شعر

في جيوبه تتأوه الأحلام الخائبة

من أعمال التشكيلي محمد العارف عبيه
من أعمال التشكيلي محمد العارف عبيه

حين التقيت بالحب الفقير
وأنا طفلٌ صغير
كان يرمقني بعينٍ واحدة
دامعة كصبارٍ عجوز..

كان أعور النبض كثيف الوجع
مهيض الزقزقة
عليه مفازة الخذلان !

كنت أتمنى أن أراه جميلاً انيقاً
معبأ بحلوى الغناء
يداعب الفرح الحزين
في أزقة المنوبية*..

يرقص معنا تحت لهفة مطر
الشتاء الدافئة اللامعة
في أحدق قوس قزح..

كان حزيناً جداً
في جيوبه تتأوه الأحلام الخائبة
و يتكدس بين راحتيه و قلبه
الجوع و الظمأ !

كان يبكي كلما مر بي
وأنا الهو وحيداً و بعيدا
بين نخلتي الطابوني* والأومفتيتي *
في سانية جدي
مع ارجوحة تأخذني
إلى سماء بعيدة عن كلِ هذا الخراب ..

كان يبكي عند ناصية الوجع آخر الليل
لم يحتفي ولو مرة بعيد ميلادي !

كلما اقتربت منه يزداد في سُكرهِ
مع نشيج المدامع الكسيرة
و أنا ادس في جيبه الكثير
من النقود و الفرح الأثير ..

ها أنا و بطريقة ما
كبرت .. وشجرة العنب
ببيتنا القديم..

ومازال ذاك الحب العجوز
يبكي كلما
مر أمام باب بيتنا
محملاً بالبنفسج الكسير
و بالضحك المخمور
من أفوه الذين رحلوا
ولم يأخذوا معهم
كل هذا البكاء المعلق
في ستائر الليل
وحتى آخر الصباح ..


* المنوبية: حي عريق بمدينة الخُمس .

* الأموفيتيتي والطابوني: نوع لذيذ من الرطب في سواني الخُمس القديمة .

الأربعاء 11 / أغسطس .. آب / 2021 م

مقالات ذات علاقة

رَحِـيلُ رَجَــاء

أربعونَ ليلةً خلفَ الحديقةْ!

عبدالوهاب قرينقو

المشمشية

عاشور الطويبي

اترك تعليق