كان جيفارا يقول: أحب دائما مرحلة ما قبل الانتصار.. هذا قول مأثور، ويعني أن ثمة حسومات أخرى لا تقل أهمية وجوهرية عن الحسم العسكري في أزمان تفجر الثورات.
الحسم الأخلاقي، والحسم الثقافي، والأخير ربما تكون له الحظوة الأولى، لأن الأول لا يتم إلا به، ولأن عدم حدوثه لا يقود إلا إلى مرحلة انحطاط وتردي كبير يشمل كافة زوايا الحياة.
وهذا ما حدث، فالمؤسسة الثقافية في ليبيا التي لم تكلف نفسها عناء حتى نشر خبر نتائج هذه الجائزة المهمة لانشغالها بهدر الأموال وبتتبع ونشر صور رئيسها على نحو يدعو للاشمئزاز والغضب، وعلى نحو فاق حتى ألبومات المغنين والمغنيات (يمكن للمرء إحصاء أكثر من 500 صورة للسيد رئيس الهيأة الى مدى الشهرين الماضيين).
جائزة أحمد الفقيه للرواية انطلقت في زمن شرس مثخن بهدير القنابل وبالأدخنة واليأس، وعلى يد مبادرة خاصة أهلية من موقع بلد الطيوب العريق الذي يشرف عليه الشاعر رامز النويصري، وقد لاقى ترحيبا وتعاونا من شخصيات محترمة صادقة تطوعت لعمل مضن لأشهر، وفِي صمت، الناقد الكبير الأستاذ عبدالحكيم المالكي والروائية عائشة الأصفر، وربما نتذكر ذلك اليوم حين قفز السيد رئيس الهيأة لينهش تفاحة المنجز، حين شاهدناه يلبس عباءة عراب الجائزة يوم الإعلان عن انطلاقها، ثم يختفي هو وحاشيته، وكأن مهرجانات الصور لم تشبع نهمه للظهور.
هذه المؤسسة يجب أن تحاسب حسابا عسيرا عما اقترفته، وما تقترفه في حق شعب مثخن بالجراح والضياع، وخارج توا من أتون حرب أهلية لعينة، ولا تزال تطرق عليه الأبواب برعب لا مثيل له. هذه المؤسسة التي لم ولا ترقب في الناس والكلمة إِلاّ ولا ذمة.
الشكر للقائمين على إدارة الجائزة، وللجنة التحكيم الموقرة على جهودهم، وأصدق التهاني للفائزين بالجائزة، والأمنيات الخالصة لمن لم يحالفهم الحظ بفوز آر قريب، ولا خسارة مع الإبداع.