سيرة

محاولة القبض على سيرتي الأدبية!؟ (26)

هشام وشرف الدين ومحمد… 

مطر مطر وبحر طرابلس بلون ازرق غامق (لون الموضة للعام 2020)..

اليوم الإثنين 9 ديسمبر، اليوم العالمي لمكافحة الفساد، كان ثمة خيمة بميدان الشهداء والحمائم تنفض ريشها وتتهادى، كانت خطواتي تنهب الطريق وقطرات المطر تهطل وانيةً، في (شارع الوادي) تهبّ رائحة (السفنز) من مخبز على يميني فأدخل، رائحة الدفء والناس المتلهفة تنتظر (سفنزة بالدحي) لم تغريني اشتريت الخبز الأسمر الذي أحرص هذه الأيام على تناوله لأن (الكوليسترول) مرتفع، وهكذا أواصل المشي معبأة بالشوق والحنين لصديقات كنّا يمارسن تمردهن بالرقص تحت المطر على كورنيش طرابلس.

ميدان الشهداء بالعاصمة طرابلس (الصورة: عن الشبكة)

كان هدفي هو (سكن؛ مريم جمال جنى أحمد عيسى حلا الجديد)، الساحة الواسعة والسماء المكتظة بالغيم وتسلل أشعة الشمس ولفحة الهواء الباردة وصوت الزارزير أوقعاني في دهشة سمّرتني، تباطأت مشيتي عيناي سابحتان وأذناي تشربان صوت الهدوء والزرازير وقلبي يخفق بالوله وروحي سابحة في ملكوت.

(ربي يحفظ ويصون) سمعت صوتي يحيِّ أبًا يدلل خطوات ابنته إلى سيارة تنتظر (يصون عرضك ويحفزك أوخيتي)، هكذا تابعني صوته ببهجة وخطواتي تكمل أمتارا قليلة لأقف قدام باب الصديقة الشاعرة “مريم سلامة” التي هاتفتها وأنا بميدان الشهداء لتخبرني أنها تعود من مستشفى شارع الزاوية بعد مراجعة الأطباء وحتما سأجدها بالبيت، فتحت “مريم” وصوتها الهامس: أهلين حوا….

وقت مفعم بالفن والجمال، لوحات فنية تزين الجدران وأرفف غاصة بالكتب ومطبخ دافئ  تفوح المحبة من جنباته، أذان الظهر يرتفع و”حلا” الصغيرة تعود غاضبة من تطبيق العلوم المفاجئ ومن ثلاث تطبيقات ليوم الغد.

مريم تريد من زوجها الفنان الشاعر “جمال الجديد” أن يوصلني بالسيارة ولكن “حواء” تصر على الاستمتاع بهذا اليوم العبق برائحة المطر.

بومليانة، بومشماشة، وشوارع فرعية ومدرسة (على وريث) والشارع المكتظ بهم أولادنا الجميلون طلاب الثانوية، أصواتهم، مناكفاتهم، على يساري سور مقبرة (سيدي منيدر) وأنا مستمتعة بهذا الصخب، خطواتي المسرعة  تتمهل وأنا أتجاوز ثلاث منهم يتحاورون يضحكون واسمع جملة (أنتَ برجك الثور)، جدل مازح يجعلني أتلفت، لن أخبركم عن أناقتهم وتصفيفة شعرهم فعادة انا لا أنتبه لذلك، ولكنهم مفعمون بتلك الطاقة لشباب في السابعة عشر، وبدأت هدرزة عن الأبراج سألت كل واحد عن تاريخ ميلاده، ثور وعذراء وأسد، وبدأت أسرد معلوماتي عن عنصر كل برج…آه أنت ترابي أنت ناري… أنت كسول، أنت غضوب، أنت حنون، تعليقات قفشات ثم تعريف باسمي وذكرت أني…  فقال أحدهم (بوي كان في الصحافة)، من؟  “خليل الجهاني”. ااااه نعرف اسمه، و بااااااهي انتم شن سماكم؟ أنا “هشام”، وأنا “محمد” وأنا “شرف الدين”.

وعودة إلى (ميدان الشهداء)  ودخول إلى خيمة (خود خطوة)، خذيت الخطوة ودخلت ترحيب ومطويات وقبعة وقلم واستبيان عبأته وقمت بجولة لقراءة الملصقات التي تحوى كلمات أو مقتطفات من أقوال حكيمة لـ”ابن خلدون” من مقدمته ومن “غاندي” وآخرين، أخرج لحمام الميدان والأطفال الذين يركضون خلفه أو يهدأون وهو يتحلق حولهم ينثرون الحَبَّ والاهل يلتقطون الصور، والبحر بلونه الأزرق ورائحته المغسولة بالمطر  والعودة إلى سوق الجمعة.

مطر ومطر وحب

اليوم الأربعاء الساعة الأولى انتهت، أو انتصفت 11 ديسمبر 2019، والأحد كنا في الاحتفاء بالأيام الجنوبية، كتاب صغير تساءلت: أربع قراءات لكتيب صغير، لو أضافوا  كتاب (خلاصة) أيضا؟

كتاب الأيام الجنوبية للكاتب والأديب يوسف الشريف

هكذا كنت انقنق وأنا أقرأ الكتاب الذي قرأته مرات منذ أهداني إياه الأستاذ “يوسف“، ولكن لأعترف أني لم أجد النسخة المهداة فذهبت لمكتبة طرابلس التي أصدرت الكتاب فاشتريته، واشتريت نسخة من المجموعة القصصية (اعترافات أخرى) للحبيبة “نادرة العويتي”، وأيضا وجدت الكتاب الأول للشاعرة مريم سلامة (أحلام طفلة سجينة) فابتهجت، وزادت بهجتي بوجود كتاب عن الفلسفة بترجمة الدكتور “نجيب الحصادي” ومن إصدار مكتبة طرابلس أيضا، غنيمة عدت بها وكانت (الأيام الجنوبية) تفوح ببركة (أشراف ودان) الذين ساقوا لي هذه الغنائم من شعر وقصة وفلسفة، إذا  الكتيب الصغير وانا اقرؤه صار غابة متشابكة (وخالتكم حوا) تخبلت، وخطواتها  تكعبلت،  والغريب أنني غالبا ما أقع في هذا الفخ، فخ النص الإبداعي، كل مرة أختار مدخلا للقراءة، أقصد عرض الفكرة، وووو وجدت نفسي في ارتباك، بل خوف  كانت الساعة الثانية ظهرا و الأيام كأنها تعاندني، وأخيرا بدأت الكتابة، وووو كتبت بقلم حبر أزرق ثم أحمر، وأثناء الكتابة وإعادة قراءة بزغت شمس (خوي لامين)، انتبهت لدلالة هذا الاسم (خوي لامين) سيكتب في سيرته عن أبيه لكن سيقول (أبي)، وسيذكر امه ولكن (أمـي)، ولكن (خوي لامين) هكذا، التقطت هذه التيمة لأكتب بعجالة ولأصل متأخرة كعادتي فأجد الاستاذ “منصور بوشناف” يحيي الحاضرين ويبدأ قراءة ورقته من (اللابتوب) ثم  الأستاذ “رمضان سليم” بعرض شفهي متميز و لتنادي الأستاذة “أسماء الاسطى” واحدة من بنات “يوسف الشريف” المعنويات (بنت السانية “حواء القمودي“)، وبارتباك ونظارات وأوراق اقرأ هذه الكتابة وتكون ورقة الأستاذ “رضا بن موسى” ختام المسك الذي فاح في (بيت  نويجي) في أمسية مغسولة بالريح التي تهبّ من بحر غير بعيد عن قوس ماركوس، ولأحظى برفقة الشاعرة الرقيقة “حنان محفوظ” في عودتنا إلى (سوق الجمعة) هي قريبا من (سيدي الصيد) وأنا القريبة من (مكتبة سوق الجمعة العامة).

أمسية الأيام الجنوبية ورقة الشاعرة حواء القمودي

يا مكتبة المعارف

الثلاثاء وصباح مغسول بالمطر وقهوة تفوح (في الصباح مخلوطة بقليل من الحليب، وربع ملعقة صغيرة من السكر) واستعداد للذهاب لمكتبة (مركز جهاد الليبيين) ولكن المطر والجو المنعش ومزاج برجي (الجوزاء) جعلاني أتبع شوقي لمكتبة المعارف في شارع الاستقلال (التحدي سابقا، وقبل التحدي كان الاستقلال)، وليقيني أن عمي (رجب الوحيشي) هو سيد الصباح في مكتبته، بوجهه البشوش وابتسامته وفرحته التي سبقت خطواتي. هذرزة وأسئلة وحديث عن ما كتب الأستاذ “إسماعيل البوعيشي” و تاريخ المكتبة وحكايات عن الصحافة، حديث تمنيت ألا ينقطع لولا  دخول الزبائن  والوقت الراكض  فاشتريت نسخة اليوم من صحيفة (الصباح) وأربعة نسخ من مجلة (الأمل) وكراسة، وعودة لشارع (البلدية) و (ميدان الجزائر) ثم مكتبة (مجمع اللغة العربية) .

العدد 419 من مجلة الأمل

وفي (الإفيكو) الذي سأعود به التقى بنت جيران (السانية) وزميلتي بالصف الرابع الابتدائي (حوا) يااااااه يا مدرستي (حليمة السعدية) ويا (سانيتنا ) وبنات الجيران  وحكاياتنا.

مقالات ذات علاقة

محاولة القبض على سيرتي الأدبية!؟ (40)

حواء القمودي

للتاريخ فقط (23)

عبدالحميد بطاو

للـتاريخ فـقـط (4)

عبدالحميد بطاو

اترك تعليق