الفصل السادس
(الملعوب)
“دس له دسيسه، أستهجنها إبليسه “
الراوي:
كعادته وعند منتصف كل ليلة كان السيد رئيس مؤسسة (حي علي الثقافة) يتلقى تقريرا من خلال اتصالا هاتفيا تعود أن يجريه حين يكون خارج البلاد، ليطمئن به عن أخبار مؤسسته الثقافية، كان يجري اتصاله مع أحد الموظفين المتطوعين بخدماته الإضافية المتمثل في ايصال كل شاردة وواردة إليه، بحجة الحفاظ علي النظام و انضباطية منظومة العمل الثقافية في المؤسسة، ولقد سادت طريقة غريبة في تسيير شؤون العمل في كل الوزارات الحكومية والمنظمات التي انبثقت عن مفوضية المجتمع المدني في ليبيا، حيث لابد أن يقحم يعض من الموظفين انوفهم، ليظهروا ولائهم الكامل للقيادات الثورية الجديدة، والتي كانت تنتشر بالسلاح الغير مرخص، فهي لم تخضع سيطرتها علي العاصمة الليبية طرابلس فقط، بل امتدت سيطرتها ونفوذها علي كافة أرجاء المنطقة الغربية في البلاد وبعض من مناطق مدينة بنغازي ومدينة درنة :
الحمد لله أن كل شيء يسير على ما يرام يا سيادة الرئيس، وبإذن الله ستعود من فعاليات مؤتمر منظمات الثقافة العربية المقام بتونس، وستجد ما يسرك من اداء قام به موظفيك.
هكذا كان مدير المكتب الاعلامي بمؤسسة (حي على الثقافة)، والذي كان يتصف بالجشع وحبه للمال يصف سير العمل في المؤسسة، عبر الهاتف الي سيده رئيس الهيئة، وقد كان يفعل ذلك وبشكل دوري كل ليلة مادام رئيسه في مهام ثقافية رسمية خارج البلاد حينها.
وبهذه الطريقة الغريبة، حيث كانت تدار الشؤون الثقافية في كل المؤسسات الثقافية الحكومية، سواء في أروقة عمل أغلب ادارات الثقافة، بالوزارات الثقافية المتعاقبة أو في معظم المنظمات والمؤسسات التي تختص بتعزيز الدور الثقافي داخل مفوضية المجتمع المدني، كانت الأمور تمضي بتلاعب وبجوسسة وحماسة مفرطة لحد الاجحاف والتجني!!
وقبل أن ينتهي الحوار الهاتفي بسلاسة، فكر ثم قرر كعادته أن يقحم غريمه (مصباح) ويدس له دسيسة جديدة، قد تطيح به، وتفقده وظيفته، كمدير ادارة المكتب الثقافي التنموي، وبالتالي سيحافظ علي سرية أعمالهم المشبوهة وتناغمهم وتجانسهم مع بعض في غياب (مصباح)، وسيتم ذلك، تحت غطاء نشر الثقافة وتنظيم المشاريع الثقافية
فأردف:
لكن المدير (مصباح) لازال يغرد خارج سربنا.. أعني.. أعني.. أن المدعو (مصباح) قد ظهر في وسائل إعلامية لوزارات أخري!
الرئيس يستشيط غضبا ويصيح:
كيف تم ذلك؟
مدير مكتب الإعلام يجيب:
لقد أرسلت لنا وزارة الداخلية الفترة الماضية دعوة تطالبنا بضرورة اشراك أحد مدراء الادارات طرفنا في ورشة عمل حول (إشكالية الازدحامات المرورية في المدن الليبية الكبري، وسبل معالجتها)
وقد قام السيد المستشار الثقافي الاستاذ (عبد السميع) بدون علم الجميع بتكليف (مصباح) تكليفا شفهيا بالمهمة! لينوب عنك وعني بالمشاركة، كذلك وجهت لنا دعوة أخري من المجلس البلدي بوسليم، حضور ومشاركة برؤية منظمتنا بالملتقي الوطني الجامع والذي يرفعه المبعوث الاممي السامي في ليبيا السيد (غسان سلامة) وهذا الملتقي كما تعلم ينظم كسلسلة ملتقيات في كافة المدن الليبية تحت شعار الملتقي الوطني الجامع.
ولقد أرسل لنا المجلس البلدي ابي سليم دعوة بضرورة مشاركة ثلاثة من مدراء إدارات منظمتنا (منظمة حي علي الثقافة) بورش عمل لمدة ثلاثة أيام لتجهيز الرؤية المشتركة التي ستعلن في اليوم الرابع بفندق ريكسوس أمام المبعوث الأممي، ويطلب من منظمتنا عن طريق مندوبينا الثلاث تقديم رؤية من أجل استقرار الدولة وإنهاء الحالة الفوضوية التي نعيشها في هذه المرحلة.
الرئيس:
اللعنة!!
وقطعا (مصباح) واحد من المدراء الثلاث؟! اللعنة على (مصباح) وعلي المستشار (عبد السميع) كذلك.
وأضاف:
أن هذا المدعو (مصباح) سيلفت الأنظار اليه في كل مرة، وقد يتم تكليفه بتسيير وزارة الثقافة التي اسعي الي الظفر بها وبميزانياتها بكل ما أوتيت من جهد وقوة، فـ(مصباح) من أهل الثقافة ونحن بالمقارنة مع ما في جعبته من ثقافة ووعي، مجرد دخلاء على القطاع الثقافي.
الرئيس:
اسمع.. اسمع قبل أن يستفحل الأمر.. علينا إعفاء (مصباح) وتعيين قيادة شبابية أخري بديلا عنه، ليقوم بمهام ثقافية أقل تأثيرا في الوسط الثقافي.
وأضاف:
ابحث لنا عن قيادة شبابية، أقل شأنا من (مصباح).
مدير المكتب الإعلامي:
أعتقد أنني وجدت فكرة جهنمية لإقناع السيد رئيس المجلس الرئاسي ومستشاريه بإعفاء هذا المدير الشرقاوي الذي يدعي (مصباح) واستبداله بأخر.
الرئيس:
تكلم قل سريعا ما عندك فقد أوشك رصيد هاتفي على النفاذ.
مدير المكتب الاعلامي:
ما رأيك بإعادة مونتاج التسجيلات الصوتية التي صرح وأدلي بها (مصباح) في كل المناشط الثقافية التي تم تنظيمها وفي الإعادة نقوم بتسريع زمن صوته وحديثه مما يجعل المستمع لحواراته، يعتقد أن (مصباح) لا يتقن حتى الالقاء، وأنه حين يتحدث لا يفهم أحدا ما قاله، نتيجة سرعته في التحدث.
الرئيس:
فكرة هائلة، عليك بها.
وأردف قائلا:
وماذا أيضا؟
مدير المكتب الإعلامي:
سنقوم بتوظيف شخص أخر في نفس السن وبنفس المواصفات.. أقصد نقوم بتوظيف شخص يشبه (مصباح) تماما، ونقوم بإدخاله بدلا من (مصباح) حين نستضيف شخصيات ذات مقام رفيع والذين يبعثون من طرف السيد رئيس مجلس الرئاسي للتفتيش عن كفاءة الادارات والمدراء،
ونأمر هذا الشبيه أن يتكلم بأشياء غريبة وبأفكار ساذجة لا تليق بمقام الضيوف، فسيستهجنونه وحتما سيتم إعفائه من منصبه وبالتالي نرتاح من هذا الـ(مصباح) بواسطة هذا الكارطون (المقلب) المبتكر.