محمد الطيب الهرام
بينما كنتُ جالسا وحيدا بأحد المقاهي الشعبية في عشية يوم ملل، دار حديث بداخلي، بيني وبين الوطنية الساكنة في قلبي، فبدأت أنا وقلت لها: حدثيني بما تشائين لكسر هذا الملل.
فقالت الوطنية: إني هجرتُ قلوبَ أغلب الناس بسبب المال، وأستمر في هجرتي هذه.
فسألتها: وما الذي سيعود بك إلي تلك القلوب، ويكف هجرتك؟
فردت بكل حزن: إنني لا أعود للقلوب التي تتخلى عني بتلك السهولة، فأنا عندما أغادر أحد القلوب، أضع القلب بين خيارين، إما أن يتخلى عني لأجل المال، وأغادره إلى الأبد، أو يرفض المال وأبقى معه إلى الفناء، أما الهجرة فمستمرة مدام المال سيد القلوب.
فسألتها بسؤال ولد من رحم إجابتها على سؤالي الأول: ولماذا تنبذين المال لهذا الحد؟
فردت قائله: أنا لا أكره المال نفسه، والمال زينة الحياة الدنيا ومتاعها، أنا أكره مصدر المال، فأنا لا أسكن قلب قد تغذى من مال أعداء الوطن، ولا أسكن القلب الذي ينبض بمال اليتامى، والأموال العامة التي حصل عليها حامل القلب بطرق غير مشروعة، أنا لا أسكن حيث يسكن الدنس.
إذا أنتِ لا تسكنين قلوب كثيره؟ هكذا سألتها مره أخرى
فقالت: إني أسكن القلوب النقية، ولا يهمني عدد المساكن بقدر ما يهمني نقاء القلوب حيث أسكن“.
خاطبتها منهيا الحديث: حسنا كان ذلك حديث مليء بالحكمة، الآن سأغادر ولا تغادري أنتِ قلبي، فأنتِ ملكي ومالي وزادي الوحيد في هذه الدنيا.
أنتهى حديثي مع الوطنية، وغادرت أنا إلى سوق المواشي، حيث سيبدأ دوامي كحارس على بوابة السوق من غروب الشمس إلى شروقها، كعادة كل يوم.