لالا لم يستطع (فرج) ايجاد حلا حكيما يعالج به اسباقه لرؤية حبيبته (فريحة)، فلقد عجز عن مقابلتها في وضح النهار، كما هو سائد في المجتمعات الأخرى، وذلك لان عادات الناس في هذه المدينة تختلف جدا، أو أن سكانها يدعون الاختلاف، فأنعكس ذلك على المدينة برمتها، فساد الاختلاف وبالتالي صارت الأمور بسوء، فلا تسمح هذه العادات والتقاليد بملاقاة الفتى الحبيب لفتاته الحبيبة، حتى ولو كان صادقاً وأمينا معها. تحايل (فرج) على الكل وقرر ملاقاتها بعد صلاة الفجر فنجح في ذلك..
أحد أبناء الحارة (مرعي) شكك في الأمر فـ(فرج) لا يتخذ من بيته طريقاً للعودة بعد أدائه للصلاة، فهو يسلك دروبا أخرى عبر الزقاق الخلفي الواقع خلف ذلك المسجد القديم.
يقرر (مرعي) تتبع (فرج).. وعند منتصف الطريق اكتشف بأنه يهم بمقابلة إحدى أجمل فتيات الحي لالا إنها أجمل فتيات المدينة برمتها. فانتاب (مرعي) الغضب الشديد، وتولد عنده حقدا كبير ضد (فرج).. وقرر تدبير له مكيدة عظيمة.. فـ(فريحة) تلك الفتاة الجذابة والتي تفوقت بجمالها، فرفضت جميع من تقدم لها من الشبان البارزين، وعجزوا عن الظفر بقلبها وحبها وكسب ودها.
اجتمع (مرعي)، مع من هو على شاكلته وتناقش معهم في أمر الشاب المراهق (فرج)، فقرروا التعرض له وضربه.
ذات يوم أحضروا بعض الأدوات الحادة وبعض المطارق والمواسير وانقضوا عليه فجأة ولكنه وبقدرة قادر تفطن لهجومهم المباغت، فأمتص الألم وقاومهم وأنتصر، فانتفضوا من حوله ولاذوا بالفرار.. هاربين.. مثخنين بالجراح وقد سالت الدماء تتسرب من أجسادهم.
ازداد حقدهم وقرروا الأخذ بالثأر من(فرج)، فاستقدموا له من بعض الاحياء المجاورة بعض من محترفي الإجرام، فأنتصر عليهم أيضاً وأصبح ثأرهم متضاعف هذه المرة.
تسأل (فرج) في قراره نفسه:
– لماذا دبر هؤلاء الشلة هذا الأمر لي؟
لم يهتدي للإجابة المقنعة حينها.
قررت الفتية أن يخبروا صديقهم (طارق) ذلك الشاب الذي يعمل في البوليس السياسي عن تصرفات(فرج) وكيفية التخلص منه. عرضوا الأمر عليه فأخبرهم (طارق) انه من الصعب الزج بهذا الفتى في غياهب السجون لسبب تافه وبسيط.
فتدخل أحد الفتية بالحديث مسرعاً:
– إنه يكتب عمودا في إحدى الصحف وهو دائما يدعى الصدق والامانة والنزاهة، ولكنه كاذب فهو يقابل (فريحة) بعد كل صلاة فجر..
– أيكفى هذا السبب للقبض عليه.
رد (طارق):
– يكفي جدا. وأردف قائلاً:
– سأقبض عليه وأريحكم منه!!
ذات ليلة وبينما (فرج) منهمك في كتابة أحد مقالاته. طرق باب بيته بشدة.. خرج من غرفته سريعا حتى يرى من الطارق. فاذا به أمام إحدى مركبات البوليس السياسي تنتظر خروجه، سأله أحدهم:
– هل أنت (فرج) ابن (عبد الله)؟
فرد (فرج):
– اجل!!
صاح في وجهه:
– اركب اركب يا فالح.
صعد(فرج) إلى المركبة ممتعضا. في الطريق استقبل (فرج) كل أنواع الوكز والكدمات والألفاظ الخادش المهينة لأخلاقه. وعند وصولهم إلى تلك النقطة الأمنية رموا به في إحدى الزنزانات المعتمة والتي لم يخرج منها إلا في صبيحة العيد العاشر عشر.
تمت
تنويه: الرقم عاشر عشر لا يوجد وهذا يعني ان (فرج) لم يخرج لعدم وجود هذه المناسبة