قصة

كلاشنكوف

– نوض.. نوض يا صابر.. الدنيا مقلوبة وإنت ما زال راقد تشخر.

– صبح يا فتاح.. خيرك معاي يا صبرية.. ما تخليني نرقد ليلة هنية.

– نوض أفرح أرقص وغني.. الحرب تمت.. الحرب إنتهت.

نظرا صابر إلي زوجته في شئ من الشك والريبة وعدم التصديق.. فتح عينيه وأغلقهما في تكرار مستمر.

– صلي ع النبي.. الله يبشرك بالخير.. يعني معادش في صواريخ وإنفجارات وموت ورعايش.

– خلاص تمت قتلك تمت.

رفع صابر يديه إلي السماء مكبرا مهللا وداعيا: اللهم لك الشكر والحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه.

– وتي الفطور ح نصلي ركعتين شكر لله ونجيك

علي مائدة الإفطار..

– بسم الله ما شاء الله شن هذا كله يا صبرية.

– اليوم عيد.. عيد كبير لكل الليبيين غرب وشرق وجنوب.. خلينا نفرحو يا صابر عيينا من الهم والغم والدمار والموت والدم.. بلادنا شافت أيام صعبة وولادنا ماتوا من غير سبب.

– آيه والله عندك حق.. ربنا يرحم من مات ويشفي المرضي والجرحي.. الحرب خسارة للكل ، ما فيهاش حد رابح. لكن توا قدمنا حرب تانية بنوتوا روحنا ليها.

نظرت صبرية إلي زوجها بشئ من الرعب والخوف وهي تردد:

– فال الله ولا فالك.. نوض تحلحز من مكانك ، حرب شنوا هاذي اللي تدوي عليها.

– حربنا ضد الجهل والتخلف.. حربنا ضد المرض والفقر، حربنا ضد الفساد الأخلاقي والاداري والمالي، الليبيين مفروض عليهم يبدوا مرحلة جديدة من حياتهم، يطووا صفحة الماضي بكل جروحه وآلامه، معركة التغيير.. التغيير للأفضل للأحسن للأجمل.

– إيه والله عندك الحق.. هذي هي الحرب الحقيقية والمستمرة اللي مفروض ما تنتهيش أبدا.. لكن.. كيف؟

– كل واحد منا يبدا بنفسه.. يغير من نفسه.. يغيير من تفكيره وأسلوب حياته

.. صبرية.. يا صبرية

– نعم يا راجل.. خيرك، شن ه الشبحة اللي تشبح فيها ، حسك خوفتني.

– أني قررت نبدا من توا في الحرب.. قررت من توا تغيير حياتي.

نهض صابر.. ليعود بعد برهة وفي يده ورقة وقلم، ناولهما لزوجته وفي عينيه بريق مخيف.

– هيا وقعي.. وقعي ع الورقة.

– اللطف يا ربي.. نوقع علي شني.

– وقعي علي الموافقة.

– موافقة.. موافق علي شني.

– علي التغيير.. إني من قبل وخاطري في التغيير.. وتوا جت الفرصة، وهذا وقتها، وإلا ما صار شي.

نظرت صبرية إلي زوجها بحنق وغضب، تطاير الشرر من عينيها، صرخت:

– هات

– هاك خودي.. هذا القلم.

– لا.. مش القلم.

– مالا شنو؟

– الكلاشن.. الكلاشن اللي فوق الدولاب، نهارك اللي تدور فيه.

مقالات ذات علاقة

شظايا الشّجوِ

محمد دربي

حكاية الزنجي الأبيض

سعيد المحروق

ضباب…

أحمد يوسف عقيلة

اترك تعليق