حين التقيت بالحب الفقير
وأنا طفلٌ صغير
كان يرمقني بعينٍ واحدة
دامعة كصبارٍ عجوز..
كان أعور النبض كثيف الوجع
مهيض الزقزقة
عليه مفازة الخذلان !
كنت أتمنى أن أراه جميلاً انيقاً
معبأ بحلوى الغناء
يداعب الفرح الحزين
في أزقة المنوبية*..
يرقص معنا تحت لهفة مطر
الشتاء الدافئة اللامعة
في أحدق قوس قزح..
كان حزيناً جداً
في جيوبه تتأوه الأحلام الخائبة
و يتكدس بين راحتيه و قلبه
الجوع و الظمأ !
كان يبكي كلما مر بي
وأنا الهو وحيداً و بعيدا
بين نخلتي الطابوني* والأومفتيتي *
في سانية جدي
مع ارجوحة تأخذني
إلى سماء بعيدة عن كلِ هذا الخراب ..
كان يبكي عند ناصية الوجع آخر الليل
لم يحتفي ولو مرة بعيد ميلادي !
كلما اقتربت منه يزداد في سُكرهِ
مع نشيج المدامع الكسيرة
و أنا ادس في جيبه الكثير
من النقود و الفرح الأثير ..
ها أنا و بطريقة ما
كبرت .. وشجرة العنب
ببيتنا القديم..
ومازال ذاك الحب العجوز
يبكي كلما
مر أمام باب بيتنا
محملاً بالبنفسج الكسير
و بالضحك المخمور
من أفوه الذين رحلوا
ولم يأخذوا معهم
كل هذا البكاء المعلق
في ستائر الليل
وحتى آخر الصباح ..
* المنوبية: حي عريق بمدينة الخُمس .
* الأموفيتيتي والطابوني: نوع لذيذ من الرطب في سواني الخُمس القديمة .
الأربعاء 11 / أغسطس .. آب / 2021 م