الطيوب
أقامت لجنة التراث اللغوي والأدبي في مجمع اللغة العربية بطرابلس صباح يوم الخميس 2 من شهر سبتمبر الجاري 2021م محاضرة ثقافية بعنوان ( تسمية الأبناء بين التراث والمعاصرة) وذلك في إطار نشاطها الثقافي، ألقاها الدكتور “عبد السلام الهمالي مسعود” وأدارها وقدمها الدكتور “أحمد يوسف أبو حجر”، وسط حضور لفيف من الأكاديميين والإعلاميين والمثقفين، وقد استعرض الباحث من خلال ورقته العلمية عناية الأديان والشرائع والقوانين تاريخيا بالأسماء وإيلاء العرب الجاهليون الإهتمام الكبير للأسماء كونها السبيل لمعرفة هويّة المرء الدينية والعرقية، مشيرا إلى أن العرب كان لهم مذهب في تسمية أبنائهم وعبيدهم وإمائهم انطلاقا من حيواتهم وبيئتهم ونظرتهم للحياة، حيث يقوم هذا المذهب على اختيار الأسماء عند العرب على أساسين أولهما أساس التفاؤل بالحياة السعيدة والمستقبل الزاهرالذي يرجونه لأبنائهم وذراريهم وثانيهما نابع من محاولة إرهاب العدو وإرعاب خصمهم.
وأضاف بأنه يدخل في هذا الباب تسمية ما غلظ وخشن من الشجر والنبات كطلحة وقتادة وحنظلة وغيرها أو بما خشن لمسه وموطئه من الأرض كحجر وصفوان وحزن وفهر. من جهة أخرى ذكر الباحث إن ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية ساهم بشكل كبير في تغيير سلوكيات وعقائد الناس لاسيما في اختيار الأسماء فأعلى من شأن بعض الأسماء وهذّب ورغّب بعضها وحرّم ونفّر بعضها الآخر، وفي سياق متصل تناول الباحث واقع الأسماء في التراث العربي وتحديدا إبّان فترة الدولة العثمانية ومجاراة الناس للأتراك في تسمية أسماء أبنائهم واقتدائهم بالثقافة التركية فانتشرت الأسماء المركبة كأحمد راغب ومحمد أسد وعلي حيدر وأفاد بأن بعض الأسماء حُرّفت باللسان التركي لتناسب مع أبجدية منطقهم كعصمت وحكمت وألفت لتنطق التاء المربوطة تاء مفتوحة أو كتلك المختومة بياء الإمالة التركي كفوزي وفتحي وحسني ومجدي وما نحو ذلك.
كما أضاء على شيوع التفاؤل عند الليبيين بتسميتهم لأسماء كسالم وسالمة والمبروك ومبروكة واللافي ولافية ومسعود ومسعودة وكذلك اتباعهم في تسمية الأسماء المتصلة بالطبيعة وظواهرها كنجمة وقمر وسمية وثريا ومزنة ومطيرة ونحوهم لتسمية أسماء الأنبياء خاصة أسماء النبي محمد(صلى الله عليه وسلم)، وتطرق لمسألة لجوء الكثيرين في العصر الحديث لاطلاق أسماء المشاهير كالمطربين والمطربات والممثلين والممثلات ولاعبي كرة القدم على أبنائهم وساق في ذلك جملة من الأمثلة جراء التأثير الكبير لوسائط الإعلام المختلفة من برامج ومسلسلات وأفلام فحسب وجهة نظر الباحث إن جُل الأسماء الحديثة أقتبست من شخصيات الأعمال الدرامية دون التدبر في معانيها ومعرفة أصولها.
وفي ختام المحاضرة دعا الدكتور “عبد السلام الهمالي مسعود” القائمين على المجمع اللغوي لضرورة العمل مع مصلحة السجل المدني ودار الإفتاء الليبية على إقامة ندوة علمية لبحث ودراسة أسباب تفشي ظاهرة إغتراب الأسماء في المجتمع لحفظ وصون هوية وأصالة البلاد من التأثير الغربي.