اليوم أول يوم لي مع جمعية خيرية التحقت بها، ربما لفراغ أشعر به منذ فترة أو لحاجتي بأن أفعل شيئًا يقربني من الله، لم يكن المكان بعيدًا، فهو عبارة عن قبو لأحد المنازل القريبة من بيتي…
عندما دخلت فاحت رائحة الرطوبة، الاكياس والصناديق هنا وهناك بكميات كبيرة، نظرت إلينا المسؤولة عن هذا النشاط بعد أن حيتنا وقالت كل هذه الاكياس تحتاج الى الفرز فهناك ملابس كثيرة لا يليق أن نبعثها إلى من يحتاجها إما قديمة أو بها بعض الثقوب، فالرجاء منكن الاهتمام بذلك…
عندما نظرت إلى اسفل الطاولة التي امامي وقع نظري كيس من الكرتون أسود اللون، سحبته ووضعته على الطاولة لأخرج ما يحتويه من ملابس، ولكن لم يكن هناك سوى قطعة واحدة، معطف رجالي من الكشمير يبدوا بحالة جيدة، طرحته أمامي أتفقده وهل به عيبًا ما، وجدته سليماً لا يشكو شيئًا وكأنه جديد، وأنا أقوم بطيه ارتطمت يدي بكتله في أسفل المعطف استطعت الوصول إليها من جيباً مخفيًا في بطانته مددت يدي وسحبتها فإذا هي مجموعة رسائل قد وضعت داخل كيس من البلاستيك، شعرت بفضول شديد ورغبة في فتحها فقد كانت كل واحدة تحمل رقم وتاريخ ورائحة قصة ما، نظرت بجانبي فوجدت لا أحد منتبه لي ولا ماذا وجدت، قلبتها بين يدي فلم يكن هناك من عنوان، سألت المشرفة وأنا أخفي الرسائل في جيب معطفي…
– هل تعرفون من أين اتت هذه الاكياس، أقصد أصحابها؟
– بالتأكيد لا، نحن نجمعها من الصناديق الكبيرة الذي نضعها في كل منطقة، هل هناك شيئًا ما؟
هززت رأسي بالنفي وأكملت عملي الذي أتيت من أجله وأنا أفكر ما سر هذه الرسائل الذي قدر لي أن أجدها…
بعد عودتي إلى البيت أخرجت الرسائل وضعتها على سريري كل واحدة على حده، وتساءلت هل مازال هناك من يستخدم هذه الرسائل!!! وأنا حائرة من أين أبدأ وهل من حقي أن أفتحها أم لا، وقع نظري على ظرف مختلف فقررت أن ابدأ به، عندما تحسسته عرفت أن هناك شريط كاسيت بداخله، عندما فتحت الظرف وقع الشريط على الارض ومعه ورقة بلون البنفسج، التقطت الشريط الذي كان عليه صورة لـ (محمد عبده) وهو يمسك العود وكتب على الورقة مقطع من أغنيته: ”لا تردين الرسايل وايش أسوي بالورق.. وكل معنى للمحبة ضاع فيها واحترق“…
أدركت حينها أن هذه الرسالة المختلفة هي رد على باقي الرسائل الأخرى.. وتساءلت لماذا لم يرسل هذا الشريط وتركه هنا مع باقي الرسائل في معطفه، ترى هل هو من تخلى عن هذا المعطف بما يحتويه أم انه رحل عن هذه الدنيا التي لم يعد لرسائل الورق مكاناً فيها، لا أدري لماذا أدمعت عيناي وأنا أجمعها وأضعها في درج خزانتي فلم تعد لي رغبة في قراءتها.