يتزامن هذا اليوم الـ10 من مايو الجاري مع حلول ذكرى رحيل السيدة “زعيمة الباروني” القاصة والأديبة والتربوية وإبنة المناضل التليد “سليمان باشا الباروني” أحد أبرز الأعلام اللذين كان لهم بالغ الأثر في الحياة السياسية والثقافية في القرن العشرين، فتقلد عضوية البرلمان العثماني وكان له باع في نظم الشعر…فتشرَّبت إبنته من معين علومه وخُلقه الخصب ليتفتح وعيها باكرًا ونتضج تجربتها مع الحياة.
ولدت السيدة زعيمة في بلدة جادو في جبل نفوسة عام 1910م ونشأت وترعرعت في كنف أبيها إذ حصّلت تعليمها الإبتدائي في إسطنبول في تركيا ومن ثم عادت إلى ليبيا واستكملت دراستها باللغة العربية وعلومها، وطافت مع والدها أثناء تنقلاته المتعددة في البلاد العربية وغيرها، وعقب وفاة أبيها قررت العودة مع عائلتها من العاصمة الأردنية عمان وأقاموا في طرابلس آواخر الأربعينيات ….وخلال هذه الفترة تحديدًا عام 1950م عملت كمدرِّسة للمراحل الإبتدائية وتدرّجت في السلك الوظيفي تباعًا وكانت عضوًا مؤسسًا وفاعلاً في جمعية النهضة النسائية التي ترأستها الإعلامية الراحلة خديجة الجهمي.
وقد كان لزعيمة الباروني دور ريادي في الحيوات الثقافية والإجتماعية في ليبيا آنذاك، إذ كتبت المقالة والقصة القصيرة تحت اسم مستعار كان (بنت الوطن) ونشرت باكورة أعمالها القصصية بعنوان (من القصص القومي) الصادرة عام 1958م وتُعد هذه المجموعة ثاني مجموعة قصصية تصدر في ليبيا بعد مجموعة (نفوس حائرة) للقاص الراحل عبد القادر أبو هروس الصادرة في عام 1957م،وتمتع قلم زعيمة الباروني بأسلوب قصصي شائق وبسيط ومن خلال أقاصيصها وظّفت آثار الجهاد الوطني وقيم رفعة الوطن وخراريف الجدّات الفلكلورية .
وفي هذا السياق أنتج في شهر رمضان هذا العام مسلسل (الزعيمان) الذي يخوض في محطات سيرة الراحلين سليمان الباروني وبشير السعداوي، ويحاول سبر خطاهما في تاريخ النضال الوطني …وفيه تُجسّد للمرة الأولى شخصية الراحلة زعيمة الباروني على الشاشة الصغيرة وقد لعبت دورها الممثلة الأردنية “نادرة عمران” بوجه من وجوه الإقتدار …ولعل الدور خصوصًا يجيء في إطار الاحتفاء بهذه الشخصية التي لاقيت ما لقيت من محاولات الطمس والإهمال طوال العقود المنصرمة، لاسيما للأجيال الجديدة وللاضاءة على مشوارها الحافل وإعادة التعريف بمنزلتها وحجم ما قدمته للمجتمع وللوطن.