مقدمة كتاب: التعابير الشعبية الليبية، (دلالات نفسية واجتماعية) للكاتب: علي مصطفى المصراتي1981م.
لكل أمة تراثها، حكايات شعبية، وأغاني شعبية، أمثال وحكم، رددها أباءهم وأجدادهم، وكانت مؤثرة ومعبرة في زمنهم، تناقلتها ألسنتهم، وضربوا لها الأمثال في حياتهم، وعبرت عن رؤيتهم الثقافية والاجتماعية والسياسية، واختصرت معاناتهم وصورت أفراحهم، ودونت معتقداتهم، ووثقت تاريخهم وفلسفتهم للحياة والمستقبل، والمتتبع للتراث الليبي يجد الكثير من الأمثال الشعبية التي تعكس وجهات المجتمع في الجانب الاجتماعي والثقافي والسياسي، ويصور مراحل هامة في التاريخ الليبي وأدبه، ومع مقدمة كتاب التعابير الشعبية الليبية نستنشق عبير الماضي، والذكريات الجميلة، والأمثال القديمة التي لا يقترب الجيل الجديد منها أو يجهل مضمونها وروافدها.
ففي المقدمة عنوان (إثارة وإنارة) إثارة للكتاب في موضوعه الجديد عند القارئ، وإنارة لمعاني الأمثال والإرث الشعبي الليبي، ومكانته الاجتماعية والأدبية، والدلالة النفسية المؤثرة على المجتمع، جمع العنوان الاختصار ودلالة المعنى للكتاب، وجمال اللفظ والمعنى، وانطلاق القارئ الرغبة في القراءة، وكانت الافتتاحية المقدمة بقول الكاتب مصطفى المصراتي الآتي: (نقدم هذا الكتاب الذي ندرس فيه جانباً من تراثنا الشعبي من حيث الدلالة التعبيرية، ونستعرض بالدراسة الجوانب النفسية والاجتماعية لهذه التعابير العربية ذات الطابع الأصيل المتأصل النابع من أعماق الشعب ووجدانه والاهتمام بهذه الدراسات من ألوان الأداء التعبيري من أجل البحث عن مقومات وكينونة الأصالة العربية) فالكتاب يسير في الاتجاه الأول وهو الدراسة الدلالة في التعبير، وتشمل الكناية والاستعارة والمعنى البلاغي، والاتجاه الأخر يدرس الأبعاد الاجتماعية والنفسية للتعابير الشعبية، فهي دراسة شاملة للتعابير الشعبية الليبية تدل على ثقافة الكاتب المتميز مصطفى المصراتي الذي ملك ناصية الموضوع، والحفظ للتراث الليبي، وإبداعه اللغوي والفكري في الكتاب.
يقود الكاتب قارئه بكل جدية ونشاط في المقدمة قائلاً: (والتعابير الشعبية في المجتمع والأدب الشعبي في بلادنا هو حصيلة تجارب وذخيرة نتاج الحس والاحساس الجماعي. فهذه الأساليب والتراكيب والأنماط من التصور التي قام بصياغتها العقل الشعبي في ثقافته المستمدة من صميم الحياة هذه التعابير والأمثال والحكم والمأثورات والحكايات والمحاورة والمداورة فيها عفوية الصدق فهي من خصائص التعابير الشعبية) وهذه خصائص التعابير الشعبية حيث تستمد أصولها من الواقع الحياة، والتجربة الشخصية والجماعية وتؤثر في الأخرين بمستويات مختلفة وينتج عنها التعبير الموجز والمختصر الذي يتداول بين الناس، فالكاتب مصطفى المصراتي ينبه القراء إلى أهمية الموضوع وقيمته وأثره على الأفراد والجماعات وثقافاتهم المختلفة.
إن العقل الشعبي خصائص لغوية وأدبية تتسم بحلاوة لفظه، وقوة إيقاعه، وحسن معناه، وتأثيره على السامع في مختلف مستوياته العلمية والاجتماعية، وفي ذلك يقول الكاتب: (خصائص التعابير الشعبية يظهر فيها عند الدراسة والإبانة صراحة الأسلوب الشعبي، ووضوح الهدف والاتجاه فهي على مختلف أنماطها وألوانها ومراحلها حقيقة خميرة الثقافة وترجمة معبرة عن حياة الشعوب وآلامهم وأمالهم، وعلى درب العطاء الثقافي للتعابير الشعبية هناك مقومات وخصائص وملامح وركائز مميزة لهذا الأسلوب الأدبي) يريد الكاتب أن تصل رسالة لقارئه مفادها أن التعابير الليبية الشعبية كنز أدبي وتراث نقي، ومادة علمية علينا الحفاظ عليها واكتسابها الدراسة الاجتماعية والنفسية والأدبية واللغوية، فهي تربط الأجيال الماضية والحاضرة وتصور أحوال العامة والخاصة، وتقرب أهل المدن بعضها ببعض، إنها مقدمة الأصالة الليبية والعربية التي تجمع أخبار أمة في أمثالها الشعبية، فهل يدرك القراء هذه المعاني السامية؟
وهناك ملاحظات قيمة في المقدمة كقوله: (وإزاء مجموعة التعابير –التي بصدد عرضها ودراستها – في هذا الكتاب يلحظ المتأمل عند المقايسة والمقارنة أن بعض التعابير والأمثال الشعبية في تصورها ومضامين أهدافها – يكمل بعضها بعضاً في تناسق الصورة للمجتمع، ونسق التصوير، وانسجام الشخصية العربية في احساسها ومشاعرها، ويشرح بعض الأمثال بعضها، أو يتصل بعضها ببعض في إطار التصور والرسم التعبيري) عند التأمل في النص السابق نرى الاتجاه العلمي في دراسة الكتاب فصاحب الكتاب وضع التصور العلمي لدراسة الأمثال بالاستقراء والمقارنة بين التعابير الليبية الشعبية والعلاقة التي تربط التعابير بعضها ببعض، وتأثيرها في البيئة الليبية والعربية، وهذا الجانب النظري للمقدمة يفسره الجانب التطبيقي للكتاب الذي يضم العديد من التعابير الليبية وأثرها في الشكل والمضمون الأدبي.
قدم الكاتب القدير مصطفى المصراتي في المقدمة معنى التعابير الشعبية كقوله: (هي تعابير تصور حالات ومؤثرات وظروف اجتماعية عاشها المواطن العربي ومستويات وتعريجات فكانت كحصيلة ثقافية لكل حالة في المجتمع تعبيرها وأسلوبها وعصرها ومناخها، فهي كأسلوب ونصوص اجتماعية – عبر الأجيال والأحقاب –ليست مجرد مرآة جامدة بل هي.. نبض متفاعل متأثر، ومؤثر بالتالي تربية وسلوكاً) والتعابير الليبية الشعبية مرت أصحابها بالظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية مختلفة أفرزت نماذج شعبية تناقلتها الأجيال بعضها البعض.
تتنوع التعابير الليبية الشعبية في أغراضها الأدبية شأنها كشأن أغراض الشعر والنثر والأمثال في العصور الماضية يوضح الكاتب المتميز مصطفى المصراتي قائلا: (وإن كان يبدو من النظرة لبعض الأمثال وجوانب من التعابير ما يناقض أو يخالف بعضها بعضاً.. سلبية أو إيجابية، وتشاؤماً أو مرحاً.. وتديناً أو استهتاراً وابتذالا.. واعتزازاً أو إهمالاً.. وروحاً اجتماعية أو روحاً فردية هل هي تناقضات أم تأثيرات؟ ذلك أمر طبيعي عند ملاحقة ملاحظة الحقب والأجيال والأطوار التي تكونت فيها الحصيلة الثقافية لهذه التعابير أو تلك.. فهي كحصيلة ومواد ونصوص ودلائل صنعت عبر أحقاب وأجيال وقرون، فهي وليدة مراحل) زمنية مختلفة وينبغي أن نقف عندها، ونقوم بالدراسة التنوع في التعابير الليبية الشعبية حتى نصل إلى نظرة علمية وشمولية عامة للأدب الشعبي الليبي، ويظهر أهمية الموضوع كقوله )ومن هنا يمكن للراصد الفاحص معرفة التدرج أو الهبوط والاشراق أو الاسفاف من ناحية صياغة وأسلوب التعابير والأمثال فهي سجل نابض زاخر وهي رصد صادق) فالكاتب وضح مسئولية الباحث والدارس للمتتبع التراث الدقة والمتابعة للتعابير الليبية الشعبية ؛ لأنها تعبر عن المجتمع ويكرر ذلك في أماكن متعددة من المقدمة كقوله: (وهو لون لا يخلو منه أدب شعب من الشعوب أو فكر أمة من الأمم ذات الحضارة) والأمة العربية لها من التعابير الشعبية الكثيرة التي تصور حياتهم، وفي ذلك يقول: (وعند أمتنا العربية على مختلف المراحل وتعدد الأقطار والأمصار هناك.. عبر التاريخ الاجتماعي – ثروة طائلة من الأدب الشعبي له خصوبة في جوانب الأداء التعبيري، وهو من أخصب الأسهم في هذا المجال ثراء وعطاء) فالكاتب يرشد القراء إلى العودة للتراث الشعبي والنظر في روافده الأدبية والاجتماعية والنفسية وغيرها، نراه يقول في ذلك: (حصيلة أجيال، وتراكمات أو ميراث عصور وعهود في هذه التعابير صدق الأداء بلا مواربة، وعفوية الألقاء بلا مماحلة، وفصاح العطاء بلا معاضلة) في المقدمة كنوز لغوية وعفوية الكلمة، وصدق العبارة، أصدرها الكاتب تحمل مدلول لغوي دقيق يرتبط بمحتوى الكتاب، فمعنى ( مواربة: طريق ملتوية في الكلام، ومعنى مماحلة:.. جادله، وأخيرا معاضلة تعني عاضل الكلام عقده وصعبه، وهذه الدلائل في المعنى منحت المقدمة رصانة الأسلوب، وصحة اللغة، وتثقيف القراء وزيادة أرصدتهم اللغوية.
أبدع الكاتب مصطفى المصراتي في مقدمة الكتاب، جمع اللغة والبلاغة في سطورها، ونرى ذلك في مواضع كثيرة فيها، فهي زاد لأهل العلم والتاريخ واللغة والأدب، والاجتماع والبيئة الاجتماعية وغيرها، ونذكر منها: (من خصائص التعبير حدة النبرة كالنصل المرهف، وسبر الغور، في إيجاز ليس فيه ملل الإطالة ولا اقلال الاقتضاب، بل من مميزات أسلوب التعابير وتراكيبها دلالة المقتضي بلا سربلة ولا مماحلة التكلف بل هي كلمة..شبه ومضة) يدل النص على قوة براعته في استخدام اللغة وطرق المفردات اللغوية، والرفع من المستوى الثقافي للقراء.
ويضيف الكاتب قائلاً: (عبارة تنطلق في أحاديث الناس ركيزة، أو مسنداً واستشهاداً الشواهد تحكي خلاصة هي حصيلة تجربة وخبرة مشوار للإنسان. قد تأتي العبارة المأثورة في دندنة تطريب أو آهة التياع، أو دعوة متبتل أو فكاهة ساخر أو دعابة مرح.. أو همهمة من فارس في حلبة، أو مزحة بين خلان… أو تحنان أم.. عتاب حبيب، أو غضبة متشنج متوتر، ومن خلال التصوير التعبيري ومناهج الصور تلمح في نصوصها حقيقة: البيئة سواء البيئة الطبيعية، أو البيئة النفسية، أو البيئة الثقافية، تلك التأثرات والمؤثرات الدالة على التفاعل الثقافي في ازدهاره وذبوله وجيده وما دون جيده) أعطت المقدمة مفاتيح الكتاب، وأسس التعابير الليبية ودقة التصنيف في الفن الليبي الشعبي، والمناسبة التي قيلت فيها، والبيئة وأثرها في الأمثال.
وأضاف الكاتب في المقدمة مقومات التعابير الليبية الشعبية في قوله: (وجماليات العبارة ولأمثال الدارجة والمأثورات المتداولة تكمن في بلاغة جمالها من حيث:
جماليات الأداء، وروعة التصوير حتى في المتقزز أو الساخر أو التهكمي من التعابير، أهمية الاقتباس والاستنباط وعملية التوالد وقابلية الاستنبات والتكاثر في ساحة التعابير، العفوية والاعتماد على الطبيعة والفطرة التي هي ينبوع الحياة) أحسن الكاتب الفصيح والمحب للغة العربية والإخلاص للتراث بلده أن يجمع التراث ويغذي الأجيال بوجبات فكرية تمنح القوة في التجديد والتطوير للأدب، والمرونة في البحث والتأصيل، وأرى أن القارئ لن يترك المقدمة حتى يرتوي من الكتاب وصفحاته المتنوعة للتعابير الليبية.
التفاعل مع القارئ في قراءة المقدمة من مميزات الكاتب المتألق والمبدع مصطفى المصراتي، ولذلك فهو يتابع ويحلل ويستنتج أفكار القراء، ويطرح التساؤل الآتي: (لماذا هذا الاهتمام والعناية بالتراث الشعبي ودراسة التعابير؟ أسئلة تطرح في دائرة التثبت أو تطرح في دائرة التخوف وترد لدي التوجس أو خوفاً واشفاقاً من الانزلاق إلى ضيق الحيز – أو ضيق الأفق.. يطرح السؤال.. وما أكثر المطروحات في عالم التراث والمأثورات) إنها إثارة السؤال وإنارة الجواب على الأسئلة الكثيرة التي تدور حول التعابير الشعبية الليبية بين الناس واختلاف الرؤية والنقاش حول موضوعها،وفي ذلك يجيب الكاتب قائلا: (إننا نجد في التراث الفني والأدبي الوحدة الفكرية في المشاعر والأحاسيس، والأمة العربية عبر التعابير الشعبية تكمن فيها معالم وحدة الوجدان والتصور، وهي تعابير ونتاج نابعة من الجدور والأصالة فيه الانتماء إلى أمة العرب والثقافة والحضارة الإسلامية) وأرى أن الاهتمام بالتعابير الشعبية الليبية هو اهتمام بالأصالة الليبية والوقوف على المستوى الثقافي والأدبي عبر بوصلة الزمن الذي يعبر عن حالته النفسية والاجتماعية والتاريخية يستند الباحث والمثقف على أرضية التراث لرسم ملامح شعب وفلسفته العميقة حول الحياة.
يبرز الكاتب قيمة التعابير الشعبية كقوله: (فقيمة التعبير الشعبي سواء أكان مثلاً أو كناية كنص أو مادة للدراسة والتفحص والتأمل للدلالة.. لابد من أخذه بفطرته وعفويته والحفاظ على إطاره كما هو.. (هويته في ذاتيته) من ناحية الأسلوب والنص يؤخذ نصاً ونقلاً وسماعاً، ورواية من غير تحريف ولا تبديل، وقديماً قالوا-وانصفوا في القول الدراسي والقانون العلمي والمنهج القويم، (الأمثال لا تغير) حفاظاً على الإيقاع والمضمون والمحتوى.. كدلالة ونص ثقافي ومرحلة اجتماعية) وتاريخية لليبيا والوطن العربي.
وينتقل صاحب المقدمة إلى أسباب اختياره عنوان الكتاب بالتعابير الشعبية الليبية قائلاً: (موضوع العرض والدراسة هنا التعابير الشعبية الليبية، والتعابير الشعبية كمصطلح ودلالة أكثر شمولاً من كلمة الأمثال فيها معان وموضوعات أكثر فالتعابير تشمل – الكناية –والحكمة – والقول المأثور – والمثل السائر – والقول المرتجل – والشاهد – والقادم عبر القرون – التعابير في إطلاقها أكثر شمولاً فالعنوان يتضمن الأمثال الشعبية وغيرها من فنون التعابير وصنوف عالم الأمثال والأقوال – فالمثل الشعبي هو فرع من فروع التعابير وشكل من أشكاله) ففي العنوان دقة علمية، وفطنة اللبيب، ودراسة محكمة لمنهج الكتاب.
كانت جهود مصطفى المصراتي كبيرة حول الاهتمام بالتعابير الشعبية الليبية، وجمع المادة العلمية تتضح بقوله: (ها هي الدراسة بين يدي القارئ أو القارئة للعربية في هذه الفصلات التي تتناول بالعرض والتحليل لموجز ألواناً وأنماطاً من التعابير الليبية العربية لأنواع مختلفة من الموضوعات الحسية والمعنوية والتي تتناول مختلف دروب الحياة الاجتماعية هي ذات دلالة نفسية اجتماعية، ومواد للتاريخ الاجتماعي، فالتعابير بطبيعتها تتناول كل مقومات الحياة بأبعادها ومتسع آفاقها) والكاتب يرشد القراء إلى القيمة المتعددة في دراسة التعابير الشعبية الليبية في عدة جوانب منها العلمية والثقافية والأدبية والتاريخية.
تصل المقدمة إلى شرح تفاصيل الكتاب وأبوابه ومباحثه العلمية حتى تيسر على القارئ الدخول إلى عالم الكتاب ويقول الكاتب في ذلك: (ويلحظ القارئ إننا جعلنا لكل فصلة في الكتاب فرشة تمهيدية موجزة عن موضوع الفصل حتى يتسنى له أن يربط ما بين النصوص التي أوردناها، وهي دراسة حاولنا أن نجعل عرض ودراسة التعابير ونصوص الأمثال حسب الموضوعات لا مجرد سرد معجمي بل ترابط موضوعي وهي عملية أكثر صعوبة في الاختيار والتصنيف والتعليق) إنه جهد كبير ووطني في خدمة التراث الليبي، يتصف بالوضوح والمنهجية التي تخدم القراء والأجيال المتعاقبة، وهذه الرؤية البعيدة المدى تمنح سلم الثقة بين الأجيال والقراء مختلف أصنافها وتعدد اتجاهاتها.
وفي المقدمة ذكر الكاتب حصر التعابير الشعبية الليبية بقوله: (وحوى هذا الجزء ما يقرب من ألفين _ 2000 _ من التعابير العربية الليبية وقد تنوف، فقد تداخلت بعض التعابير تناولت الموضوعات التربوية والفنية وعوامل العطاء والإبداع وغير ذلك من العوامل، عشرة فصول في هذا الجزء والذي ستتبعه اسفار، ووضعت لكل جزء فهارس ومسارد منوعة للأعلام والبلدان والكتب والأديان والملل والعلوم والفنون والمهن والحرف والمصطلحات التي ورد اسمها في الجزء وهي مسارد لا بد منها للعمل العلمي الجاد تسهيلاً للقارئ وحدمة للدارسين الباحثين وطلاب المعرفة) كانت عملية البحث العلمي منظمة وميسرة للقراء، وواضحة المعالم، المقدمة تجدب المتلقي إلى ثنايا الكتاب، وتحيطه بالمتعة القراءة والاستفادة منها.
ويرشد الكاتب القراء إلى المصادر الكتاب التي اعتمد عليها قائلاً: (إن مجموعة النصوص والتعابير التي ندرسها هنا لم يتضمنها كتاب ولم يصنفها على هذا النسق والتناول مصنف، إنما هي تعابير شعبية سائرة دائرة تصيدناها من أفواه الناس لم نقرأها في مرجع كنص، قمنا بتسجيلها وصيدها وكان الصيد والقيد والتصنيف والتعليق عملية لا تخلو من صعوبة، وكان اهتمامنا بمتولية الكيف والموضوع والمضمونية لا مجرد السردية الكمية، هي في الدراسة شواهد ودلائل وليست حصراً تقييدياً) وهذه خطوات البحث الدؤوب والمتواصل والتأسيس للمادة البحث حتى خرجت للقراء مكتملة البناء تساهم في الرفع من شأن التراث الليبي بأصوله التاريخية العريقة.
وفي نهاية المقدمة يضع الكاتب الأهداف السامية وراء إعداد الكتاب فيقول: (ومن هنا التربية وتنمية الإحساس وبلورة الوعي نرفض ونزيح بعضاً من التعابير ذات الطابع السلبي والانهزامي والتشاؤمي، نرفضها كعملة للتداول في المشاعر، ونتقبل ما يصح أن يكون مادة فعالة مؤثرة لإنسان المعاصر الحامل لقيم الخير والحرية والعلم، والاحساس بجمال الحياة وقيمتها وحمل رسالة الإنسان الذي كرمه الله بالعقل وجعله مدنياً حضارياً بطموحه، خليفة الله في أرضه بالقيم والمثل والبناء) ويضع للقارئ لمسات أخلاقية في التأثر بالتعابير الشعبية ومكانتها في المجتمع، و نشر التعابير الخيرة التي تقود الناس إلى التفاؤل ونشر المحبة بينهم .
إن مقدمة المصراتي بحر واسع من اللغة العربية والتراث الليبي الأصيل، والانتماء للوطن والأمة العربية في وحدة لغتها، ومن واجبنا الحرص على قراءتها والاستفادة منها، ودراستها، والنظر في كنوزها الأدبية.