النقد

غيّرة تقترح ملاذا!؟

من أعمال التشكيلي العراقي سعد علي

أعرفُ حُز نَكِ
من الكدماتِ الواضحةِ
في صوتك ….

هكذا ببساطة مفرطة يقودني الشاعر “محمد عبد الله” إلى معتركٍ صاخبٍ:

أعرف حزنك
من الكدمات الواضحة في صوتك…

أشهدُ أنّ هذه الصورة الشعرية / القصيدة، قد أثملتنِي رغم وجعها المنّدس، ولكنها مثل تغريدٍ مدهش لعصفورةٍ عاشقة أو هديل اليمام في لحظات الإغواء.

أعرف حزنك

هكذا يفتتح أيقونته العذبة الهشة الجارحة القاسية، نائياً عنّا ملتفتا إليها بكُلِيته.

أعرف حزنك
– أنتِ، نعم أنتِ

* تعرف حزني؟! من قال أنيّ حزينة !، أنتَ تتوهم حزنا تريده وشايةً لقلبي، كي يحبّك؟

لكنه لا يأبه لجدال هذي العاشقة التي تتخفى في ظلّ حزنها ، تداري وجعها مكابرةً، وتُفرط في المحاججة.

الشاعر محمد عبدالله.
الشاعر محمد عبدالله. تصوير: سالم أبوديب.

أعرف حزنك
من الكدمات الواضحة.
في صوتك.

في أحيانٍ أحقد على شاعرة أو شاعر، يأتيان بصورة شعرية متفردة، هكذا الآن أحقد عليك أيها الشاعر “محمد عبد الله” من أين جلبت هذه الصورة؟!

/ من الكدماتِ الواضحةِ في صوتك/؟

قد أحتّج غيرةً وأقول: هل هذه صورة شعرية؟ وووو ولكنّ مذاق السُكر سيرغمني أن أرقص في حضرتها!

أعرف حزنك
من الكدمات الواضحة
في صوتك.

* كدمات؟! أين رأيتَ الكدمات أيها المتبجح وربما الغبي، انظر وجهي مشرقاً وعيناي متألقتان،

 ألا ترى ابتسامتي؟

هي تواصل حجاجها، تواجه بوحه بفجاجة لكنّه يواصل حنانه الذي ينثال:

/ في الكدمات الواضحة
في صوتك

هل أستطيعُ تخيّل هذه الصورة، كيف يغدو الصوت جسدا مليئا بالكدمات، الصوت الذي هو ذبذباتٍ تطير في الأثير، ناقلاً بحّة عاشقة تتوارى خلف كبريائها، لكن العاشق يتلمس كدمات الوجع واشتياق اللمسة الحانية، يرى بعين القلب ويسمع بأذن اللهفة شجن الروح العطشى للقاء، ربما في حرف (الحاء) تموج دمعة وحين يلتصق الباء بالشفتين يهطل مطرا، ربما حين تمتد (الخاء) هاربةً من (الواو) تكون (الفاء) ضمّة آهة عرّشتْ على الشفتين وسكبت أنينها (خوفا).

أقول أنا القارئةُ السّكرى ربما، ولكن العاشقة الغضبى من انكشاف سترها تواصل جدالها.

* صوتي، كدمات، أي هراء تنطق به، سأغنّي لتسمع كيف هو صوتي صادحٌ مغناج، ولن تسمع رنّة حزنٍ واحدةٍ، كدمات في صوتي، من أينَ خطرت لك هذه الفكرة الغبية!؟

– يواصل هو نشيد محبته، يتأمل حزنها ولا يخاف هذا الجدال.

أعرفه حزنك 

 وصوتك الصادح سيهمي بكاء، هذا حضني فاختبئي واذرفي كل الحزن، سيغدو صوتك رقراقا مثل نبعٍ صافٍ، وسنغني معا:

– أعرفُ حزنكِ
من الكدماتِ الواضحة
 في صوتكِ

* أعرفُ حزنكَ
من الكدماتِ الواضحةِ
في صوتكَ

يتوحد النشيد يغدو صلاة، ولي أن أترك فضاء البوح لعاشقين يثملان بخمر الحبّ.

مقالات ذات علاقة

ابتسامة ساخرة في وجه الألم!

غازي القبلاوي

السرد والمقاومة: بناء الوعي الوطني في الخطاب الروائي الليبي

المشرف العام

ما بعد الجدار

نورالدين خليفة النمر

اترك تعليق