طيوب البراح

فراشة الصومال الحزينة

مهجة الأصفر

من أعمال التشكيلية حميدة صقر.
من أعمال التشكيلية حميدة صقر.


لا تقولي أنك خائفة
كفراشة تخشى المطر
وفي أعماق البحر باتت روحُ متحدية…
وفي الصومال أم باكية
عينان سوداوان أنهكتهما التحديات
شفتان جافتان لم تذق المياه النقية ولا القبلات
ذاقتا المر كمر البقاءِ في مدرسة تقزم الطموحات..
تجعل منك قطره ماء صغيرة.. وأنت مطر واسع الضياء
تبكّيك.. تحبطك.. تجعلك كدمعة العداءة سامية التي بللت الكتاب..
تسلب منك سعادتك.. كفقدان سامية لأبيها
قتله عزيز مغسول الدماغ
وجه نحيل.. وجه حزين تملأه خيبة أمل تعيسة..
كخيبة أمل هودان في مقديشو..
أصابع مجروحة من الحفاء
كجناحي نسر آدلا
مكان متعفن كعلبة سردين انتهت صلاحيتها
سجن مريبٍ كفلم finders keepers..
شعر أشعث كدمية روز ماري.. بل أخشن بكثير..
كفان ناعمتان كراحة وليد
مركب متهالك بشراع مثقوب..
قيء مقزز كرائحة جثث متحللة..
عطش و شمس حارقة..
غربان حائمة تشجع عزرائيل
جدران متآكلة..
محمد فرح ابتسامته تبعث الطمأنينة…
وعلي بعينيه الصغيرتين المتلألئتين في جوف الليل بصيص نور..
برقع أسود يكشف العينين ويخفي وجهها
ظلم وقع في مقديشو والعالم بأسره..
صرخات متتالية..
ملعب تدريب متهالك
رمال صفراء كبقرة فاقع لونها..
نظارة العجوز.. شظاياها زجاجة نبيذ كسرها عربيد…
بين شوارع بون وبرلين
تنهد وغضب شديد
أيها السافلين أيها الأوغاد المهربين أيها النخاسين
نحن عرائس بحر ولسنا رقيق ماء
سامية…
تحلق عالياً تطلق العنان لروحها..
تفتح كفيها..
الآن انتصرت.. ها أنا في ايطاليا.. ها أنا في أرض الحرية..
ها أنا سعيدة.. ها أنا اركض نحو الملاعب..
ها أنا اركض أركض ولا أتعب…
تخلصت من الجبن.. و من الرائحة النتنة..
ابتسامه مشرقة كقمر ساطع…
بسمه تملأ روحها بالأمل..
تملأ.. جسدها بالطاقة نوع +..
تنطلق عبر البحر تسبح.. تسبح..
تسبح في مياه تجرفك بعيدا..
ولا تأتي بك مجددا..
أنف مسطح صغير…
قضمت أظافرها نتيجة قلق شديد..
شفتان بنفسجيتا اللون كزهرة الأقحوان..
حاجبان خفيفان كمقلم الأظافر…
كوعان سمراوان..
متيبستان..
مخدوشتان
لا يقدران على الحراك مجددا..
أظافر أصابع لينة متآكلة من مياه البحر الذي لا ينتهي..
متآكلة من شدة الملوحة..
منكبان إلي الأسفل..
عينان مغمضتان..
تري حلما جميلا…
كثبان تغطي الميناء..
سوق تختفي فيه الأرواح..
كل دقيقه كل ثانية..
يخسرون أباهم…
يخسرون.. أنفسهم..
الموسيقي هي تحمل العالم أصبح شيء مستحيلا..
أصبح شيء محظورا..
أصبح شيء محظورا كعنصرية الألمان..
كقراءة كتاب.. هتلر Mein kampft كفاحي
لم تعد هناك كتب تحملك إلي أفكار جديدة..
تثقفك..
تعمق فكرك..
تطور تفكيرك..
تنمي فيك الشعور…
تنمي أحاسيسك…
حسين نحيل..
ابتسامته مشعة..
أسنان بيضاء كبياض الثلج..
أنف مسطح..
عينان سوداوان..
كليل شتاء..
..قلبها يخفق..
تحسس بصديقتها الأثيوبية…
التي اغتصبت..
مسكينة فقدت نفسها من أجل الرحيل إلى مكان آمن…
إنه السفر…
إنها مغادرة البلاد… إنها الغربة..
إنه الألم الذي يعجز عن فهمه..
انه الشعور الذي يستحيل إخفائه..
الرائحة النتنة…
ترحل معها في كل أرجاء…
ندمت ندمت..
رطمت رأسها في الجدار المتآكل..
لو كنت قد ذهبت مع أختي هودان
أنا سامية الحزينة الآن.. أنا الرياضية التي تتحول إلى حيوان متعفن..
مثير للاشمئزاز..
مثير للتقزز…
تخرج منها الديدان…
وتخطف رجليها…
التي كانت تركض بها… في شوارع الصومال.. ومضمار الصين الأولمبي
تتذكر..
أسير..
في الملعب المتهالك…
أصير سعيدة…
في جوف الليل خلسة كعاشيقين في وطن متزمت
أسير في الظلمة اتحدي القدر…
انسي هذه الرحلة…
أري حلوى السمسم..
التي كنت أكلها…
محلية بالعسل…
قضماتِ من الذكريات…
كفقدانها “لي فالو” أعز الأصدقاء…
صديق منذ سنين اختفي..
في وهان الصين..
بات مخفيا لا أدري كيف…
هل هو الوباء.. أم مشكلة ما
أيها العالم اللعين…
أنت من سلبت مني شخص أحبه…
محفور اسمه في خيالي…
ولا ينسي حتى…
بعد آلاف السنين…
عينان صغيرتان كعيني سمكة…
شعرا لين كريش عصفور…
ابتسامة لا تفارق الوجه…
ابتسامة حزينة من المتاعب…
من الإرهاق…
عينان لا تفقدان الأمل..
تحيا جاهدة.. تحصل علي بضع من المال…
كي تعيش…
أنف صغير…
شارب كشارب قط…
كشارب حسين…
خطر علي شيء
فكرة تجول في بالي…
سوف تتلألأ النجوم.
سيلفظ البحر أمواجه سريعاً
إلي أن تعدو سامية مجددا..
طليقة حرة
تنادي بالحرية…
تمسك علما أبيض..
سلام..
استقرار..
طمأنينة..
تدندن أختها الفنانة هوادن..
حلقي يا سامية حلقي…أطلقي العنان..
هيا لا تستسلمي…
أعدي أعدي يا سامية حتى تصلين
أعدي كي تحصلين علي ما تريدين
أعدي حتى لا يمسكك الظلام
اعدي في سلام…
اسلكي اليمين..
اسلكي اليسار…
اجل وصلت.. وصلت حقا…
أنا حرة هنا…
محمد فرح يشجعني…
علي يهتف…
سامية أحسنت …
أبي :يقول إنها محاربتي الصغيرة
في معصمها قلادة القواقع المهداة إليها من أمها
عندما تكون على شاطئ مقديشو هدير البحر يدخل قواقع قلادتها ويغني لها:
لا تقولي إنك خائفة.


لا تقولي أنك خائفة عنوان رواية للكاتب الإيطالي جوزبه كاتو تسيلا. الرواية تحكي عن فتاة صومالية اسمها سامية تمارس رياضة الركض وتحقق أمنيتها في المشاركة في اولمبياد الصين وترفع علم بلدها الصومال الذي أنهكته الحروب وتغادر الصومال في رحلة هجرة غير شرعية للمشاركة في اولمبياد في بريطانيا لكنها لا تصل إلى الشاطئ الإيطالي وتغرق، لكن أحلامها بالتأكيد تكون قد وصلت وتحققت.

مقالات ذات علاقة

أمي

المشرف العام

ما بعد الخيبة

سمية أبوبكر الغناي

كان الأمل

سمية أبوبكر الغناي

اترك تعليق