلم النسائي الليبي)، في الإجابة التالية للسيدة فوزية بريون…

> حكاية القصيدة:

قبل بضع سنوات حين كنت أستاذة مشاركة للأدب العربي الحديث بجامعة الملك سعود بالرياض.. وبينما كنت اقلّب القنوات العربية، توقفت فجأة على القناة الليبية وجذبني وجهٌ -ظننت أنني أعرفه- لسيدة تتحدث في مقابلة معها عن الأدب الليبي، وبعد لأيٍ عرفت أن المتحدثة هي الأخت الفاضلة شريفة القيادي، رفيقة المرحلة الإعدادية والثانوية، في معهد المعلمات بشارع النصر، إبان ذلك الزمن الجميل الذي لن يعود، وتمنيت حينها التداخل معها هاتفيا والعودة معها إلى عصر ازدهار الحركة الأدبية التي عاصرناها معا، وأدلينا بدلوينا فيها.. وكنت أكثر حرصا من هذا على أن اطلب منها التأريخ للكتابة النسائية في ليبيا، لعلمي بأنها تناولت جانبا من هذا الموضوع أثناء دراستها للماجستير، حين أرسلت لي في السبعينات استبيانا به أسئلة تدور حول نشاطي الصحفي والثقافي في تلك الحقبة، ولكني عدلت عن فكرة الاتصال تلك خشية ان يسبب لها اسمي حرجاً، وقد كان ليبيو المهجر يوصفون حينها بكل نعوت الخيانة والعمالة التي لم يبخل النظام قي نحتها وإلصاقها بهم!

وحدث أن زرت بعد أيام قليلة مكتبة جامعة الملك سعود المركزية للاطلاع على إمكاناتها العلمية للاستفادة منها في بحوثي الأكاديمية، ففاجأني على أحد رفوفها كتاب من تأليف الأستاذة شريفة القيادي بعنوان (رحلة القلم النسائي الليبي في الصحافة الليبية) فكنت كمن عثر على شيء ثمين، قمت باستعارته وعدت إلى البيت لألتهم صفحاته، فوجدت ان الكاتبة قد عرضت فيه نماذج من كتاباتي المبكرة ومحاولاتي الشعرية الأولى، كما عرضت لكثيرات غيري ممن مارسن الكتابة الاجتماعية والثقافية في فترة الستينات الخصبة، وقد علقت الكاتبة في معرض حديثها عني بما معناه: أنني كنت صاحبة قلم جيد ولكني توقفت عن الكتابة، وتغيبت عن مسرح الثقافة، وهي تتساءل أين اختفت ولماذا… وقد مسّ سؤالها هذا وترا حساسا في نفسي، واستحضر عالما مدهشا مليئا بالكنوز، هو واحتي الوارفة في هذه البقعة من ملكوت الله.. فكانت هذه القصيدة…

مطر الذكريات…

“إلى روح شريفة القيادي، ملهمة هذه القصيدة”

أضْرِمِي النّار بقلبي وعيوني. واصرخي بي: لا تكُونِي

أو فَكُونِي

اجلديني

أوجعيني

وابعثي الأشواق في موت سكوني

حطمي القيد

واحي النبض

واستفزي الحسّ فيّ بجنون

اسألي عنّي وعن كُنه مصيري.

كيف يتمت حروفي.

وتجنيت على عمري القصير؟

أين هاجرت.؟

لماذا أنكرت وجهي دروبي

وتشظيت بآفاق الغروب؟

أضرمي نارك.. هاتي

أمطري روحي بتلك الذكريات

أرجعي الأشواق تمتاح تباريحي وحزني

وابعثي اللغات في برزخ أفكاري وفني

أولعي في عتمة الدرب شموعي

واعتقيني

من قيود النّفي.. من عصف الحنين

واربطي في رحم الأرض جناحي

كي تضيء في المساءات ضلوعي

ثمّ تزهو في دنا الحرف جراحي

أضرمي نارك.. هاتي

أمطري روحي بتلك الذكريات

وامهليني

انشديني

لحن أيام الصبا الحلو الحنون

خلصي من قسوة الدنيا حياتي

وأفيضي الشّعر رقراقا حييا

لم تزل أصداؤه تنداح فيّا

في صفاء البوح أو رجع الشجون

ولتعيديني إلى تلك الأماسي الهنية

علّ ذاتي

تستردّ فوق تلك الأرض ذاتي

أرجعي تلك الصبية

توقها الجبار للنجم البعيد

وارتهان الفهم فيها بالمزيد

وتجلّيها مع الأحرف في أفق القصيد

ها؟… أعيديها إليا

وخذي عُمري…

كلّ العمر

إن… كان في العمر بقية !

2003


د. فوزية محمد بريون..

شاعرة وكاتبة وأكاديمية. حاصلة على ليسانس اللغة العربية – جامعة طرابلس.. ماجستير في الأدب العربي الحديث – جامعة القاهرة.. دكتوراة في تاريخ الفكر العربي جامعة متشجن. درست في عدة جامعات منها ميتشجن، الجامعة الإسلامية في ماليزيا وجامعة الملك سعود بالرياض. اختيرت عضوة في مجمع اللغة العربية ليبيا. نشرت في ماليزيا أطروحتها عن (مالك بن نبي) بالإنجليزية، ثم ترجمت ونقحت نسختها بالعربية والتي صدرت بعنوان (مالك بن نبي عصره وحياته ونظريته في الحضارة) عن دار الفكر الدمشقية.

مقالات ذات علاقة

لَا تَدَعُوهُ وَشِعْرَهُ…

جمعة الفاخري

شعرية المكان في شعر يوسف إبراهيم

عبدالحفيظ العابد

العالم ليس إلا جدران أربع

المشرف العام

اترك تعليق