في ركن المربوعة ألتف في بطانيتي النمر كفأر صغير تغازلني الأحلام والنسيم العليل الداخل من الباب نصف المغلق ازداد انكماشا كالجنين في أحشاء البطانية كلما سمعت أصوات الأرجل داخل بيتنا انها امي تحضر الغداء لرحلة القطاع اتمني لو كنت غير مرئي او ان تحدث معجزة ويتركوني نائما فلطالما كرهت ذلك المشوار المتعب بين اشواك النخيل وحبات الرمل التي تصيب العيون وتدخل بين الاسنان وتلك النخيل المتباعدة التي في كل مرة استغرب قدرة ابي العجيبة في حفظ موقعها.
أهم بالنهوض متثاقلا فأنا في قرارة نفسي اعرف انه لا مناص ولا ملجأ من الذهاب. اللاندروفر العجوز العتيقة تربض بجانب البيت لونها الشاحب والكثير من الصدمات والخدوش تحكي الكثير، والوالد بسترته العسكرية التي يرتديها دائما وعمامته البيضاء يجهز برميل الماء والعدة.
كان تشغيل تلك العجوز عملية مضنية تقصم الظهر فلكي تشتغل يجب إدارة المحرك بعصاة تسمي ماناويلا بعد عدة محاولات بدا محركها بالدوران بشكل متقطع، هنا وجدت فرصة لثنيهم عن الذهاب، قلت:
– السيارة صوتها مش تمام!!
رد علي الوالد:
– غير توكل علي الله!!
كنت أعرف انه لن يلغي الرحلة بسهولة.
كانت السيارة ترتعش وأنا أصارع مقودها القاسي أحاول جاهدا إبقائها في الطريق عيوني اغرورقت بالدموع من التركيز زجاجها الامامي صعّب من المهمة باتساخه كل شي قاسي في تلك السيارة العجوز.
كانت إرشادات الوالد لا تتوقف ارتفع قليلا انحني يمينا استخدم الريدوتا هنا غير السرعة صوت العجلات وهي تحتك بالرمال يزيد توتري أواصل مصارعة المقود والعرق ينز من جبهتي فجأة يقف المحرك تغوص السيارة في الرمل أحاول التشغيل بالمانويلا باءت كل المحاولات بالفشل. أقول لهم بغضب:
– مش قلتلكم السيارة فيها مشكلة!! هيا نروحوا علي الرجلين!!
كانت شمس الظهيرة قد تربعت علي سيوف الرمال الصفراء واشعلت جام غضب السراب بين النخيل المتناثر هنا وهناك بدأت السير إلي البلدة أتقدمهم ببطء تغوص أحذيتنا في الرمل الناعم فتبرق لمعانا التفت ورائي اراها وحيدة بين الكثبان تختلط المشاعر بين النقمة والشفقة علي تلك العجوز العتيقة.