عبدالقادر العرابي
كنا أطفالا نلعب لعبة (وبيس) في ساحة تتخللها بعض أشجار النخيل إلى الغرب من القرية، ليس ببعيد عن بيوت القرية الطينية التي تطل من فوق رابية مرتفعة عن تلك الساحة والتي كنا نلعب بها، وكانت مصلى لأعياد الفطر والأضحى.. كنا نختبئ وراء شجيرات النخيل عن ذلك الباحث عنا ونتحين الفرصة لابتعاده عن مكان (المحجة) لنعلن حجنا وفوزنا. وتحينت فرصة وانطلقت مسرعا لاحج، وكان ان اصطدمت برأسي براس ابن عم لي بكل قوة أحسست بدوار فيما كان هو يتقيا ويغمى عليه وأنا أيضا اغمي علي .
أفقت على رشات مياه ورائحة بصل وأنا في حجر أمي، ورفيقي في حجر امرأة أخرى تجري له نفس الإسعافات ونساء أخريات كلهن يسمين الله يتعوذن من الشيطان الرجيم: يا سيدي عبدالسلام يا سيدي حامد يا الصلاح يا أهل الله في كل مطراح..
دخلت عجوز مسيطرة قاسية الملامح وجلست بيني وبين رفيقي وقالت: احضروا لي نارا.
فغرف لها جمر من تنور بيتنا حلت حزامها وأخرجت منه بخورا رمته في النار فتصاعد دخانه ثم أوقفتني ورفيقي بخرتنا وهي تتمتم وقد عم الصمت وكأن كل أولئك النسوة قد ابتلعن السنتهن. سمعنا جلبة وولولة امرأة قادمة. كانت أم رفيقي التي دخلت وهي تولول وتلهث من الجري وما إن دخلت حتى تلقتها نظرات تلك العجوز فابتلعت لسانها ووقفت مكانها وصمتت. ظل الجميع ينصتون لتلك العجوز التي استمرت في تبخيرنا، وتلقننا قولوا بسم الله ونردد بسم الله. إلى ان انتهت من طقوسها وبخورها. .
اجتمعت نساء أخريات وظللن يتحدثن عن الشياطين وعن اللبس.. سمع صوت سيارة ابي اللاندروفر تتابعت النسوة بالخروج ولم يبقى غير تلك العجوز، دخل شقيقي يحمل قفة بها ما بها من فاكهة التين والعنب.. رآني أجلس في حجر أمي وقد تبللت بالماء سأل عن حالتي، قالت له أمي لقد مرض اليوم.. خرج وأخبر أبي.
دخل أبي، سلم على العجوز تركت أمي وذهبت إلي اخي حيث وضع القفة جلست أعطاني عنقود عنب، جلست آكله بينما دار حديث بين أمي و أبي والعجوز. طلب أبي من أخي الذهاب ومناداة عمي. خرج أخي فيما غادرت العجوز .
جاء الاعمام في المساء للمربوعة ونساء الأعمام، مع أمي كنت انتقل من قاعة لأخرى لتسقط الأخبار. طلبت مني أمي النوم لأننا سنسافر في الصباح في السيارة الحمراء.. استلقيت إلى جوارها مدت يدها وأخذت تداعب شعر رأسي وأذني إلى أن غلبني النوم فنمت.
استيقظت على صوت محرك اللاندروفر الحمراء وهي تسير على الطريق وهي سيارة أحد أعمامي، كان يقودها أبي ومعه عمي يتوسطهما شخص ثالث. أما في صندوقها الخلفي المغطى بغطاء كان؛ يسمى (القيطون)، فكنت أنا وأمي ورفيق الاصطدام وأمه ووالده، وامرأة أخرى وولدها، وهي أخت الشخص الجالس بين أبي وعمي.
كنت مستلقيا في حجر أمي، كانت أمي و الأخريات يرتدين الفراشيات، ولا تبين منهن إلا عين واحدة. سألت امي: إلى أين نحن ذاهبون؟.
فقالت أم رفيقي: إلى ودان، بلاد سيدي زيدان!
كنت أنظر من خلال خلفية (القيطون) المفتوحة إلى اتساع الصحراء باتساع الافق تقطعها السيارة والاسفلت يخرج من تحت السيارة. قبل الغروب وبعد استراحتين في الطريق للطعام والصلاة كانت السيارة تصل بنا إلى قرية ودان ونخيلها السامق.
وصلنا إلى جوار بيت، التف مجموعة من الأطفال حول السيارة نزل والد نطيحي.. حاول بعض الأطفال الصعود إلى السيارة منعهم وزجرهم فابتعدوا … فتح الباب الخلفي، نزلت أنا وأمي أولا ونزل الآخرون.
دخلنا إلى بيت له فناء فسيح.. تقدمت مجموعة نسوة يرحبن بأمي ومن معها.. مجموعة نسوة أخريات يقمن بأعداد خبز التنور الذي تفوح رائحته الطيبة في الأرجاء، وفي آخر الفناء أخريات يقمن بأعداد الطعام، فهناك قدران كبيران على نار حطب تتصاعد أبخرة منها وعبق مرق يختلط برائحة خبز. شعرت يجوع شديد.
المكان يعج بالحركة أطفال؛ أولاد وبنات يجرون هنا وهناك. يتصادمون ويتصايحون ويتعاركون، كنت أتتبع خطوات أمي، دخلنا للداخل جلست أمي ومن معها في غرفة مرتبة فسيحة، جلست إلى جوارها.. جلس الآخرون تقدمت امرأة طلبت مني ومن نطيحي والصبي الآخر ان نتبعها، تبعناها. خرجت بنا إلى الفناء، كان هناك الكثير من الصبية. تقدمت بنا إلى امرأة أعطت كل واحدا منا قطعة خبز ساخن شهي. أخذتها منها واستدرت لأعود لأمي وأكل خبزي. في باب البيت التقيت صبيا كان خارجا، خطف مني ذلك الرغيف وانطلق هاربا إلى خارج البيت، فانطلقت أجري خلفه و انطلق خلفي كل صبية الفناء يتصايحون …
ﺃﺧﺬ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺼﺒﻲ ﻳﻌﺪﻭ ﻭﺃﻧﺎ أﻋﺪﻭ ﺧﻠﻔﻪ، ﻭﺻﺒﻴﺔ ﺁﺧﺮﻭﻥ ﺻﺎﺭﺧﻮﻥ ﺧﻠﻔﻲ. ﻳﺪﻭﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻟﻴﺠﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﺼﻄﺪﻡ ﺑﻌﻤﻲ ﻭﻳﺴﻘﻂ. ﺗﻮﻗﻒ ﺍﻟﺼﺒﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﺮﺍﺥ، أمﺴﻚ ﻋﻤﻲ ﺑﻪ ﻭأﻮﻗﻔﻪ. ﻗﻠﺖ: ﻟﻘﺪ ﺳﺮﻕ ﺧﺒﺰﺗﻲ!.
ﻣﺪ ﺍﻟﺼﺒﻲ ﻳﺪﻩ ﺑﺎﻟﺨﺒﺮﺓ ﻧﺤﻮﻱ، ﺃﺧﺬﻫﺎ ﻋﻤﻲ فﺷﻘﻬﺎ ﻧﺼﻔﻴﻦ، ﺃﻋﻄﻰ ﻟﻜﻞ من ﻧﺼﻒ. ﻋﺪﻧﺎ ﻧﺠﺮﻱ ﻣﻌﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ. ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﺧﺒﺰﺗﻲ ﺇﻟﻰ ﺟﻮﺍﺭ أﻣﻲ.
ﺣﻞ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺗﺘﻮﺍﻓﺪ ﻋﻠﻰ ﻓﻨﺎﺀ ﻓﺴﻴﺢ ﻟﻠﺒﻴﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻻﺧﺮﻯ، ﻗﺪﻡ ﺍﻟﻌﺸﺎﺀ ﺟﻠﺴﻨﺎ لﻟأﻛﻞ ﻣﻊ ﺃﻣﻬﺎﺗﻨﺎ. ﺳﻤﻌﻨﺎ أﺻﻮﺍﺕ إﻧﺸﺎﺩ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺑأﻧﺎﺷﻴﺪ ﻭﺃﺫﻛﺎﺭ ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﻨﺎ ﻧﺴﻤﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺘﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺣﻀﺮﺓ.. ﻗﺎﻟﺖ ﺃﻣﻲ (ﺃﻣﺸﻲ ﻟﺴﻴﺪﻙ).
ﺧﺮﺟﺖ ﺃﺑﺤﺚ ﻋﻨﻪ، ﻭﺟﺪﺕ ﻋﻤﻲ ﻓأخﺬﻧﻲ ﺇﻟﻴﻪ. ﻛﺎﻥ أﺑﻲ ﻳﺠﻠﺲ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ، ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻥ ﺷﺒﻪ ﻣﻈﻠﻢ ﺗﺤﺖ ﺟﺪﺍﺭ ﺑﻴﺖ ﻣﻘﺎﺑﻞ لﻟﻔﻨﺎﺀ، ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻪ ﻭﺍﻟﺪ ﻧﻄﻴﺤﻲ ﻭﺭﺟﻞ ﺁﺧﺮ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺪﺧﻨﻮﻥ. ﺟﻠﺴﺖ ﺍﺳﺘﻤﻊ ﻭﻗﺪ ﻋﺒﻖ ﺍﻟﺠﻮ ﺑﺪﺧﺎﻥ ﺑﺨﻮﺭ ﺍﻟﺠﺎﻭﻱ، ﻭﺗﻌﺎﻟﺖ ﺃﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺑﺎﻻﺫﻛﺎﺭ. ﺍﻧﻄﻠﻘﺖ ﻧﻮﺑﺔ ﺻﺎﺧﺒﺔ ﻟﻠﺪﻓﻮﻑ (ﺍﻟﺒﻨﺎﺩﻳﺮ) ﻭﺍﻟﺼﺎﺟﺎﺕ.
ﺍﺭﺗﻔﻌﺖ ﻭتيرﺓ ﺍﻹﻳﻘﺎﻉ إﻟﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ، ﺫﻟﻚ ﺍإيﻘﺎﻉ ﺍﻟﺼﻮﻓﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻳﺘﺮﺍﻗﺺ.. ﻳﺘﺮﺍﻗﺺ ﺍﻟﺠﺴﺪ. ﺗﺼاﻌﺪ ﺍﻻﻳﻘﺎﻉ ﻭ ﺍﺭﺗﻔﻊ ﺿﺮﺏ ﺍﻟﺪﻓﻮﻑ. ﺃﺳﺮﻋﺖ ﻭتﻴﺮﺓ ﺍلإﻳﻘﺎﻉ، ﺗﻼﺷﻰ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻤﻨﺸﺪ.. ﺗﺘﻼﺷﻰ ﺃﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺮﺩﺩﻳﻦ ﻭﻗﻔﺖ ﺷﻌﺮﺕ ﺑﺤﺎﻟﺔ ﻛﻤﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻄﻴﺮ ﻓﺠﺄﺓ، ﻭﻗﻒ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ.. ﺟﻠﺴﺖ. ﺟﺎﺀ ﻋﻤﻲ ﻣﺴﺮﻋﺎ أﺧﺬﻧﻲ ﻣﻦ ﻳﺪﻱ ﺩﺧﻞ ﺑﻲ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ.
ﻭﺻﻞ ﺑﻲ إﻟﻰ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺍﻟﺤﻠﻘﺔ، ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺭﺟﻞ ﻣﺴﺘﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻩ ﻭﻫﻮ ﻳﺮﺗﻌﺶ ﻣﺮﺭﺕ ﺑﺠﺎﻧﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺍﻟﺤﻠﻘﺔ، ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺷﻴﺦ ﻭﻗﻮﺭ ﻳﻘﻒ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺘﺼﻒ، ﻭﺁﺧﺮ ﻓﻲ ﻳﺪﻩ ﻣﺒﺨﺮﺓ ﻳﺘﺼﺎﻋﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺨﻮﺭ ﻋﺒﻖ ﺑﻪ ﺍﻟﺠﻮ. ﻭﺣﺎﻟﺔ ﺻﻤﺖ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻫﻤﻬﻤﺎﺕ ﺫﻛﺮ ﻭﺗﻮﺣﻴﺪ ﺧﺎﻓﺘﻪ. ﻭﺟﺪﺕ ﺭﻓﺎﻗﻲ ﺍاﺛﻨﻴﻦ ﻭﺻﺒﻴﻴﻦ ﺁﺧﺮﻳﻦ ﻣﺴﺘﻠﻘﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺟﻮﺍﺭ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮﺭﻫﻢ، ﺃﺷﺎﺭ ﻋﻤﻲ ﻟﻲ ﺑﺄﻥ ﺍﺳﺘﻠﻘﻲ؛ ﺍﺳﺘﻠﻘﻴﺖ.
ﺗﻘﺪﻡ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﺧﻠﻊ ﺟﺮﺩﻩ ﻭﻏﻄﺎﻧﺎ ﺑﻪ. ﻟﻢ ﻧﻌﺪ ﻧﺒﺼﺮ ﻣﺎ ﻳﺪﻭﺭ ﺣﻮﻟﻨﺎ. ﺛﻢ ﺑﺪﺃ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻳﻨﺸﺪ ﻭﺃﺧﺮﻭﻥ ﻳﺮﺩﺩﻭﻥ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻝ. ﺃﺣﺴﺴﺖ ﺑﻘﻄﺮﺍﺕ ﻣﺎﺀ ﺗﺮﺵ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺮﺩ، ﻛﺸﻔﺖ ﺍﻟﺠﺮﺩ ﻋﻦ ﻭﺟﻬﻲ. ﺳﻤﻌﺖ ﻋﻤﻲ. ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻲ: (ﺧﺶ)، ﻟﻢ ﺃﻫﺘﻢ ﻟﻪ.
ﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﻓﻲ ﻳﺪﻩ ﺇﺑﺮﻳﻖ ﻣﺎﺀ ﻳﺼﺐ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﻳﺪﻩ ﻭﻳﺮﺵ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺮﺩ. ﺑﺎﺩﺭﻧﻲ ﺑﺮﺷﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻲ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ. ﺟﻠﺴﺖ ﻭﻣﺴﺤﺖ ﻭﺟﻬﻲ ﺑﺎﻟﺠﺮﺩ. ﺃﺣﺴﺴﺖ ﺑﻴﺪ ﺗﻤﺴﻚ ﺭﺃﺳﻲ ﻭﺗﻌﻴﺪﻧﻲ ﻟﻼﺳﺘﻠﻘﺎﺀ، ﻛﺎﻧﺖ ﻳﺪ ﻋﻤﻲ ﺳﺤﺒﺖ ﺍﻟﺠﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻲ. ﻻﺣﻤﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ.. ﻭﻳﺴﺘﻤﺮ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﻛﺮ. ﺛﻢ ﺑﺪﺃ ﺿﺮﺏ ﺍﻟﺪﻓﻮﻑ ﻭﺍﻟﺼﺎﺟﺎﺕ، ﺟﻠﺴﺖ أﻋﺎﺩﻧﻲ ﻋﻤﻲ.. ﻭﻗﻔﺖ ﺳﺤﺒﻨﻲ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺇﻟﻴﻪ، أﻭﻗﻔﻨﻲ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﻭﻭﺿﻊ ﻳﺪﻳﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻔﻲ. ﺻﺮﺥ ﺭﺟﻞ ﻭﻭﻗﻒ ﻗﺒﺎﻟﺔ ﺻﻒ ﺍﻟﺪﻓﻮﻑ ﻭﺑﺪﺃ ﻓﻲ ﻫﺰ ﺟﺴﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺇﻳﻘﺎﻉ ﺍﻟﺪﻓﻮﻑ ﺛﻢ ﺍﻧﻀﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﺁﺧﺮ ﺗﺼﺎﻋﺪ ﺍﻻﻳﻘﺎﻉ، ﻭﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺍﺳﻤﻊ ﺣﺘﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﺸﺪ ﻓﻮﻕ ﺭﺃﺳﻲ.
ﺍﺭﺗﻔﻌﺖ ﻭﺛﻴﺮﺓ ﺍﻹﻳﻘﺎﻉ، ﻗﻔﺰ ﺭﺟﻞ ﺑﺪﻳﻦ ﺃﺳﻤﺮ ﻭﺃﺧﺬ ﻭﻳﻬﺰ ﺟﺴﺪﻩ ﺃﻣﺎﻣﻨﺎ ﻣﻐﻤﺾ ﺍﻟﻌﻴﻨﻴﻦ. ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﻕ ﻭﺍﻟﻠﻌﺎﺏ ﻳﺘﻄﺎﻳﺮ ﻣﻨﻪ. ﺛﻢ ﺻﺮﺥ ﺑﻘﻮﺓ، ﻓﺼﺮﺧﺖ، ﻭﺍﻟﺘﻔﻔﺖ ﻻﺣﺘﻤﻲ ﺑﺎﻟﺸﻴﺦ. ﻻﺣﺖ ﻟﻲ ﺛﻐﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺣﻮﻟﻨﺎ ﻗﻔﺰﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ. ﺣﺎﻭﻝ ﺷﻴﺦ ﻛﺒﻴﺮ ﺟﺎﻟﺲ ﺍﻹﻣﺴﺎﻙ ﺑﻲ ﻓﻔﺘﺢ ﺫﺭﺍﻋﻴﻪ ﻗﻔﺰﺕ ﻓﻮﻗﻪ ﺳﻤﻌﺖ. ﺻﺮﺧﺔ ﻋﻤﻲ. ﻟﻢ ﺃﻫﺘﻢ ﺧﺮﺟﺖ أﺟﺮﻱ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﺚ ﻭﺍﻟﺪﻱ ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ ﺟﻠﺴﺖ ﻭﺭﺍﺋﻪ، ﺟﺎﺀ ﻋﻤﻲ ﻟﻴﺎﺧﺬﻧﻲ. ﺍﻣﺘﻨﻌﺖ.. ﺍﻟﺘﺼﻘﺖ ﺑﻈﻬﺮ أﺑﻲ . ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻣﺮﻩ أﻥ ﻳﺘﺮﻛﻨﻲ. ﻓﺘﺮﻛﻨﻲ. ﻭﻋﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ.
ﺍﺳﺘﻠﻘﻴﺖ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ أﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﺼﻴﺮ لأﻓﻴﻖ ﻭﺃﺟﺪ ﺃﻧﻨﻲ ﻣﺴﺘﻠﻖ ﻓﻲ ﺣﺠﺮ أﻣﻲ ﻓﻲ ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺍﻟﻼﻧﺪﺭﻭﻓﺮ، ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺨﺘﺮﻕ ﺻﻮﺕ ﻣﺤﺮﻛﻬﺎ ﺻﻤﺖ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ. ﻭﻟﺘﺒﺪﺃ ﺭﺣﻠﺔ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ. ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺪﻧﺎ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻓﺄﻃﻠﻖ ﻋﻠﻲ ﻟﻘﺐ (ﺑﻦ ﻗﻄﻮﺱ)، ﻭﻫﻮ ﻟﻘﺐ ﻳﻀﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺯﺍﺭ ﺍﻟﺸﻴﺦ (ﺯﻳﺪﺍﻥ ﺑﻦ ﻗﻄﻮﺱ).
ﺑﻌﺪ ﻳﻮﻣﻴﻦ ﺻﺤﻮﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﻷﺟﺪ ﺧﻴﻄﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﻗﺒﺘﻲ ﺑﻪ ﺗﻤﻴﻤﺔ ﺟﻠﺪﻳﺔ.. ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺃﻥ ﺃﺭﺍﻫﺎ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺨﻴﻂ ﻗﺼﻴﺮ .. ﻫﺪﺩﺗﻨﻲ أﻣﻲ ﻭﺟﺪﺗﻲ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻧﺰﻋﺘﻪ.. ﺑﻘﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺨﻴﻂ ﻗﺮﺍﺑﺔ ﺃﺳﺒﻮﻉ. ﺇﻟﻰ ﺍﻥ ﺟﺎﺀ ﺧﺎﻟﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻟﺘﻘﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻗﺒﻞ أﻥ ﻳﺼﻞ ﺍﻟﻰ ﺑﻴﺘﻨﺎ ﻓﺮآﻩ ﺣﻮﻝ ﻋﻨﻘﻲ ﺳأﻟﻨﻲ ﻋﻨﻪ.. ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻓﻤﻪ ﺳﻴﺠﺎﺭﺓ ﺃﺧﺬ ﻳﻜﻮﻱ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺨﻴﻂ ﺇﻟﻰ ﺍﻥ ﻗﻄﻌﻪ، ﺍﺣﺘﺠﺠﺖ ﻭأﺧﺒﺮﺗﻪ ﺑﺘﻬﺪﻳﺪ ﺍﻣﻲ. ﻓﻘﺎﻝ (ﻗﻮﻟﻠﻬﺎ ﻧﺤﺎﻩ ﺧﺎﻟﻲ).
ﺃﻋﻄﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮﺓ ﻗﺮﻭﺵ ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺩﻛﺎﻥ (ﺣﻤﺪ).. ﻗﺎﺩ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺧﺎﻟﻲ ﺗﺤﻘﻴﻘﺎ ﻣﻌﻲ ﻭﻣﻊ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻟﻌﺒﺔ ﻭﺑﻴﺲ)، ﻭﺻﻞ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻨﺎﻃﺢ …
ﺗﻤﺖ