أحست بأنها ميتة .. كأنها خرجت من تابوتها واقتحمت الحياة .. لا تملك غير الركض والبحث عن حبيبها .. لا تشتهي في هذا البرد .. وتحت هذا المطر غير أن ترتمي في أحضانه .. أن ترفع عينيها لتجد الدفء في عينيه .. انتظرته طويلا .. لكنه غاب عن الموعد .. فتركت له على طاولة في ركن منزو بمقهى نصف مظلم ورقة صغيرة .. كتبت فيها : حين تصلك ورقتي ضمها إليك .. إنني يا حبيبي لا أرى السطور خلف دموعي الغزيرة .. لا يوجد في رأسي غير كلمات الألم .. ولم أتمن يوماً ضمن أمنياتي العديدة أن أكون ورقة .. أن أتحول بقدرة خارقة إلى مزقة ورقة .. ميزتها الفريدة أن تحضنها يديك ..
رشفت قهوتها وواصلت تكتب : تركت لك بعض من قهوتي .. أشرب مباشرة .. عند أذن الفنجان تركت لك قبلة ..
غادرت المقهى فيما أعقبها النادل يجمع بقايا الأكواب والفناجين وعقب السجائر ولفافات المناديل وقصاصات الورق ليرميها في سلة القمامة